نصوص أدبية

أحمد الحلي: لا أثرَ لكِ في دربِ التبّانةِ

احمد الحليحاولَ الصَبارُ بكلّ الوسائلِ

أن يتخلّصَ من أشواكِهِ

لكنه لم يُفلح

كان عليه أن يعتذرَ

فأنبتَ زهرة

 

لن تزيدني خطوبُ الأيامِ

إلا إصراراً على تحدّيها

لكنَّ لكمةَ هجرانِكِ

تجعلني أترنّحُ

وأسقطُ بالقاضية

 

يحتسي الرصيفُ خُطواتِكِ

فيسكر

 

الكلابُ أيضاً

تستمتعُ بالموسيقى

فحين تُلقي إليها

بكسرةِ خبزٍ

فأنتَ تُسمِعُها نغمة

وحين تضعُ أمامَها عظمة

فأنت تشغِّلُ سمفونية

 

ليس لديكَ ريشةٌ ملونةٌ

حتى تُغرّدَ

أو بيضاءُ حتى تستوطنَ الماءَ

كلُّ ما لديكَ : ريشةٌ سوداءُ

تؤهّلكَ لكي تنعبَ في المآتم

 

لا أثرَ لكِ

في دربِ التبّانةِ

فأقتفيهِ

ضاعت خطاكِ

وها أنذا أرسفُ

في التيهِ

 

قلتُ : سأجمعُ خيباتي

وآخذُها في نزهةٍ

أزيّنُ لها أن نصعدَ معاً

لأعلى الجبلِ لكي نرى الأشياءَ

كأنها محاطةٌ بهالاتِ الضياء

وحين نصلُ إلى شأفةٍ

تُطِلُّ على وادٍ سحيقٍ

سأفتحُ ذراعيَّ وأطير

 

قلتُ : سآخذُ أحزاني

في نُزهةٍ

لعلَّها تُخففُ من غَلوائِها

أو أعقدُ معَها هُدنة

أيامي أوراقٌ متناثرةٌ في الريح

أحلامي أسماكٌ تتقافزُ في شبكة

النوارسُ تطيرُ نزِقةً

تسرقُ أمواجي لتُقايضَها

بكسراتِ خُبزٍ

في المرافيءِ البعيدة

 

قالت الزهرةُ الإصطناعيةُ

لزهرةِ الحقلِ : أنا لا أذبل

ردت : ذلك صحيح

ولكن يستحيلُ

أن تحطّ عليكِ

نحلة

 

أمدُّ نحوَكِ

في الخيالِ يداً

فنمضي معاً

نحو فراديسِ الله

نقضي فيها وطراً

نلهو ونمرحُ

فتمتدُّ من الغيبِ يدٌ

تُبعِدُكِ عني !

***

طيران

قالت حمامةٌ لصاحبتِها التي تطيرُ إلى جنبِها : "واعجباً ، أنظري إلى هذهِ المدوَّرةِ السمينةِ تطيرُ مثلنَا من دونِ أن يكونَ لها جناحانِ ، يبدو ان خللاً ما أصابَ الوجود" .

وكانتا ترقبانِ كرةَ قدمٍ تعلو في سماءِ ملعبٍ ، سمعت الكرةُ كلامَها على عجلٍ  وابتسمت في سرّها ومضت قُدماً نحوَ غايتِها لتستقرَّ في الشباكِ فيما تعالى هتافُ الجماهيرِ لها .

**

طائر الحبارى

بينما طائرُ الحبارى يتنقلُ بحذرٍ بين الأعشابِ اليابسةِ يلتمسُ طعامَهُ وجدَ نفسَه بغتةً يقفُ أمامَ أحدِ الصقورِ جفلَ في مكانِهِ لا يستطيعُ أن يأتي بأدنى حركةٍ ، ظلّ الصقرُ لبرهةٍ واقفاً ينظرُ إليه  من دونِ أن يعي شيئاً ثم أخذ يترنحُ ليسقطَ ويلفظَ أنفاسَهُ الأخيرَةَ ، لم يصدّق الحبارى هذا المشهدَ الغريبَ الذي يجري أمامَه وأخيراً تملّكته الجرأةُ لأن يقتربَ من جُثةِ الصقرِ لينتزعَ منها ريشةً ويحلّقَ بعيداً .

***

أحمد الحلي

 

في نصوص اليوم