نصوص أدبية

أمان السيد: غزّة.. أستميحك عذرا

وأعلن عجزي،

وأمقت ضعفي،

وأغبط الأحلام كيف تشكّلني

فارسا بصَارم،

طوفان أقصى،

وصاروخا بقبضتيّ،

خوذ العدو يدكّ،

وبالجماجم يُعمل حصدا،

وحرثا، وقلعــا..

*

وما أزال أرتّل عجزي،

وأمضغ ضعفي،

ومن الشاشات أهرب،

طفل بساق مبتورة،

من غزّة..

يعاتبني:

أطفَؤُوا حلمي..

أوقِدوا حلمي..

*

وجهه الأعذب من نُهير دوحٍ،

رقّة بي تفتك،

بأمومة حياله أوفر عقما..

*

ومن تراني أنا،

سوى شاعر بالوصف،

يجود شجوًا،

تُنهنه الدمعة،

وبه الأوجاع تُضرم نسفا،

وسفكـا..

*

لا بيتي يشكو فقرَ الإدام،

ولا ساحاتي تعرف للماء غورا،

ونضبا،

ولا سقف فوق رأسي تصدّع،

ولا لاهثا أتدافع

لخلاء يُؤويني،

وآمل فيه اتّقاء،

وأعلم أن القذائف تُواتر فيّ انذهالا،

خرائبُ، وما تبقّى هياكل، أنقاض،

بختم الرحيل تُدمغ قهرا..

وبعد قليل لبيت،

لأهلٍ، لنسلٍ

سأغدو ذكرى..

وبعد قليل سأمخُر عباب ذكرى

لعطر قد جال،

وقد صال مدّا، ورصفا

وفوق الزيتون

أشتل كفّا تلوّح،

هنا.. هنا

في حلوقكم صامدون،

لنا الحق، لنا الغد،

لنا الأمس، لنا الحاضر،

لنا الدهر،

لنا الآماد،

لنا الحياة..

لنا ما لم به يخبركم سِفرُ الخداع،

وإن بنا استمرّ الحَصد،

أو حولنا تجلبب الصمت،

أو بنا استطال القتل،

أو بنزفنا تشدّق الخطباء فُجرا،

وكُهنا، وعُهرا..

*

وأهوي بعجزي،

وأغبط الأحلام كيف تحولني،

تميد بي، فلا أنا أنا،

ولا ذاك أنا،

ولا القدرة مني سلبت،

ولا الأبواب في وجهي أبكمت،

أنا المغوار، أنا الصنديد،

أنا الجبان..

لا قضبان، لا أسوار، لا سجانين،

لا عصيّ تلاحقني،

وفي فمي أكثر من حنجرة،

للغناء، للأهازيج، للهدهدات،

تعلن نصرا، وفوزا..

*

أيها العطر الدامي

الذي من غزة يؤججني،

يطير بي إليك،

وأنا المتسمّر في فضاء يتقلّب

في منفى أخضر،

أستميحك عذرا،

فأنا أمام عبقك،

لن أكون سوى شاعر،

من الأحلام،

يستميحك عذرا..

***

أمان السيد

31/10/2023

في نصوص اليوم