آراء

أضاءات (4): الثقافه المقاومه للفساد المالي والأداري

ayad alzouhiriالأبلاغ عن حوادث الفساد المالي والأداري ومعالجة الشبهات التي تخص هذه الجرائم هو من أهم أركان مكافحة الفساد، بعد خطوة وضع القاعده القيميه، ووضعها موضع التنفيذ، حيث أن الكثير من أدارات الدوله تفتقد للأجراءات الروتينيه في معالجة هذه الجرائم، وهذا ما يساعد على ظهور شعور، أن هذا النوع من الجرائم، لا يمكن الحديث أو البلاغ عنها، وقد يكون هناك قوانين تعالج هذا الموضوع، لكن من الناحيه الأجتماعيه هناك الكثير من العوائق منها، أن من يبلغ عن حالات فساد، هو أخلال بالعلاقات الأجتماعيه، ونوع من الخيانه لهذه العلاقه، سواء كانت علاقات صداقه أو علاقة قربى، وهو ما يعبر عنه (بالمجامله)، وقد يكون جانب اللامبالات، وكأن الموضوع يخص الدوله لوحدها وهي المسؤوله فقط عن أكتشاف من مثل هذه الجرائم، كذلك هناك نقطه هامه جدآ، الا وهو ضعف الجانب الثقافي، أي نقص في درجة الوعي الجماهيري، حيث أن هناك الكثير لا يدرك مدى خطورة هذا النوع من الفساد على كيان الدوله وبنيانها الأقتصادي، حيث تفقد الدوله الكثير من مواردها بسبب هذا النوع من الفساد، مما سبب الضرر الكبير على مدخولاتها، وبالتالي على ميزانيتها، وهذا ما يترك أثره الكبير على خطط الدوله، ومدى قدرتها على تمويل المشاريع التي تصب في الصالح العام. كما أن الموظف في كثير من الأحيان يسحب نفسه أو لا يسجل الكثير من الملاحظات والمشاهدات على رئيسه في العمل أو زملائه الفاسدون بسبب الخشيه من الأتهام بالا أخلاص وعدم الولاء لرئيس عمله أو زملاءه، وهناك حاله تكاد تكون عراقيه بأمتياز، الا وهو خوف الموظف ومن ضمنهم القضاة من أنتقام عائلة أو عشيرة من أقترف جريمة الفساد، ويعتبرونها أهانه، وتشهير على العشيره، وهو ما يسمى بالوقت الحاضر (بالكوامه)،وهناك الكثير ممن تعرضوا الى مضايقات، وحتى تعرض البعض للقتل بسبب مساهماتهم في تأشير أو معاقبة من تلبس بجرائم فساد مالي وأداري.

من الواضح أن الثقافه المجتمعيه الحامله للكثير من الموروث المعجون بالقيم البدويه، والتي منها الحرص على الشعور بالغلبه عن طريق أعطاء الرشوه للحصول على ما ليس من حقه أو الظفر بالحصه الأكبر أو ما هو غير مقبول قانونيآ بعد أن يعجز بالحصول عليها بالقوه كما كان آباءه وأجداده القدامى في عالم الصحراء.

كما أن هناك مشكله أساسيه يعزف عنها الكثير من رؤساء الدوائر، هو أنهم لا يمكن أن ينشروا هذه المخالفات خوفآ من تصدع الثقه بالسلطات، وهذه كالنعامه التي تضع رأسها في كومة القش لكي تبعد عنها الخطر، وهذا العمل هو من قبيل طمس كل الجرائم المشتبه بها لتجنب الفضيحه، لكن الفضيحه سوف تكون أكبر وأكبر، وأخيرآ تتسرب الى الرأي العام، وتكون طامه كبرى على من تستر عليها، بينما الأسلوب الحازم في مكافحة الفساد هو الشفافيه في كشف الجريمه، والأعلان عنها والذي سوف ينزع سلاح نشر الأشاعه المضاده، بل تعطي رساله أيجابيه للجمهور أزاء الدوله.

الأجراءات الروتينيه للتبليغ عن الفساد ومعالجة العمليات المشبوهه، تتألف من :

1- كتابة التقرير المحايد عن المخالفات، وكل ما يشتبه به من أجراءات مخالفه للقانون.

2- أتخاذ الأجراءات والتدابير المنصوص عليها قانونآ لأجل معالجة الحالات المشتبه بها.

3- مبادئ أجرائيه ضد التورط بالفساد.

مما سبق ينبغي على الدوله تشجيع ثقافة التبليغ عن كل المخالفات، وأعتبارها عملآ وطنيآ وأخلاقيآ، بل هي عمليه تنتهي لصالح المواطن شخصيآ، كما أن من له الشجاعه في تبليغ ملاحظاته لأي شبهة فساد ينبغي حمايته من أي حالة أنتقام، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كان هذا من مديره أو من قبل زملاءه في العمل. هذا بالطبع من صميم عمل مدير الدائره.

كما يتضح من هذا أن من واجب الدوله أن تقدم أجراءات ثابته وواضحه لغرض معالجة كل الشبهات، كما أن من مسؤلية المدير الوضوح في المعالجه،حيث الأجراءات تكون واضحه ومعلومه لدى الموظف المتجاوز، ويكون على معرفه بالنتيجه أن أكتشف متلبس بفساد مالي أو أداري، كما يمكن للسلطات أن تساهم في خلق ثقافه مقاومه للفساد المالي والأداري، وهذه النصائح يمكن حصرها في نقاط وهي:

1- مواجهة السذاجه عند بعض الموظفين وتنبيههم على الوعي بالمخاطر، وتشجيعهم على طريقة العين المفتوحه، وتعزيز النقاش الموضوعي لمعالجة أي حالة ضعف في منهجية العمل التي يمكن أن يتسلل منها الفساد. وهذا يأتي عن طريق التعليم المستمر.للموظف.

2- رفع الوعي بالقاعده القيميه (ضوابط العمل ولوائحه) للموظفين.

3- تطوير طرق تحليل منهجية ضد مخاطر الفساد، وكذلك نظام السيطره والتفتيش.

4- النقاش والأجتماعات السنويه للموظف لغرض أطلاعهم على مخاطر المخالفات، وتأثيرها السلبي

5- تفعيل الأنفتاح والمراقبه بأتجاه النسق الصاعد والنازل.

6- متابعة كل الموظفين في مسؤلياتهم، والترحيب بكل الأبلاغات والمعلومات لأي عمل مخالف يصدر منهم، وحماية ودعم المبلغين عن هذه الخروقات.

7- تدريب مدراء الدوائر التصرف بسرعه فائقه أزاء أي علامه تشير الى مخالفه أو تشم منها رائحة فساد.

8- على الموظف وعلى الأخص المدير أن يتصرف بشكل شفاف وبقوه أزاء أي فضيحة فساد، لكي ينزع من البعض سلاح الأشاعه والنميمه في دائرته وحتى خارجها.

9- تجنب أن تتصرف بطريقة تخلق ثقافة الخوف والمخبرين السريين.

 

أياد الزهيري

في المثقف اليوم