نصوص أدبية

سلام البهية السماوي: وعي الجنون

من ضجيجِ العدمِ

تسحقني قوةٌ واهنةٌ

تُذيبُ ملامحي

في بوتقةِ التّلاشي

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يصمُّ آذانَ الوقتِ

عن لحظاتٍ جميلةٍ

تُدعى الحياة !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يُراقصُ جنونَ المعنى

ليصدحَ بقصيدةٍ !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يسحقُ ذلكَ الهدوءَ

المترامي خلفَ أمواجٍ

مشلولَةٍ

مكتوفةِ الأيدي

أمام شواطئ الغدرِ

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يمسحُ ذاكَ الصَّفاءَ

من بَريقِ العيونِ

لتَنهَمرَ دمعاً !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يلاطفُ قساوةَ المشاهدِ

المتراميةِ

على ركامِ الأمسِ

ويبني قصوراً

للسّارقينَ

والمارقينَ

على أنقاضنا !

*

أيُّ ضجيجٍ؟

يُسكِتُ ذلك العويلَ

لأمٍّ ثكلى

على ابنها الشّهيدِ

الذي يُباعُ وطنُهُ

المعطَُّرُ بدمهِ

في حانات ِ البؤسِ

*

أيُّ ضجيجٍ؟

يرسمُ معاني الوطنيّةِ

بالهتافِ

والجوعُ أرملةٌ … نواحها هديلُ !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

أعلنهُ الزّمنُ

نشيداً

نردّدُهُ على إيقاعِ الدّمعِ

كلَّ انفجارٍ !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يمحو

كلَّ هذا الضّجيجِ

ويرسمنا إيقاعاً

يهذي بابتساماتٍ

حيرى

ضاعتْ بالزّحامِ

وتاهتْ

تبحثُ بينَ كلِّ إيقاعاتِ الشّجنِ

عن صمتنا الرّجيم

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يُراودني عن ذاتهِ

يغتصبُ صمتي

ببعضِ هراءٍ

يُردّدُ صدى الآخرين َ

وينسى صوتهُ

على صريرِ الآه

لحناً جنائزيّاً … أضاع مداهُ !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يقولُ للحزنِ

" كُنْ

فيكون "

مثلَ الدّمعِ

على أعتابِ الصدِّ

يثرثرُ النّداءُ

استغاثةً !

يضيعُ الصّدى !

وتُدفَنُ ناياتُ الوجعِ

لتنبتَ  الأحجيات !

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

ينامُ تحتَ صداهُ

لأمومةٍ يائسةٍ

تأرجحُ ابنها

على حبالِ صوتِها

أزماناً

ليسقطَ شهيداً

أرادَ أن يقطفَ الثُريّا

فتَوَّجَ بروحهِ ثراهُ

*

أيُّ ضجيجٍ ؟

يصوغُ الآهاتِ … آهاً

يستفزُّ الدّمعَ سواقي ألمٍ

تضيعُ في شعابِ الرّوحِ

أسراباً

تتوهُ هديلاً  .. وعويلاً

وتغرقُ في نهرٍ

أضاعَ مجراهُ

***

سلام البهية السماوي

قصيدة من مدموعتي النثرية (عابرون)

في نصوص اليوم