نصوص أدبية

الحسين بوخرطة: وجع وردة وعبثية زمن

الحسين بوخرطةوردة من أزهى الورود أناقة بتاجها البلوري، التزمت مع نفسها أن تبتسم في وده أبنائها مهما كانت الظروف. تخاصمت براعمها بدون سبب مقنع، وأخذت تستعد للاقتتال لوأد بهاء وجودها، فابتسمت لعلها تثنيهم عن اغتيال أسرار المصير المشترك. اشتد الغضب والهيستيريا أكثر فأكثر، بل بدأت المعركة الهوجاء بين البراعم الأخوة بدون أن يميز المتتبعون الصديق من العدو. اصطفت براعم اليمين، فاستهدفت أعناق براعم اليسار. انتفض بعصبية قصوى اليساريون من نفس التيار، الذي كان يهابه الجميع ويحتمي به الضعفاء، واستهدفوا عيون أهل اليمين من نساء ورجال أهل اليسار.

انتصبت الأسلحة الفتاكة، وارتفعت أصوات الحناجر تتقاذف السب والكلمات الجارحة والتهديد والوعيد. ذبلت الوردة بسبب اقتتال أجمل ما فيها ومصدر حياتها وحيويتها وعنفوانها. فزع النحل فغادر المكان على الفور. فقدت الوردة خصوبتها، فاستسلمت منهوكة القوة للموت البطيء.

اغتبطت الطفيليات لحال الوردة المؤلم، وهاجت الأعشاب الضارة، وأينعت واخضرت وتجبرت. تحولت الحقول المثمرة إلى فضاء متوحش لا يرحم بثعابين وأفاعي ضارية وحشرات سامة.

اندحر الحب، وانتصبت الأسلاك الشائكة، وحوصرت النفوس وتكدرت الأجواء. جفت الدموع في المآقي.

وهي تحتضر، مقاومة مغادرة الغبراء، ابتسمت، فابتسمت، وقالت: أنا الوردة، أنتم الوردة، أنسيتم أمجادي في إسعاد ناس وطني. رددت نواح عباراتها بدون انقطاع لعل الندم يسري في النفوس التائهة، وتتوحد السيوف والسهام والخناجر لمهاجمة الأعداء والأخطار المداهمة، لتنتصر لروح أوطان الورود الجماعية.

***

الحسين بوخرطة

 

 

في نصوص اليوم