قضايا وآراء

التلوّث الإشعاعي في العراق بين مدّ الواقع وجزر السياسة (2)

إشارة إلى المصادر المشعة الثابتة والمتحركة

أمثلة على التعرض للأشعة النووية عبر التأريخ

أهم سمات التاثير البايولوجي للإشعاع

جدول يتضمن بعض الأرقام للمصادر الإشعاعية الطبيعية والإصطناعية

[الجرعة المكافئة بوحدة الريم= 5 × عمر العامل بالسنين ــ 18 ]

الأرقام التي أشارت إلى الجرعة المكافئة والممتصّة

فعل الأشعة الحقيقي على أعضاء الجسم

والآن إلى الحلقة الثانية:

 

إن لنوع الأشعة دوراً مهماً في التاثير البايولوجي للإشعاع فمثلاً أشعة (أو جسيمات) ألفا تخترق الجلد فقط وأشعة(أو جسيمات) بيتا فلها القابلية على إختراق الجسم أيضاً إلا أنّ جزءا بسيطا من الملابس قادر على إيقافها دون الدخول أو الاستمرار بالنفوذ إلى الداخل. أما أشعة غاما والنيوترونات فانها تصل إلى داخل الأنسجة دون عائق، بسبب كون الأولى أشعة كهرومغناطيسية والثانية لعدم إمتلاكها شحنة كهربائية، فلا حاجز يوقفهما(آخذين بنظر الإعتبار أنّ لأشعة غاما سرعة تعادل سرعة الضوء ويمكن إيقافها بسمك كبير). كما يختلف التاثير ايضاً بإختلاف درجة التعرض فالأعراض الواضحة للإشعاع تتطلب جرعة كبيرة أكبر من 100 راد مأخوذة في فترة قصيرة، وهذا يحدث عند تلقي جرعات زائدة أثناء العلاج أو التصوير بالأشعة أو في الحوادث الإشعاعية. ومن الضروري الإشارة إلى أن الأعراض التي تظهر على أعضاء الجسم تكون بفترات متباينة حسب نوعية العضو الذي تعرض إلى الأشعة المؤينة، وأنّ قيمة العتبة تختلف من عضو إلى آخر. فنخاع العظم الأحمر يحتاج إلى 100 راد وبفترة 2 الى 3 أسابيع لتبدأ الأعراض بالظهور أمّا إذا بلغت الجرعة 200 راد وخلال 3 إلى 8 أسابيع فتكون كافية لإرتفاع درجة حرارته وإصابته بالغثيان والإرهاق ثم حصول إنخفاض بعدد الكريات الدموية البيضاء ونزيف بالجلد لتنتهي بوفاة المصاب.أمّا بالنسبة للأمعاء الدقيقة فان 500 راد كافية لتبدأ الأعراض بالظهور على المصاب ولفترة 3 إلى 5 أسابيع، أمّا حد العتبة لحدوث الوفاة فهو 1000 راد وخلال 3 إلى 14 يوماً بعد يوم التعرض للأشعة لتحدث الوفاة بعد شعور المصاب بفقدان بالشهية والتقيوء والإسهال وإرتفاع في درجة حرارة المصاب ثم جفاف واضح بالجسم مع هبوط واضح بالدورة الدموية. وللجهاز العصبي المركزي قيماً مختلفة في قيمة العتبة ومن فترة الوفاة حيث أن 2000 راد ولثلاث ساعات من التعرض كافية لتظهر الأعراض الأولية على المتعرّض، أما إذا كانت الجرعة 5000 راد ولفترة يومين فقط من التعرض يحدث الشعور بالصداع ورعشات متفرقة وتشنجات متفرقة كذلك وإختلال في توازن المصاب لتنتهي به الى الموت.

ومن الملاحظ للعديد من الحالات أن حالات الشفاء التي تمت لعدد من المصابين قد تركت آثاراً متعددة على المصابين وإستمرار عدد من الأعراض بصور متعددة بعد الشفاء من المرض الذي كان محدداً من خلال الجرعة التي تم إمتصاصها من قبل المتعرض.

إن هناك من الأعراض ما يكون عرضاً شديداً وعضوياً واضحاً لجيل بعد الإصابة: منها ضمور الكلى أو ضمور في بعض خلايا نخاع العظم وإنخفاض في عدد كريات الدم البيضاء والحمراء والنمو غير الطبيعي لبعض خلايا الدم.أو ربما تكون الأصابات بصورة أخرى كالعقم الدائم أو المؤقت لكلا الجنسين.ومن الأعراض أيضاً أمراض جلدية غير سرطانية وبأشكال مختلفة(الملاحظ للعديد من حالات الإصابة في البصرة خاصة قد أثارت الكثير من الهلع بسبب تعدد الإصابات بنوع واحد من المرض وفي أماكن متعددة من المدينة حيث يوضّح ذلك نسبة القصف التي تعددت مواقعه وبنفس النوع من النظائر المشعة التي قصفت وبأسلحة متعددة ولكن بكثافة عالية، حيث كان المناخ قد إشتدّت فيه الرياح مما أدى إلى إندفاع كميات كبيرة من الغازات والنظائر المشعة إلى أماكن معينة كما أشرنا. ولذلك وعند إضافة مناطق أخرى قد تعرضت إلى القصف منذ عام 1991 كما في بغداد والرمادي، نقول أن البيئة في العراق(على الأقل في المساحات المدروسة!) بيئة ملوّثة بكلّ المقاييس العلمية العالمية.

 

ومن الملاحظ ومن خلال مراقبتي للعديد من الحالات التي غادرت العراق إلى أماكن متعددة من العالم كليبيا (يوم كنت أعمل هناك) وإلى السويد(حالياً) من مناطق البصرة والناصرية وبعض مناطق السماوة التي كانت لا تبعد كثيرا عن تجمعات الأسلحة الثقيلة التي تعرضت إلى القصف. لاحظت تكرار الإصابة بما يلي:

حالات عقم محدودة،إصفرار في الوجه وفقر دم حاد(ربما يكون ناتجا عن تكسر في الكريات الدموية)،بعض الأمراض الجلدية، التشوهات الخلقية، وسرطان الثدي. وهذا ما يتّفق مع بحث الدكتورة سعاد العزاوي المثير للإنتباه والدهشة!! حيث تشير الدكتورة سعاد في دراستها بأخذ عيّنات متعددة من تربة على الحدود العراقية الكويتية إمتدادا إلى مدينة صفوان بإتجاه أم قصر وإلى حقل الرميلة الشمالي بإتّجاه الحدود السعودية العراقية، إلى أنّ تركيز الفعّالية الإشعاعية في التربة تأخذ بالزيادة من 2019 بيكرل لكلّ كيلوغرام إلى أن تصل الى 79100 بيكرل لكلّ كيلوغرام* والتلوّث كان بنظير الثوريوم 234

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البيكرل:وحدة الفعالية الإشعاعية التي تدل على حدوث إنحلال واحد في كلّ ثانية من النظير المنحلّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(تأثير هذا النظير من خلال حقن فئران 30 مليون بيكرل لكلّ كيلوغرام واحد من الجسم أدى إلى موتها خلال 4 إلى 5 أيام. والنسبة التي حصلت عليها الباحثة تعادل 0.00673% كحدّ أدنى و 0.2637% كحدّ أعلى بالمقارنة مع البحث العلمي المتعلّق بالفئران. فلو قمنا بأخذ العينات البشرية في عام التعرض أي عام 1991 أي منذ تعرّضها إلى نظير الثوريوم234 المذكور، فما الذي يحصل؟! علما أن البحث الذي قدم على العينات المذكورة تمّ عام 2006 أي بعد تعرّض المنطقة للأشعة ب15 سنة، علما أنّ الأبحاث النووية الطبية المختلفة تشير إلى أنّ هذا النظير يتركّز في الكبد والهيكل العظمي. وقد لوحظت التغيرات الباثولوجية في المنطقتين من الجسم حين تعرضه تعرضاً كاملاً، كما في عيّنات الفئران التي ذكرناها).

أما تركيز الفعالية الإشعاعية لليورانيوم 235 والذي وجدته الباحثة في التربة(وسنشير إلى عينات أخرى من الماء وغيره) ممتدة عيناتها نفس الإمتداد الجغرافي المذكور أعلاه فقد كانت قيمة التركيز 30.9 كحدّ أدنى إلى 901 بيكرل لكلّ كيلوغرام(ضمن تكوين اليورانيوم المنضّب يشترك النظيران اليورانيوم 235 و 238 وقد كانت النسبة في العينات التي أخذتها الباحثة هي 0.009 و 0.0161 بين النظيرين اللذين وجدتهما في العيّنات.

يكون التأثير في اليورانيوم المنضّب تأثيراً معقّداً لانّه تأثير مزدوج من تأثيرات كيميائية التركيب لهذين النظيرين وتأثيرات الإشعاع في إطاره العام. وبذلك سيكون تأثيره تأثيراً واسعاً على الصحة والبيئة معاً. ومما هو معروف أنّ نسبة اليورانيوم المنضّب تكون بالشكل التالي:

يورانيوم 238 ( 99.27%) ويورانيوم 235 (0.72%) ويورانيوم234 بنسبة (0.0055%) وقد كانت النسب الموجودة في عينة التربة التي أخذتها الباحثة أقل من نسبة اليورانيوم المنضّب المعبأ في القذائف نتيجة الإستخدام وإختلاط هذا النوع مع الكثير مما في الطبيعة. لذلك فقد أنصفتنا القوات الامريكية بنسب قليلة من اليورانيوم المنضّب!!!!!! لكن لم تنصفنا في تأثيراته التي تصيب الكلى والكبد والقلب والعديد من أنظمة الجسم ناهيك عن تأثيراته على البيئة كونه معدناً ساماً وعمره النصفي يصل إلى 4.468 مليار سنة أي أنّ تأثيره سيبقى بهذه الشدة خلال هذه الفترة المذكورة ثمّ يضعف إلى نصفه بعد مرور نفس الفترة إن لم بعالج الأمر بعدة علاجات سنطرحها في حلقات قادمة(ما يتعلّق فقط بالبيئة وليس الإنسان الذي أخذ نصيبه بشكل كاف!!). ونشير فقط إلى أنّه خلال ثلاثة أسابيع تمّ قصف المدن فقط بألف الى 2000 طن من اليورانيوم المنضّب (مرة أخرى: هذا فقط في المدن!!! ففعلاً قد أنصفونا!!! كما هم ينصفونا اليوم وهم القوة الموجودة على أرض العراق بالفعل!!!!)

لقدأشارت الكثير من الفحوصات على المرضى من خلال فحص البول(حيث تتركّز أثار نظير اليورانيوم في الكليتين) إلى زيادة واضحة بنسبة الإصابة بفعل التعرض لليورانيوم المذكور.

إنّ سلسلة إنحلال اليورانيوم تتضمّن تحرّر جسيمات ألفا وبيتا وغاما بالشكل الذي يجعل كلّ مرحلة إنحلال بعمر نصفي معيّن حسب نوع الجسيم الناتج وتنتهي المرحلة بتحوّل النواة لذلك النظير الى نواة الرصاص206 المستقر بعد مرور الفترة التي ذكرناها وهي 4.468 مليار سنة. وهذه التأثيرات مستمرة على الناس والبيئة طوال الفترة التي ذكرناها. وقد تمّ في هذه المواقع المقصوفة إنتقال واضح للهباء أو الرذاذ الجوي إلى مناطق واسعة في المدن: البصرة وذي قار والمثنّى وميسان من خلال السؤال عن وجود سكن المواطنين خلال عملية القصف والفترة التي تلتها بعد حصول الكثير من تنقلاتهم بين الأماكن الملوّثة. وقد تمّ إستنشاق وبلع النظائر المشعّة بشكل واضح. أي أنّ التأثير كان في الجهازين التنفسي والهضمي معاً ناهيك عن الأجهزة الأخرى كالعظمي والدموي والعصبي والعضلي.

 

آثار …. وآثار

لقد لوحظت عدد من الآثار الوراثية والمسماة بالعشوائية على الكثير من الولادات<ذكر تقرير وكالة الأنباء الإنسانية "أيرين"، التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إلى أنّ((معدلات الإصابة باللوكيميا بين الأطفال، ارتفعت بنسبة تصل إلى 22 في المائة، عن الحالات المسجلة في العام 2005، فيما ارتفعت معدلات الإصابة بسرطان الثدي بين النساء، بنسبة 19 في المائة.هذا في المحافظات التي ذكرناها وخاصة في البصرة وميسان))> وهي التاثيرات التي لا تعتمد على الجرعة ولكن يتناسب إحتمال حدوثها مع قيمة الجرعة تناسباً بعلاقة خطية عند مستويات الجرعات المنخفضة وأن التعرض لمثل هذه الجرعة التي تؤدي إلى طفرات وراثية وكذلك في الخلايا العضوية.من هذه الأعراض العشوائية سرطان الدم والغدة الدرقية وسرطان الرئة إضافة إلى سرطان العظام الذي غالباً ما يحدث عند إمتصاص النيوترونات التي تتركز في العظام أو الإصابة بجسيمات ألفا التي تكون لكتلتها الكبيرة القابلية على الترسب والتركيز في خلايا العظام. ومن السرطانات التي تصيب النساء بحيث إزدادت نسبته بشكل كبير هو سرطان الثدي(هناك نسب من الإصابة بسرطان الثدي عند النساء في البصرة والناصرية بشكل واضح ومن يريد أن يطلع فليذهب إلى مستشفيات المدينتين وليلاحظ حالات التشخيص لدى النساء وبأعمار مبكرة ليست كتلك التي تظهر عن كبيرات السن. كما وتشير الكثير من التقارير وخاصة ما تذكره الجمعية العراقية لمكافحة سرطان الثدي إلى أن الإصابات بهذا المرض قد تضاعفت في مدينة الناصرية جنوب العراق(بالإضافة إلى الإرتفاع بنسبة الإصابة 19% التي ذكرناها اعلاه).

كما يشير الدكتور ميثاق عبد المهدي الطبيب المتخصص في مستشفى الحسين التعليمي (راجع الحديث في شبكة أخبار الناصرية بتاريخ الأحد 8/17/08). إلى أنّ (الحروب التي مرّ بها العراق أدت إلى زيادة غير طبيعية في الأمراض السرطانية. فقد إنتشرت أمراض سرطان الدم بشكلٍ كبير في مدينة الناصرية والمحافظات المجاورة لها، كما أن وجود بقايا أسلحة الجيش العراقي في بعض المناطق أسهم بشكلٍ كبير في إنتشار الأمراض السرطانية وخصوصاً بين الأطفال والنساء. ولكن لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المصابين بالأمراض  السرطانية جراء الحروب) على حدّ قوله.

ويؤكد الدكتور ميثاق إلى أن (العلاجات الموجودة الآن لا يمكن لها أن تقدم شيئاً للمرضى. لذلك فإن المرضى في الناصرية يضطرون للذهاب إلى البصرة أو بغداد لتلقي العلاج في حين أن الناصرية هي أكثر المدن الموبوءة والأكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض، وبالتالي فهي بحاجة ماسة لإنشاء مركز خاص بسرطان الدم). علماً أن واحدا من مسببات الإصابة المستمرة بالسرطان في الناصرية هي أكداس السكراب للعديد من الآليات المدمّرة والمتروكة على أطراف المدينة والتي تحتوي  على نسب إشعاع عالية تجاوزت الحدّ المسموح في أحيان كثيرة!! حيث قام العديد من المواطنين بنقل الكثير من هذا السكراب إلى داخل أحياء المدينة. وكذلك تشير التقارير التي ذكرت جزءا منها سي أن أن الإخبارية الأمريكيّة إلى أن هناك ارتفاعاً قياسياً في الوفيات الناجمة عن السرطان بجنوب العراق(راجع التقرير بتأريخ 01/06/07) وتشير التقارير الطبية والدراسات العلمية الحديثة إلى أن (معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية والوفيات الناجمة عنها، إرتفعت بصورة غير مسبوقة في مناطق الجنوب العراقي، مرجعة ذلك إلى تزايد إستخدام منتجات غير آمنة في الزراعة، فضلاً عن التأثيرات طويلة المدى للحروب التي شهدتها المنطقة طوال الثلاثة عقود الماضية) كما (وأكدت وكالة الأنباء الإنسانية "أيرين"، التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أن الضغوط النفسية والشعور بالخطر نتيجة الحروب والصراعات، التي تسببت في تشريد الملايين من سكان المنطقة، قد تسببت في إضعاف قدرة هؤلاء الأفراد على مقاومة الأمراض المختلفة، فضلاً عن النقص الحاد في الكفاءات والتجهيزات الطبية). ويذكر أحد المسؤولين الإداريين في مجال صحة البصرة بنفس التأريخ المذكور أعلاه، حيث لم يظهر أيّ جهد واضح جديد إلى المعالجة حتى الآن! فيشير المسؤول المذكور والمدعو حسين عبد الكريم، أن (نقص العلاجات اللازمة لأمراض السرطان المختلفة، سواء الدوائي أو الإشعاعي، يقلل من فرص نجاة العديد من المرضى، كما أن نقص الأطباء المتخصصين، الذين فر معظمهم إلى الدول المجاورة نتيجة الحرب، يزيد الوضع سوء). بل وكشفت دراسة لكلية الطب بجامعة البصرة (إرتفاعاً قياسياً في عدد حالات السرطان الناجمة عن ويلات الحرب، معتبرة أن الأمراض السرطانية أصبحت أحد أكبر العوامل التي تسبب وفاة المواطنين في مناطق الجنوب العراقي). ويقول أحد <أعضاء فريق الدراسة، ويدعى عماد حسن: "إن نسبة تزيد على 45 في المائة من حالات الوفاة المسجلة مؤخراً بالمحافظات الجنوبية، جاءت نتيجة الإصابة بمرض السرطان"، مشيراً إلى أن بعض المرضى يصابون بمضاعفات خطيرة>.

وقد أشارت الفحوص المعملية إلى أن (مياه الشرب في محافظات "البصرة" و"المثنى" و"ذي قار" و"ميسان"، غير آمنة، كما أنها في بعض الأماكن، خاصة في المناطق النائية، تحتوي على معدلات عالية من المواد السامة شديدة الخطورة).

إذن من أعلاه نستنتج بأن الخطورة التي تعرض لها الجسم من التأثيرات المختلفة المذكورة أعلاه هي على نوعين هما: جسدية Somatic: وهي مخاطر تصيب كل الخلايا الجسمية بإستثناء التناسلية منها ومن هذه المخاطر: سرطان الدم أو إبيضاض الدم Leukemia أاي زيادة غير طبيعية في أعداد كريات الدم البيضاء، وسرطان الغدة الدرقية Thyroid Carcinoma، سرطان العظم Bone Sarecoma، سرطان الأحشاء الداخلية Visceral Cancer ، عتمة عدسة العين Lens Cataract وهو مرض يؤدي إلى تلف عدسة العين وإحتمال فقدان البصر. وقد أشارت الدراسات أن الإصابة بمثل هذا المرض ناجم عن 0.2 الى 0.5 كوري* من النيوترونات السريعة أو 2 كوري من أشعة غاما أو أشعة رونتغن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكوري: يساوي 3.7×10^10 بيكرل أي 3.7 مضروباً في عشرة آلاف مليون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المؤلم أن نشير إلى أن العديد من التجارب أجريت لمعرفة تأثير الأشعة النووية على الجيل الثاني حيث أجريت عدة تجارب على سجناء ومتخلفين عقلياً في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1945 إلى تسعينيات القرن الماضي ومن المؤلم أكثر أن نشير إلى أن بعض التجارب أجريت بنفس الطريقة في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينيات القرن المذكور من قبل النظام العراقي البائد حيث تم التخلص من هؤلاء بعد إجراء التجارب عليهم ولم يعرف أثرهم حتى أهليهم. حيث حقن العديد من المتخلفين عقلياً بكميات متباينة من الجرع لغرض الدراسة وكذلك أجريت على سجناء في سجن أبي غريب وتم قتلهم ودفنهم سراً!! لذلك وفي هذه المناسبة نشير إلى طلب الكشف عن العظام التي يعثر عليها في مقابر بالقرب من السجون ومن دوائر النظام السابق الأمنية وبالقرب من سجن أبي غريب خاصة وسجن الفضيليّة حيث يعتقد أنّ هناك من تمّ التعامل معهم بسبب عدم العثور على أي أثر لهؤلاء. ونطلب إستنطاق رجال النظام السابق الذين تتمّ محاكمتهم وخاصة المدعو وطبان وسبعاوي وغيرهما لمسؤوليتهم عن هذه العمليات والكشف الكامل عن هذه الجرائم الكبرى.

إن عملية التعرض التي أشرنا اليها، تتمّ على شكلين الأول قبل الإخصاب والثاني بعد أن تتم عملية الإخصاب حيث إذا حصل التعرض قبل الإخصاب ربما يؤدي إلى عجز في الإخصاب أو إذا حصل الإخصاب قبل التعرض بحيث يتشكل المشيج(وهي خلية جرثومية ناضجة إذا إتحدت بخلية جرثومية أخرى كونت فرداً جديداً) بحيث تتكون اللاحقة zygote فإن الذرة المتكونة تتطور إلى ناتج بحيث لو تعرض إلى الإشعاع فان التاثير يكون في الغدة التناسلية. أما إذا إنتقل الإشعاع إلى الخلية وهي بالمستوى النامي تقليدياً فإن ذلك يكون بداية للإصابة بالسرطان. حيث تبدأ عملية الإنقسام الخلوي بشكل غير مسيطر عليه(ولو أن السرطان المذكور ليس معروفاً أصله لحد الوقت الحالي فإن أحد أسبابه الرئيسة هو الإصابة بكمية فوق الحد المسموح به من عدد من النظائر المشعة كاليورانيوم وغيره، حيث تعرضت مناطق عديدة في العالم لهذه النظائر فإزدادت نسبة الإصابة بالسرطان المذكور وبأنواعه العديدة كما حدث في مناطق جنوب العراق في المحافظات التي أشرنا إليها بعد تعرضها إلى نسبة من اليورانيوم المنضّب بعد إطلاقه من قبل القوات التي تحالفت على إخراج الجيش العراقي آنذاك وتحرير دولة الكويت، في الحرب الخليجية الثانية فأثر في المنطقة بأجمعها حيث إزدادت النسبة للإصابة بسرطان العظام، الدم الكبد والبنكرياس وغيرها في أوساط مختلفة وخاصة في مناطق البصرة والكويت وقد لوحظت إصابات عديدة في جنود الحلفاء أنفسهم حيث أطلق على الأعراض التي ظهرت عليهم إسم أعراض متزامنة حرب الخليج. أو حالات الإصابات بإشعاعات السنترونتيوم 90 والسيزيوم 137 بعد التسرب الذي حصل من مفاعل تشرنوبيل عام 1986 حيث ظهر جيل من الأطفال، إزدادت نسبة الإصابة بتكسّر الكريّات الدموية الحمراء( اللوكيميا) عن حدها الإعتيادي في مدن عديدة داخل اوكرانيا وبيلوروسيا كمدينة كوميل Gomel التي تبعد مسافة لا تزيد عن 150 كيلو مترا عن مكان الحادث.علما أن اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع تؤكد على أن الإضافة إلى الخلفية الإشعاعية لا تتجاوز الحدود المذكورة تالياً:

# لعموم الناس1000 (كمثال 1 ميلليسيفيرت لكل سنة) وللعاملين في الحقل النووي 20000 (20 ميلليسيفيرت في السنة).[المصدر:اللجنة الإسترالية للوقاية من الإشعاع و لجنة الأمان النووي الإسترالية ومجلس الوقاية من الأشعة النووية البريطانية ومنظمة العلوم والتكنولوجيا النووية الإسترالية].

يمكن القول أن الوقاية من الإشعاع تعتبر قاعدة لفهم ما إذا كان إستلام الجرعة الممتصة من قبل الجسم أو المادة ضمن الحد المسموح به أم غير ذلك لكي نقرر على أساس هذا فيما إذا كان الأمر يهدد الجسم أم لا. وكلمة تهديد هنا نعني بها أن الجسم قد تعرض إلى جرعة تجاوزت الحد المسموح به.

ولنا مع التلوث في العراق جولة أخرى!!

 

د.مؤيد الحسيني العابد

Mouaiyad Alabed

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1323 السبت 20/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم