آراء
الانسحاب الروسي تكتيك جديد في لعبة التوازن الدولي
تسابق الاعلام الخليجي الهزيل في تسخير رؤيته السطحية لانسحاب الروس من سورية فصوروه بما يتناسب ورغباتهم الحيوانية وأحلامهم المريضة من تخلي الروس عن سوريا وكما هي العادة ودون قراءة موضوعية طرحوا تشوهاتهم الفكرية دون ان يتسائلوا لماذا جاءت روسيا بهذه القوة والاصرار وهذه الخسائر المالية ولماذا تنسحب بشكل سريع متخلية عن حليفها بشار الأسد؟ وهل للعاقل ان يصدق هذا الا انها تمنيات لا تستند للواقع بصلة.
لذلك نحن نقرأ الرسالة الروسية عبارة عن تكتيك جديد محسوب مسبقا له نقطة بداية ونقطة نهاية اذا تحققت ستقف العمليات سريعا.
فكانت نقطة البداية هي عدم السماح للنظام السوري بالسقوط لذلك عندما شعرت ان نقطة البداية استوفت شروطها تدخلت بقوة حاسبة الفترة الزمنية التي تسقط كل الاٍرهاب الدولي الذي يغذي استمرار القتال في سوريا وتقطع خطوطه. وتعمل ايضا في وتيرة اخرى مع الولايات المتحدة على تجنب الدخول لحرب كونية.
من خلال طرح فكرة الحلف (الروسي الايراني السوري العراقي)
مما جعل الولايات المتحدة تقرأ اخطر رسالة قد تتوجه لمصالح امريكا بالمنطقة اذا تحقق هذا الحلف.
فسارعت امريكا الى الضغط على القيادات العراقية بعدم التنسيق مع الروس لتفصل العراق جغرافيا عن هذا الحلف ونحن نزعم ان الروس والإيرانيون كانوا يعلمون بان الامريكان لن يتخلّوا عن العراق ولكنهم ارادوا ان ياتوا بالامريكان الى نقطة الالتقاء ليتم التفاهم على المشروع كصفقة بين الطرفين وليس من السذاجة القول ان الولايات المتحدة لا تدرك ما يخطط له الروس والإيرانيون.
ولكنها حسبت مقدار الربح والخسارة واحتمال تغير خارطة المصالح الامريكية اذا وقعت الحرب الكونية فامريكا تحتفظ بالخليج كله زائداً العراق وإسرائيل والأردن ولكن اذا وقعت فمن يضمن بقاء هذه الدول تحت السيطرة الامريكية.
فكان الاتفاق ان تكون سوريا تحت الرعاية الروسية والعراق تحت الرعاية الامريكية والذهاب الى خندق المفاوضات وإعلان وقف اطلاق النار في سوريا.
وهذا ما كانت تريده روسيا كنقطة للنهاية لذلك سارعت بالخروج من سوريا لتعطي رسائل عديدة منها
اولا: ان الروس لم يدخلوا لسوريا ليبقوا في سوريا.
ثانيا: ان الروس لا يتركوا حليفهم الاستراتيجي، وحليفهم يتمتع باستقلالية عالية في قراراته وليس تابع كما الاخرين.
ثالثا: ان الروس لا يهدفون لاشعال الحروب او الوصول الى نقطة اللاعودة
رابعا: قدرة الروس على دخول الحرب البعيدة عن جغرافيتهم وفرض رؤيتهم في حفظ التوازن.
خامساً: إنسحابهم هو بالون اختبار لجميع الأطراف بالاتزام بما اتفق الجميع عليه ومراقبة المواقف التي لا تلتزم ليتم ضربها لاحقا.
سادساً: عدم تكرار تجربة افغانستان فتكون قد وقعت في فخ الاستنزاف.
سابعاً: حرمان الامريكان من دراسة القدرة الفضائية للروس من خلال بعض الجواسيس والطرق التكنلوجية الحديثة.
ثامنا: اثبات لمصداقية الروس في حل القضايا سلميا.
تاسعا: رسالة اطمإنان للمتردد بعقد حلف مع الروس.
عاشراً: جعل الدول العظمى دراسة هذه الظاهرة الجديدة.
الحادي عشر: إعطاء دور للقيادة السورية في تنفيذ رؤيتها.
ولكن السؤال الذي يجعلنا نتألم كثيرا اين العراق من كل هذه اللعبة؟
سلمان السلمان