نصوص أدبية

قدور رحماني: قــراءة في عينيــكَ

قدور رحمانيالإهــداء: هذه قصيدة ٌعن العراق العظيم.. أرفعها إليه بعينين خاشعتيـن.. ومن خلاله أرفعها إلى إخوتي المكلومين في كل أقطار الوطن العربي وفي ديــارالغربة والمنفــى ..


 عيناكَ

عراجيـنُ قناديـلَ مُـبلـّـلةٍ

وتفاصيلُ غروب مذبوح تمـلأ حَـنجـرتي

وعساليـجُ جــراح

تتـلعثــمُ .. تشهَــقُ في مُـنكـسَـرالدمــع

وتنزفُ مثـلَ كمنجات البرق على شفـتـي ..

عيناكَ

روائـحُ نحــل وتراب

تـنـْسُــلُ من كل جهات الريح

سياطا

تجلدني بالمُــرّ.. وتجلدني  بالحُـلو..

وتجلدنــي .....

تتعــرّى كسواقــي الصمت

على منحدرات مغـيـبـي

ثــم  تصب مواويـلَ  حرائقـها

فــوق سواحـل أوردتــي ..

عيناكَ

براعـمُ  جمـرتـتـفــتـّـقُ في صدري

وضباب دمـي

كأحاسيس الأدمع في ثــُـقــَـبِ الشريانْ ..

وزخــارفُ من بـرق

تـتـزاحــم  فوق شجيرات الوشــم

وفي كــتب الغيـم المطويّـة في الخـفـقـانْ ..

تـنفـُـخ في سُــدُم القـلب

بذورَ حنينـي  وجـذورَ أنينـي

لتشكل غاباتٍ من شفــق في مملكة الهـِـجْرانْ ..

عيناكَ

مصابيـحُ رنيــن وصــدًى

تــَـعْـشـَـوْشِـبُ في أدغال الأزل المفتــوح

على الأبــد ..

قمران من الفردوس وَشـَـمْـتـُهُـمَا

بجُـفـُـون الحُــور

وكـُحْــل الجَـوهــر في كبــدي

وإذا قـبّـلتهمــا اشتعلتْ

كتبُ الحب جميعا

كعناقيــد الكـرَزالبـرّيّ على جسدي ..

منــذ تشابكنا

في عُـلـّـيق ملامحنا

وتشكلنا تحت ضُــروع المطـرالشمســيّ

غِــلالا وظـلالا

وهــوادجَ من بَــوْح ودم

لم يَـقــدرْ أحــدٌ مِـنّا أن ينجُــوَ مـن أحــد ..

عيناكَ

هُمَا زادي وجوادي

وهُمَا أقــدَمُ  ســورة حب

في ميناء النبض أرتـلها

مـع وحــدي

بأناملَ دامعــةٍ ..

وتـرتلها  - من تحت أصابع أمـي -

هُـدُبُ المصباح معـي

بمقامات الســرّ وأخـْـفــَى

كهديل نـُجَـيْــم أسْــوَدَ

يَـغـْـرَوْرقُ فـوق ذوائب عَــوْسَجَــةٍ  حَــرّى

تحـضُــنُ جرحــا مفتوحا

كشـراع ٍ مـن سِــدْر ٍ

يَـنـْسُــلُ في صمتٍ من أرَقِ الغربة والمنفــى ..

عيناكَ

إذا انكســر السيفُ علـى ظمَــإ

سَـرّبـَـتـَا  لــي

من أهـدابهـما سيــفــَا

وينابيــعَ

أ َخِـيـط ُ بأنغـام تـنهّــدها

أوردتــي المثـقــوبــة َ والـنـّـزْ فـَـا ..

عيناكَ

هُمَا فاتحة ُ الشهد وفاتـنـة ُ العِـقــد

ومئذنــة ُ المعنــى ..

وهُمَا زُغــرُودة ُ كانونَ ومحبـرة ُ التكوين هُـمَا ..

وهُـمَا المبتدأ اللـؤلـؤ ُوالخبــرُ الأقســى

وهُمَا المجدافُ إذا أبْـحَـرْتَ معي

والزورقُ والمرسَى ..

عيناكَ

إذا انطفــأ الأفـْـقُ تحـَـوّلتـا

في عينــيّ هُمَا أفـُـقــي المقمــرَ والشمسَا ..

**

في رَونــق عينيك َوكفيكَ تصُـبّ إنـَانـَا

بـُحّاتِ مفاتـنها ..

تترقـرقُ من كل مناطـق سُـكـّرها ..

كجلال الصبح

تـُـسَـرّحُ أجنحــة ً من فردوس خمائلها

تتخطفـنــي  بين كهــوف دمي

وشعــاب يــديّــا ..

وأنـا لمّـا قــرّبتُ قـليلا - من شهد يديكَ وعينيكَ -

فمـي

لم أقــدرْ أن أ ُرْجـِـعَ شيئا من شفـتـيّــا ..

وطني

إن جهاتِ البحرجميعا مالحة  ٌ..

ونصيبي منك كحظ السهم

إذا قـرّبــه صاحبُـه

من منحدر الصدر كثيرا وكثيرا

طــارالسهم بعيدا وبعيدا ..

وطني

إن عِشـَـارَ حنيني أكوام من فحــم

وعلى مرمَى حجرأو مرمَى سفــر

تتناثــر ليلى

مثـلَ فصوص القمرالمكسـور

على شطآن مدامعها ..

تـَـغـْـرَورقُ في ألوان الطيف

وترعُـف فوق رماد عروبتها

كالياقوت الأحمــر

من كل ملامحها

وتـُطـرّز ريحـًـا مظلمـة ً وخياما تتشظى

في تـَحنان ضفائرها

وصحارَى

من خلف روائحها مـُـدن ٌ وقـُــرًى

كجـروح بجـروح تــتــوَارَى ..

يَا كـَـمْ تـزداد رُضَابــًا عــذراءُ الحنظــل في فمها ..!

ولـَـكـَـمْ تـزداد سرابــًا

أنثــى المــاء على شـفـتيـها

وهْـيَ تــُـقـبـّـل في عطش قيسَـا .. !

وطني

إن  سماواتِ العيـن زَرَابــيِّ ُ غـُـبَـار ودم ٍ

فمتى نستوعب ياوطني الدرسَـا .. ؟

***

قــدور  رحمانــي / الجزائر

 

 

في نصوص اليوم