قضايا وآراء

قراءة إنطباعية لنص بابا بابل للشاعر صالح الطائي

موضوعية بعيدا عن المؤثرات الشخصية. علما ان تلك القراءات قد تكون موضوعا للنقد، او ما يسمى بـ (نقد النقد) .. مع الشكر الجزيل .... التحرير

 .....................................

يقول رينان.. تقوم براعة الكاتب/الشاعر بأن تكون له فلسفة...ولكن أيضا بإن يعرف كيف يخفيها..يجب ان يرى الناس

 الجداول التي تخرج من الجنة لا الينابيع التي تتفجر منها..وأن يسمعوا الانغام من غير ان يروا الة الطرب التي تعزفها..الشاعر الطائي في نصه بابا.. بابل كانت له فلسفة خاصة متطامنة لاتمنح نفسها بسهولة.. وهو بعفوية الشاعر كان مخلصا لمقولة رينان هذه. فلسفته ليست سياسية رغم ان النص ينضح سياسة.. وما يقدمه النص أبعد من صرخة احتجاج لما يجري لبابل وفي بابل..

النخلة قد بيعت منذ مدار

 والليل توسد ليلا آخر..

بل فلسفته تقوم على إبداع نص شعري مختلف.. ينهل من الماضي. لكنه يرصد الحاضر.. هذه الثنائية.. أحدى اهم سمات النص..  ليلان تنهل منهما القصيدة ليل جميل .. ليل العشاق والسمار.. وليل اخر رديء يتوسده حتى بتنا لانميز أي ليل هو ليلنا..

 وظرف الزمان منذ .. مضاف لمفردة غائمة غير متوقعة (مدار)..قال الشاعر  سامي العامري عن النص. قصيدة تتوسل بمهارة صورا شعرية رائقة..مهارة الشاعر تكمن في هذه الصور التي ترصد الفجيعة..فالطفلة تصرخ.. والبوم ترعرع..والعين تقايض كل الرؤى بتوابيت..هل ثمة مقايضة اكثر رعبا وخسرانا ..والاحزاب توابل.. هنا يسرب الشاعر معلومة سياسية راهنة.. دون ان يفقد النص توازنه ويغرق في المباشرة..  فتلك الصياغة جاءت وسط ركام من الصور الشعرية الأخاذة..ان تداخل اليومي.. العراقي بالذات..وضغط  الاخبار الراهنة على مخيلة الشاعر نجده واضحا ومؤثرا في النص لكنه يستدعي حمورابي من الماضي السحيق ليلبسه قناعا  مستفزا.. فحمورابي دون غذاء.. والاسرى هم الزعماء.. في اشارة رهيبة واضحة الى تبادل الادوار.. فعراق حمورابي امسى مضغة بيد  اسرى الامس كأن في الامر ثمة ثأر وثمة انتقام.. لكن في الوردة كون.. وفي القلب تمارين قنابل.. يبذل الشاعر جهده لكي يخرج بك الى فضاءات شفيفة لكن قتامة الواقع لا تدعه... بل هي له بالمرصاد  ففي.... القلب... تمارين.. قنابل..ويبقى حمورابي المتماهي مع الشاعر يتجول في بابل وقد اخرج كأسا اخرى وليغرق في بكاء حار طويل.. هنا نعثر على قليل من الرومانسية رغم كل رماد الفجيعة.. لكن الصبايا يسألن بابا حمورابي.. هل نحن سبايا؟؟ أم نحن لحم المقاصل.. لنغرق في لجة عميقة من الفجيعة ليس لها من قرار ولا بارقة أمل..

هذه قراءة انطباعية سريعة لنص الشاعر صالح الطائي..أستميحه عذرا.. ربما أكون قد تجاوزت بعض مقاصده أو تخلفت عنها.. لكنها مقدمة لا بد منها للنص.. ويبقى للنقاد رأيهم الاكاديمي الرصين.. وللشاعر..هي دعوة للجميع للتأمل ...

.................................

 

saleh_taeiبـابـا...بـابـل

صالح الطائي

 

الطفلة ُ تصْرُخُ في صمتٍ

البومُ ترَعْرَع َ.....

 

 

والحلوى دماءْ

والشارع ُ ثعبانٌ أعمى

 لقد اختلط القاتلُ بالحابلْ

والسافلُ بالنابلْ

بابا... بابل!

 

في الوردة كونٌ ...

وفي القلب ِ تمارين ُ قنابلْ 

الدمعُ تآمرَ

في آخر ِ ساعات ِ الصبر ِ

على روحيَ بالإنهمارْ

والطفلة ُ تصْرُخُ...

الخرائبُ تجْترّ ُ أحجارَها

والصدرُ جَهَنـّمُ

والعينُ تُقايضُ كلّ الرؤى

بتوابيت ِ نهارْ                                               

والأحزابُ توابلْ

 الطفلة ُ تصْرُخُ

والنخلة ُ قد بـِيعَـتْ منذ مدارْ

الليلُ توَسّدَ ليلاً آخرَ

واحتكرَ الظلامْ

بعدما هَـرَبَ العاشقُ من دمِهِ

واعتزلَ الغرامْ

لمْ يبق َ سوى أسَدٍ

يتسَكّعُ سكران َ

بين أزقّتهِ ِ المسروقةِ

والتأريخ المحروقْ

فـي يدِهِ هَيكلُ لـَبْوَتِهِ

وعويلُ خواءْ

فتمَشّى قليلاً....

رأى جثثاً متناثرة ً .....

أرواحاً راحلة ً....

حمورابي بدون غذاءْ

والأسرى هُمُ الزعماءْ

أخرَجَ من جيبهِ كأساً أخرى

وابتدأ البكاءْ

فرَّتْ عيناهُ واسْتلقتْ في

جُرفيّ النهـر الغارق ِ

في الوحشة ِ والأرقامْ

طابوقُ المدينةِ معجونٌ

بالدمِ ِ والطين ِ

والشـوارع ُ تهمسُ...

والطفلة ُ تصْرُخُ

بابا...بابلْ

بابا...بابل!

يا جذرَ الدنيا..

يا مطحنة ً

لِلآن َ لمْ تدخلْ فيها السنابلْ

كلّ الغيوم ِ ثعالبْ

تمطـُرُ فوق الألفيـن ِ

حِيَلا ً سوداءَ

على أفواهٍ وأرانبْ

والطفلة ُ ما زالتْ تصْرُخُ

بابا...بابا...

سائِلـْهُـمْ في المنفى

أو في الوطن ِ الراحلْ

هلْ نحنُ سبايا...

أمْ نحنُ لحْمُ المقاصِلْ؟

بابا....بابا

بابلْ !

 

[email protected]

 

..........................

نشر في المثقف باب نصوص، يوم: 9-5-2010

http://www.almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=13916:2010-05-09-14-19-31&catid=35:2009-05-21-01-46-04&Itemid=55

 

اقرأ ايضا

مقترح لتفعيل اداء النقد الادبي في صحيفة المثقف

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1404 السبت 15/05/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم