آراء
إنتهازية ما يسمى بالتيار المدني وتحوّل التيار المقتدائي الى أقصى اليمين
كنّا قد أطلقنا فكرة مدنية الدولة ودولة المواطن التي تؤمن بحق اي مواطن العيش في كرامة، ويتساوى كل أفراد المجتمع عند القانون وان لا يكون هناك تمييز لأحد مهما كان هذا الأحد يمثل مكانة اجتماعية لدى اتباعه بل حتى دينيّة كي لا يكون أحد فوق القانون أو يكون نفس القانون انتقائي.
وطرحنا فكرة التغيير الجذري الذي يشمل المحاصصة المكوناتية والحزبية.
وقلنا ان كل الذين أشتركوا في ادارة العراق بعد سقوط الصنم يتحملون ما وصل اليه العراق وأنهم مشتركون في سرقة أموال الشعب ولابد من ملاحقتهم واسترجاع الاموال.
وان نبني خطوات التغيير وفق دراسة الحالة التي مرت بها الدولة العراقية ونقاط الضعف التي سمحت بانهيار تام لمؤسسات الدولة.
فاستغل ما يسمى بالتيار المدني هذه الرؤية ليستقطب بعض عناصر التظاهرات التي انبثقت من المحافظات ولكنه سرعان ما وجد نفسه وحيداً بعد ان انسحب من التظاهرات فصائل الحشد الشعبي التي ساندت التظاهرات الاولى.
في تلك الفترة كان التيار المقتدائي ينتقد التظاهرات ويقف في خندق واحد مع المجلس الاعلى على إنّ ورائها جهات مشبوهة، باعتبارهم المسؤولون عن تشكيل هذه الحكومة (حكومة العبادي).
وبما ان السيد العبادي لم يستطع ان يتقدم بخطوات حقيقية من اجل الإصلاح كونه جاء وفق معادلة رسمتها الكتل، وجد نفسه امام سخط جماهيري عارم وعدم رضى من مرجعية السيد السستاني التي دعمته للضرب بيد من حديد، على ان يتحرك من جديد بمشروع يدفع باتجاه تكوين حكومة تكنوقراط لا تتدخل الاحزاب في تشكيلها إلا أنّ هذا المشروع جوبه بالرفض من جميع الكتل.
فبدأت بعض الفعاليات بتقديم مشاريع للإصلاح فكان التيار المقتدائي أحّد هذه الفعاليات ولكنه غلّفَ مشروعه بإطر بعيدة عمّا ينتمي اليه كتيار عقائدي ديني مذهبي!
ليس لانه يمتلك رؤية لإنقاذ العراق وانما لتأثير بعض الشعارات على عقله البسيط فكان ان دفع انصاره للشارع وطلب النصرة من جميع مَن يرغب بالتخلص من هذه المحاصصة فكان التيار المدني قد وجد فرصة للخروج بقوة الى التظاهر حتى وإن كان الذي يقود هذا التظاهر بقيادة تيار ديني ورجل لا يمتلك فهم لما يطلب التيار المدني، المهم ان يخرج ودون ان يسأل ما الفائدة التي سيحصل عليها المواطن اذا كان زعيم الحملة لا يخضع للقانون؟
فما فرق هذه الانتهازية التي تحرّك فيها التيار المدني وبين الاحزاب الحاكمة؟
أنّ صاحب المبدأ الذي يؤمن بقيمة الانسان واحترام كرامته وصون حقوقه لا يمكن ان يشترك مع تكتل مارسَ كل أنواع الانحلال من القانون فهو يملك محاكم بعيدة عن سلطة الدولة وزعيمه غير قابل للمثول امام القضاء ومليشياته تقتل كل من يقف ضدهم من ضعفاء الناس، أضف الى أنّ هذا التيار اشترك في كل الحكومات ومؤسسات الدولة منذ السقوط وليومنا هذا فهل يعتقد التيار المدني انه باشتراكه في هذه التظاهرات سيستطيع ان يبني دولة المواطن وأنه سيملك الصوت الاعلى؟
في الحقيقة هذه انتهازية كسرت ما ندعو اليه وقد أعطت الحرامية الاستمرار بالسرقة وسيفشل التيار المدني وسيتفق الآخرون والتيار المقتدائي في نهاية المطاف.
والسؤال المطروح كيف يتحوّل اليسار الى أقصى اليمين، واليمين الى اقصى اليسار لولا الانتهازية التي يتمتع بها كِلا الطرفين؟
سلمان السلمان