نصوص أدبية

سعيد الشيخ: غزة.. قلعة الله

لكِ احتشدت هذي البوارج والأساطيل

كم أنتِ عظيمة،

يا قلعة الله

على الأرض

2

يا حارس قلعة الله

أيها الفدائي

نورك هذا النور

المنتشر في الدروب

يا حامل مفاتيح المنازل

افتح لنا هذه السماء

نحن ظلال الشهداء

إلى الخلود

3

بين الشهيد والشهيد شهيد

جسر إلى السماء

لبزوغ فجر جديد

4

هؤلاء أحبابك يا الله

الأطفال الذي يتسابقون إلى ملكوتك

بأرواح مثقوبة

وأجساد ممزقة

إلهي.. شقّ لهم طريق القمر

كي ينفلق النور في درب الصعود

5

عشرات الطلقات الإضافية

إلى جسدي

وكأنّ طفولتي تغيظهم

تحرّضهم ليقتلوني عشرات المرات

لسنوات قادمة

6

في عين هدف الجندي

رضّع.. خدّج

ليراجع القانون الإنساني

من أي نطفة لا إنسانية

جاء هذا القاتل

7

غزة

مدينة لا تشبه المدن

قال لي حَمَامُها الأبيض

الذي شوهد بين الدخان

8

هي خطوة يا ولدي

وننجو

قالت الأم الشهيدة

وهي تحمل طفلها الشهيد

9

قالت الأم:

يا ولدي لا تلتفت إلى الوراء

هناك عرب تخلّوا عنّا

بعد أنْ تخلّوا عن كتابهم

عربٌ

شمّروا عن زنودهم أمام المناسف

تراهم رفعوا الزينة وتشفّوا بنا

تعرّوا وفرفشوا

10

ماذا تفعل أيها العجوز

- أزيح الحجارة عن جثماني

المتواري بين الأنقاض

11

يا أبي،

لماذا صرنا نباتاً؟

يا بني،

لأننا الجذور!

ويا أبي، لماذا يجرفون الجذور؟

- لأنهم بلا جذور

12

لا طعام ولا ماء

والقذائف تتراكم على جراحنا

كل ثقب في أجسادنا

نافدة الى السماء

مَنْ غير غزة؟

وعاء لدموعنا

مَنْ غير غزة؟

دثار لعريّنا

يا لله خذنا في معانيك

بأنّ المسيح لم يتحمّل

بقدر ما تحمّلنا من آلام

13

في قلب المجزرة أنا

أيها السيد

أبحث عن قدمي ويدي

لساني لا أجده أيضاً

لأقدم لكَ المديح

الذي يسعدك سماعه

14

نحن الأطفال تقصفنا الطائرات

وعيوننا مفتوحة وذاكرتنا مملوءة

فأين سيذهب القاتل؟

حين يزهر دم الشهداء

15

يا عمي يا رجل الإسعاف

هذا اسمي كتبته على باطن كفّي

إنْ وجدت جسدي أشلاء

ويدي مبتورة وبعيدة عني

فهذا دمي

لن يتوه في تراب وطني

وطن الآباء والأجداد

16

في ممرات المشافي

أحياء نازحون

أطفال ونساء

صراخهم وعويلهم وابتهالاتهم

أقوى من دوي القذائف وهدير الطائرات

وفي المساء،

يتدثرون بأغطية مضمخة بالدماء

بين جثث الشهداء

17

هذه الجثث الممزقة

تحت أنقاض غزة

عار على جبين العالم المتحضر

18

من خلال كوّة ضيقة في الركام

خيط ابيض يتصاعد من أنفاس رجل يحتضر

قال الرجل لأبنه الجريح بجانبه:

يا ولدي، تلك أحلامي

اصعد إليها وتدثر بها

19

لا سلام يلملم أشلائنا

نحن الآن بيد الله

لنا مدينة شيّدها الأطفال

بلحمهم ودمائهم

سنهبط بها إلى الأرض

نهزم عروش الطغيان

سنستعيد الروح

ونعيد بهاء الكوكب

20

تقهقهون الآن أمام جثتي

بعدما ضحكتم سنيناً على شقائي

أنا غزة.. أنا الطوفان

أنا الإنسان

الذي سيبقى حارسا قلعة الله

فوق هذي الأرض

21

منذ مهد التاريخ نولد فلسطينيون

وفي المخيم وفي الشتات/ فلسطينيون

في الوطن والكون

فلسطينيون على طول المدى

نحيا ونبقى.. ونبقى مع البقاء

***

سعيد الشيخ

روائي وشاعر فلسطيني

 

في نصوص اليوم