نصوص أدبية

جاسم الخالدي: الدار منذ غيابه تشكو الدجى

جاسم الخالديخذني الى عينيكَ أضناني السُّـرى (*)

مَـــــنْ يوقظُ الفجرَ الجميلَ ليُزهِـرا؟

 

عسُـرَ الزمانُ فلم يعُـدْ إصباحُهُ

ألِقاً ولا الإمساءُ بعدَكَ أقـمَــرا

 

ليلٌ كئيبٌ باتَ دونَ نهايةٍ

ألقى عليَّ سدوله وتأزّرا

 

حدثتُ قلبي عـــن غزالٍ شاردٍ

شغلَ الفؤادَ ولــم يزلْ مستنفرا

 

عمــــــــرٌ تبعثرَ في غيابِك هل لنا

من عودةٍ تحيي الربيعَ الأخضرا؟

 

هل يسمعُ الولدُ البعيدُ نداءَنا

ويعودُ حتى لو أتى متأخرا

 

الدارُ  منذ غيابِهِ تشكو  الـدُّجى

فكأنَّما ضوءُ النهارِ تـحَـجَّـرا

 

عذبٌ يذوبُ صبابةً أنَّى مضى

"وَهُوَ الْمُضَاعَفُ حُسْنُهُ إِنْ كُرِّرَا" (**)

 

وإذا تحدث كان حلــــــــوُ كلامِهِ

عسلاً يذوبُ على الشفاه وسُـكَّرا

 

لكنهـــــــــــا الأقدارُ تأتي غفلةً

لتحيطَ بيْ من كل جنبٍ لا يُرى

 

ابكــــي دمًا من حرقةٍ متوسلًا

علَّ الذي قصد الرحيلَ ليُعذرا

 

اشكـــــــو اليكَ ظلامتي قمْ دُلني

أدري بأنك قد سئمتَ من الكرى

 

كــــــــم ليلةٍ قد بتَّ تذرعُ طولَها

حتى اتاك الصبحُ حلمًا أخضرا

 

وزرعت حلمَك في العيونِ قصيدةً

ورجــــوت يومًا أن يعودَ ويُمطرا

 

أدري بأن المــــــــوتَ يأتي غفلةً

لِيُحيلَ حقلَ الروحِ  قفراً مُصحِرا

 

لما رأيتُكَ في السـريرِ مـمـــــــــددًا

ادركتُ أنَّ الـيُسـرَ أضحى مُـعسِـرا

***

د. جاسم الخالدي

......................

(*) السرى: السير ليلا ، كما في قوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)

(**)  الشطر للمتنبي من قوله:

فهو المشيّع بالمسامع إنْ مضى

وهو المضاعف حسنه إن كررا

 

 

في نصوص اليوم