نصوص أدبية

عبدالامير العبادي: عن الذي يبتلعُ البحرَ

عبد الامير العباديمع أني محاربٌ لدخانِ التبغِ

سيما حينَ يخرجُ من شفاهِ النساءِ

لكني الأشدُ إعجاباً بدخانٍ

يرسمُ خرائطَ متموجةً

أراها صورةً للبحرِ يعبثُ  به روثُ الحيتانِ

تدنسهُ أقدامُ القراصنةِ

 

القراصنةُ موجٌ يتدفقُ

يدنو لكلِ السواحلِ

يتربصُ بسيقانِ الزنابقِ

أو يطولُ عفةَ المسترخياتِ على الرملِ

هذا هو البحرُ يساجلُ الشمسَ

يدعوها أن تُزّورَ شهادتها

تدعو جفافَ نطقها الذي اكتوى

بحرارتها المفعمةِ بسرِ الموتِ 

 

قررتُ بعدَ خيانةِ أفخاذِ النساءِ

أراجيح العقلِ

تذبذبُ رداتِ فعلِ الريحِ

قررتُ أن أجمعَ ستائرَ الكونِ

أغطي بها كل عوراتِ أشجارِ الجمالِ

أعودُ أزرعُ بذوراً لا أحصدُ منها

إلا مليكاتٍ ظلالها يتجذرُ غصناً

غداً أتوهجُ له نسكاً وعبادةً

 

أمتحنتني دمدماتُ الشبابيكِ

أفتحها لعلني أكسرُ صريرَ

أبوابها

لي يقينٌ يقولُ : إنها تفتحُ

لوطنٍ بلا لصوصٍ

 

هنا لا أدري لِم َ تغادرنا

نشوة الأفراحِ

أو تتجمدُ موجاتُ أنهارنا

لنا عيونٌ يملؤها الجفافُ

وخزينُ قلوبنا أحزان 

 

بيني وبينَ النهرِ

عشقٌ أزلي

النهرُ الوحيدُ الذي يقتلُ

ويعلنُ العالمُ براءتهُ

هو الذي قتلَ أحبَ الناسِ

ابتلعتْ حيتانهُ أجملَ طيورِ اللهِ

لكن مع ذلكَ تؤطرهُ أجملُ

لوحاتِ الدنيا

 

النهرُ قديسٌ لكن لا معابدَ

أو أديرةً يصلى بها

أرائكه أمواجَ ليس لها مستقر

النهرُ له منصاتُ الكونِ

أينما حلَّ خطابهُ ، قصائدٌ

عن الحبِ

حورياته أحبارها حريةٌ

تحكي قصصاً لوطني السليبِ 

 

نحن المشترين لغزاً لاندركه

لنا الظنونُ مرتعٌ أعمى

يرهبنا فحيحُ الأفاعي

الأفاعي التي احترسنا من جحورها

تعودُ مراتٍ ،نهربُ موشحين

بتعاويذَ ،هي كذبةٌ نصدقها جزافا

  

يأكلُ آمالنا المصلوبة َ

في قرانا السليبةِ

لقد تمزقتْ بيارقنا

وسقطتْ أمتعةُ سفرنا

تركنا ما تبقى من متاريسِ

تزوقنا بهزيمةّ اعتقدنا

أنها انتصارٌ 

 

هاوية فضة تؤخذنا

أشعرُ ثمةَ هوسٍ

يجرني يبادلني آخرَ درسٍ

في تعاليمِ القُبلِ

لقد أنهيتُ قراءةَ كل تلكَ القصصِ

لكني أيقنتُ أن في أزمنةِ البؤسِ

لا تجدُ شفاها تتخلى عن هويةِ الجفافِ

 

أين هي أمكنة لا تتطفل

على خطى أسارى ينابيعَ الغرامِ

يالوقاحةِ التلمودِ الذي غرفنا منهُ

ويا لقساوةِ لغتهِ

تجمدُ كلما هزتنا عذاباتُ التيهِ

والقضبانِ

 

ويالوقاحةِ الجدرانِ تنكرتْ لأظافرَ

نُقشتْ عليها

تنهداتُ وآمالُ الشعراءِ

لكن حتفهم للحبلِ كان أسرعَ 

 

كيف تذوي الجذواتُ

تنسجُ منا العبر

حتى لنخال أننا غداً ننامُ

على أجملِ أرائك جنانِ اللهِ

لقد خسفتْ بنا التنهداتُ

ذوينا كالسرابِ ، وما علموا

كم هو حجمُ الخساراتِ

بقتلِ عشاقِ الحياةِ

 

كم أنتِ قاسيةٌ يا أحجاراً عبدناها

أما أعجبتكَ فنونُ نطقنا

أما غركِ فيضُ صلاتنا

بل لقد نذرنا دمنا إباحةً

لعلكِ تصرخين عطفاً

دعوا  حرامكم ما عادتْ قدرتي

شفيعةً لدى الربِ

لأن صرخاتِ هذهِ الأرضِ

***

عبد الأمير العبادي

 

 

في نصوص اليوم