نصوص أدبية

إياد أحمد هاشم: المَركَبُ الأخير

اياد احمد هاشمجُرْحٌ نَما وَعُيونٌ تَدَّعي الأَلَما 

            وَغَيْمَةٌ وَجَدَتْ في غَيْثِها النَّدَما

وَحاطِبونَ أحاطوا مَرْكَباً هَرِماً

                 لِيَقْتُلوهُ،، وَلَكِنْ ظَلَّ مُبْتَسِما

كانَ الشِّراعُ يُغَنّي قَبْلَ بَيْعَتِهِمْ

            لِشَيْخِ قَرْيَتِهِمْ،، والسّارِياتُ فَما

لكِنَّهُمْ حَرَّموا أَشْعارَهُ فَذوى

                 وَشَيْخُ قَرْيَتِهِمْ كَمْ نَمَّ وَاتَّهَما

فَأَجْمَعوا ذاتَ يومٍ أنْ يَسيرَ بِهِمْ

     أَوْ يَحْطِبوهُ،، فَكَانُوا الخَصْمَ والحَكَما

البَحْرُ كانَ لَهُ عَوْناً لِيُخْبِرَهُ

                    بِأنَّهُ آخِرُ الخِلّانِ والنُدَما

كَمْ كانَ يَحْنو على الخُلجانِ يُطْعِمُها

        يُصَفِّفُ الموجَ لا بَلْ صَفَّفَ النُجُما

ما كانَ يَرسو إذا ما قارِبٌ غَدَرَتْ

            بِهِ الرِّياحُ أو اِسْتَلْقَتْ عَلَيْهِ سَما

لَمْ يَرْضَ حَدّاً لِهذا البَحْرِ يُوقِفُهُ

            مَنْ يَقْبَلِ القَيْدَ يَلْقَ الذُلَّ والعَدَما

فَتاهَ لَوْحٌ عَتيدٌ دونَ دَفَّتِهِ

                  وضَلَّلَتْهُ بَناتُ الليلِ فانْثَلَما

وَفِي شِتاءٍ قَديمٍ قَيَّدوهُ على

       الرَصيفِ حَتَّى يَجفَّ الماءُ فانْقَسَما

وَظَلَّ يَنزفُ ماءً مِنْ (دواسِرِهِ)

           ما أغْرَقَ الرّأسَ لكِنْ كَبَّلَ القَدَما

ما كانَ يَشْكو إذا ما جَاءَ واحِدُنا

           لِيَمْتَطيهِ،، فَيُخْفي الكَسْرَ والأَلَما

وَكَمْ لَهَوْنا عَلَيْهِ أَوْ بِشَيْبَتِهِ

               لَمْ نَدْرِ يَوْماً بِأَنَّ اللّهَ كانَ هُما

وَكُنْتُ أسألُ أمّي كَيْفَ مِنْ خَشَبٍ

              تَناسَقَتْ هَذِهِ الألواحُ وَانْسَجَما

قَالَتْ بُنَيَّ فَلا تَعْجَبْ إذا اتَّفَقَتْ

        كُلُّ الأيادي،، فكانوا اللوحَ والقَلَما

تأريخُهُ كُلُّ مِسْمارٍ يُوَثِّقُهُ

             وَكَمْ تَنَخّى بِهِ نوحٌ أَو اعْتَصَما

فَكُلُّ حَبَةِ رَمْلٍ دَوَّنَتْ قَصَصاً

        حَتَّى التَّماثيلُ تَحْكي لَمْ تَكُنْ صَنَما

وَكانَ مِجذافُهُ مِنْ ضِلْعِنا وَبِهِ

        يُصارِعُ المَوْجَ والطوفانَ والسُّدُما

وَحينَ جَاءَتْ غَرابيبٌ تُجَرّحُهُ

             غَنَّتْ عَصافيرُهُ للجُرْحِ فالتَأَما

أَعْناقُها قَبِلَتْ أنْ تَفْتَديهِ كَمَا

          هُوَ الوَفاءُ،، وَأَوْلى أنْ يَكونَ كَمَا

يا ذا الفُراتَيْنِ هَلْ مِنْ راكِبٍ وَطَناً

       أَنْ يَسْتَريحَ،، وَهَلْ مِنْ مَرْكَبٍ نَدِما

                 ***

إياد أحمد هاشم/ عراقي مقيم في النمسا

 

 

في نصوص اليوم