نصوص أدبية

من ذكريات حلم شجرة الموت

محسن الاكرمينحلم الوحش المخيف كان يراود مخيلته ليلا بالتقطع الزمني، كان الوحش بسيطا في هيأته وملففا بأغصان شجرة خريف نافضة. كانت تلك الشجرة تثير مكامن الخوف والهلع من تنوع جذورها التي اجتثت من فوق أرض ما لها من قرار. حلم تكرر مرات حين كان يتخيل الأرض تتهاوى في فج عميق، وهو يمسك يد أمه ولا يقدر على جذبها علوا. كان ذاك المكان خاليا من الأصوات المتداخلة، ومن لغو الطفولة، حتى من أتى معه إلى متسع الأرض النائمة ارتد رجوعا، الكل بات يخاف الانزلاق في الهاوية وقد يموت حيا.

في تلك الليلة لم يكن نومه مستقرا بغفوة ساكنة في الذات بأمل حلم الحياة، بل كان يشعر بألم داخلي واخز يحرك مشاعره، ويقض مضجعه. كان يشعر بأن تلك الشجرة العرجاء باتت تحتل سرير نومه و توقظه فزعا بخنق التنفس، أحس أن تلك الشجرة الشمطاء أتت لتسقطه في الثقب الأسود و الحزن الدفين.

في عمق أنفاسه غير المنتظمة وسهاد النوم، تيقن أن هنالك صراع حاضر بين الحياة والموت، وجد نفسه ينظر إلى الحياة من وراء النافذة الداكنة، تأكد أن روح أمه لن تنتظر زمنا ممتدا حتى تخرج إلى رحاب حياة الخلد.  في الرؤية الجانبية، كان للشجرة أيد خادشة لروح الحياة تنال منه فزعا ومن محيطه العائلي.

في غفلة من كابوس عملاق الشجرة الوارفة بفقر أوراق الربيع، شعر بماء النهر يتدفق بالصوت بين أصابع يديه، نظر إلى تلك الوجوه النكرة التي تغمرهم السعادة واللهو الباذخ، لكنه حين مد يده لماء النهر وجده أنه بارد ولا يبالي بمن يبتسمون على ضفته، بل قرر أن يستمر في التدفق دون مبالاة بمن يفرح أو يحزن. لحظة تبخر ماء النهر وانكشفت الوجوه النكرة بعري موعد الولادة والموت.

في غفلة من النوم الفزع، اشتم دخان شمعات انطفأت، لاحظ بين سيل الدخان وهو يعلو علوا متجها نحو منفذ النافذة، أقسم بغليظ الأيمان أن حماما أبيضا طار سماء وهو يبكي، حينها قفز استيقاظا وعلم بمصيبة موت أمه. من سوء متممات الحلم حين تخلص منه بالاستيقاظ، وجد أمه ألم أمه قد فارق الحياة.

***

محسن الأكرمين

 

في نصوص اليوم