آراء

كيف ذكرني جيرمي كوربين مرشح حزب العمال البريطاني بالزعيم الراحل عبد الكريم قاسم؟

ayad aljasaniمن خلال متابعتي للعديد من المقالات التي كتبت في الصحف البريطانية في الغاردين والانديبندنت وغيرها عن جيرمي كوربين السياسي اليساري في حزب العمال البريطاني والرجل الذي اثار اعجاب البريطانيين في طرح برنامجه الانتخابي وكذلك متابعتي للحوارات التي اجريت معه شدني الاحساس بوطنية هذا الرجل ودفاعه عن العدالة الاجتماعية ونصرة الفقراء والمظلومين في بريطانيا وخارجها . ففي تعليق لي بالامس على احدى المقالات في صحيفة الغاردين وارجو ان اعيده بالانجليزية كتبت:

The more I read about Jeremy Corbyn this personality as a new candidate to lead the labour party and to form the government , the more I feel convinced that such a man in this age of troubles will certainly be backed by the poor as well as the rich of British people . I listened to him in an interview a week ago and I was very touched by his ideas and goals to achieve . He has a carisma . So simple and clear a man defends the social justice , peace , equality , unity and to back UK membership of the EU and to stand strongly againt automic armement in the world . So simple that he reminds me of Abulkareem Kasimf the prime minister of Iraq who was murdered by the stupid fanatic Bathists and their party in Iraq in 1963 which was backed by foregin companies and the western governments of Britain and the USA with some guilty Arab countries in their coup d etat against Kasim . I am sure Jermy will win and he will change many ugly faces of Great Britian and he will be backed by a great number of people . I wish him success to be on the head of the labour party and the British government soon..

صرح جيرمي كوربين المرشح لزعامة حزب العمال قائلا " لقد غابت في النهاية الشمس عن الإمبراطورية البريطانية منذ فترة طويلة وحصلت المستعمرات على استقلالها". كما كشف أنه يسعى لتكون بلاده خالية من السلاح النووي . ومعروف عن جيرمي كوربين عداؤه المعلن لسياسة اسرائيل والغرب تجاه فلسطين والدول العربية، مما يطرح تساؤلات عن انعكاسات ذلك على مستقبل حزب العمال وسياسة بريطانيا الخارجية مما اثار سخط رجال الصناعة والراسماليين واللوبيات الخاضعة للصهيونية واسرائيل الاطراف التي راحت تهاجم كوربين من كل صوب وحتى من داخل الحزب نفسه . لقد شدد هذا الرجل على ضرورة قيام عملية للسلام في الشرق الأوسط وقال إنه يميل إلى عالم خال من السلاح النووي، وانه سيعمل من أجل أن تكون بريطانيا خالية منه. وصرح مرة "لقد طُلب مني أن أقدم ملفا للترشح، وبالفعل قدمت برنامجا ركزت فيه على معالجة الفقر والوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية وبواعث قلق الشباب والجيل الأقدم سنا". ووفقا للادبيات او الثقافة السياسية في بريطانيا قال "إذا تركنا أمر التوافق على سياسات الحزب والحكومة لنخب الأحزاب ونخب الشعب فهذه ليست ديمقراطية حقيقية. وأسعى لوضع أفضل لكنه قد يكون أكثر تعقيدا من الوضع الحالي". وكشف كوربين عن مساعيه " لسياسة تقشف بطريقة مختلفة في السنوات الخمس المقبلة، خاصة أن بريطانيا تعاني من مشكلة اقتصادية تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي حيث أغلقت الكثير من المصانع الكبيرة ولم يستثمر كثيرا في الصناعات ذات التقنية العالية ". اما بشأن فقراء بريطانيا فقد أكد كوربين أن على الأغنياء أن يدفعوا المزيد، والفقراء سيتحسن وضعهم نتيجة ما نقترحه من سياسات، نافيا سعيه لرفع الضرائب على أصحاب الدخول المتدنية أو المتوسطة" .وأضاف قائلا "هناك كثيرون يعملون بجد ليبقوا على قيد الحياة ويوفروا أدنى متطلباتها، ولكن القضية تصبح هل علينا رفع الحد الأدنى للأجور أم يكون لدينا نظام ضمان اجتماعي يقدم الفرص ويعين المعاقين وما إلى ذلك؟". وتابع قائلا : "لدينا نظام الرعاية الصحية الوطني يعاني الكثير من المشاكل ويتعرض للهجوم، لكنه يبقى حقا من حقوق الإنسان وينبغي البناء عليه وتحسينه". وبشأن مشاكل المسلمين في بريطانيا، قال كوربين "أمثل دائرة انتخابية في أحياء لندن الداخلية، ولدينا فيها خمسة مساجد وكنائس ودور عبادة لليهود"، مؤكدا أن العنصرية تراجعت بشكل كبير داخل المدن، ومستويات التمييز أصبحت أقل وأصبح التمييز مخالفا للقانون. وشدد في هذا الصدد على رغبته في بناء بريطانيا تحترم تعدد الأديان والثقافات، "ونريد ذلك للعالم أجمع". كتبت احدى الصحف تصف البساطة التي كان يتحلى بها كوربين عندما تقول " ان كوربين يصل الى مقر الحزب راكبا دراجته الهوائية وعند وصوله يدخل ويسلم ويجلس وبيده سندويجا يبدا الاكل ويسال عن احوال الجامعات في بريطانيا " .

يا ترى اليس في الكثير من تصريحات والسلوك البسيط لهذا السياسي هو ما كان يمثل الخطوط العريضة لتطلعات الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم في العديد من خطبه امام الشعب حتى اطلق عليه بابي الفقراء؟ . ولكن هناك من يسأل ما الفارق بين كوربين والزعيم الراحل قاسم؟ نعم هناك فرق كبير هو ان كوربين نتاج حضارة وثقافة سياسية عريقة في بريطانيا هي الديموقراطية وانه سياسي منتمي لحزب عريق هو حزب العمال كما انه يطرح برنامجا من اجل الفوز برئاسة الحزب وتشكيل الحكومة بعد الانتخابات . ولكن ما الذي كان يمثله الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم؟ هل كان سياسيا ؟ كلا انه رجل عسكري قام بانقلاب او ثورة شد الشعب المقهور اليها الذي ناصره حتى النهاية . الزعيم لم يترك للشعب حقه في تنظيم الانتخابات حتى يسلم السلطة الى برلمان منتخب وحكومة مدنية كما انه ظل متمسكا برئاسة الوزراء دون وجود رئيس للدولة التي اصبحت جمهورية بعد سقوط الملكية . لقد عكس كل ذلك حالة من التشرذم في المجتمع العراقي وصراع انتهى بالتامر على الزعيم والانقلاب عليه للاسف الشديد في ابشع نهاية في 8 شباط الاسود عام 1963 ، والقصة طويلة ليست موضوع بحثنا الان. فهل كان الزعيم بعيدا عن قراءة تاريخ العراق وما كان يتميز به من نظام ديموقراطي يرقى الى اكبر الدول الديموقراطية في اوروبا منذ العشرينيات من القرن الماضي كما جاء ذلك في مقالتي السابقة المنشورة في صحيفتكم بعنوان " ما الذي نعرفه عن نظام الدولة العراقية في العشرينيات من القرن الماضي ؟" ثم الم يكن من الافضل للزعيم ان يعيد فتح ابواب الديموقراطية التي كانت قائمة على اسس قوية في العراق ويفتح الباب امام الاحزاب ويجري الانتخابات ؟ لم يحصل ذلك وكانما الزعيم كان عسكريا جاهلا لم يقرأ تاريخ العراق علما انه كان في عمر الشباب حينما عاش عقود الثلاثينيات من القرن الماضي وما بعدها في العراق متتبعا لتحولاته السياسية وهو في خدمته العسكرية الطويلة . رحم الله الزعيم قاسم الذي ما زال وجهه الهادئ الوديع امام عيناي حتى اليوم عندما كنت مدرسا للغة الانجليزية ارافق احد الوفود الاجنبية التي كانت تصل الى بغداد بمناسبة الاحتفالات بعيد ثورة 14 تموز وتقوم في برنامجها بزيارة الزعيم بمكتبه في وزارة الدفاع في الاعوام 1959 وحتى عام 1962 بعد ان تركت العراق الى لا رجعة حتى اليوم . فسلام على الراحل الامين الزعيم قاسم وسلام على جيرمي كوربين الذي ذكرني بالزعيم الراحل قاسم الذي راح ضحية جهله السياسي وتسامحه مع الاعداء وانفراده بالحكم الذي تلاقفته امواج الفوضى والمؤامرات دون رحمة. داعيا لكوربين بالنصر والفوز المؤكد لزعامة حزب العمال وياليت ان يجر يوما توني بلير الى محاكمة عادلة نتيجة تحالفه مع الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش في شن الحرب وغزو العراق واحتلاله عام 2003 .

 

بقلم : الدكتور اياد الجصاني

عضو نادي الاكاديمية الدبلوماسية فيينا - النمسا

في المثقف اليوم