قضايا وآراء
هل يشهد العراق طبقة "أبو ريشة" من النبلاء الجدد؟ / جاسم العبودي
الثورة البرجوازية والبروليتارية.. وكانت أصنافها?:
1- نبلاء من أصول وعوائل نبيلة منذ القدم.. طبقة أراح الله منها العباد في العراق حيث لم تولد فيه قطّ..
2- نبلاء إقطاعات حصلوا عليها من الملك مقابل مآثر، خدمات أو مصالح أدووها للملك أو خلعها عليهم لسبب ما آخر.. غالبا ما تتأتَّى من إستحقاقات غير قانونية ولا شرعية.. وهذا ما أُبتلينا به في العراق..
3- وثالث الأصناف: نبلاء بالوراثة (عن طريق القربى).. وينقسم هذا الصنف في عراق 2003 إلى قسمين:
أ- نبلاء الوراثة العشائرية، مثل مسعود البرزاني الذي ورث الحكم والسطة واستحوذ عليهما عبر الأرث القبائلي لشروال والده.. وما يدعم كلامنا ما ذكره الباحث الكردي رفيق بشدري في كتابه (أيها الكردي.. تعرف علي عدوك، ج 1 ص 345، السليمانية 12/12/2000) عندما استدعى المرحوم عبدالكريم قاسم في أيلول 1959 إلى مكتبه في وزارة الدفاع كلاً من مصطفى بارزاني والشيخ أحمد آغا الزيباري (هو عم هوشيار زيباري)؛ زعيم قبيلة الزيباريين الكردية لإجراء مصالحة بينهما إثر تفاقم الخلافات والمعارك بين أسرة البارزاني وقبيلة الزيبار. (فقال أحمد: أنا جئت إلى هنا احتراماً لإرادتك ورغبتك.. فهذا الرجل - وأشار إلى بارزاني - لا يستحق أن ألتقي أو أجتمع به لأنه لا يساويني في الشخصية والمكانة والتأريخ. أنا يا سيادة الزعيم أستطيع أن أذكر أسماء اثني عشر من أجدادي قبورهم ما تزال قائمة وشاخصة في الزيبار.. وسيادتك رئيس حكومة ولديك سلطات تقدر أن تطلع على الحقيقة وتعرف من منّا العراقي الأصيل والعراقي الوافد).. وقد اغتيل الشيخ أحمد الزيباري بعد أسبوعين من هذا اللقاء من قبل بارزاني..
ب- والصنف الثاني نبلاء الوراثة الدينية، وخير مثال لهذا الصنف عمار الحكيم، حيث وُرِّثَ عمامة أبيه وعمه على رئاسة الإئتلاف الوطني، الأمر الذي خُيِّل له أنه له سلطات إلهية، فلم يترك وزيراً أو رئيسا أو ملكاً إلا قابله، ولم تبق دولة إلا زارها، رغم أن مقاعد مجلسه الأعلى لا تتعدى الثمانية مقاعد في برلمان 2010 الذي لم ينعقد سوى مرة واحدة منذ 29/3/2010..
وأصبح مع المثال الثاني من نبلاء الوراثة الدينية؛ مقتدى الصدر الذي ارتدى عمامة أبيه، عصا في دولاب السياسة في العراق، وحجر عثرة - مثلا - أمام تشكيل الحكومة العراقية منذ 29/3/2010.. وذلك بترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء؛ المتعطش لحد النخاع لتسلم هذا المنصب وإسقاط المالكي، والحاصل على 30.473 صوتاً مقابل نوري المالكي الحاصل على 622.961 صوتاً، بدعوى مصلحة هذا الشعب المظلوم !..
ولكن بعد أن ركل الصدريون قواعدهم الشعبية في استفتائهم الشعبي الذي رشحوا فيه إبراهيم الجعفري.. ولحد يوم 30/9/2010 حيث كان الصدريون يرفضون رئاسة نوري المالكي للوزراء.. في اليوم التالي انقلبوا ووافقوا على ترشيحه لهذا المنصب.. مما جعلت التيار يبدو كتاجر يسعى إلى الحصول على السعر الأعلى، أكثر منه كتيار سياسي.. مثلما يفعل الأكراد في "ورقتهم".
ومما يعكس أيضاً التكالب على المصالح الشخصية وليس الوطنية أنه كان من بين مرشحي الإئتلاف الوطني لرئاسة الوزراء أيضاً؛ أحمد الجلبي الذي لم يفُز حزبه إلا بمقعد واحد.. وهو الآخر من اللاهثين إلى ترميم مملكة عائلته..
ب- إمتيازات طبقة نبلاء العصور الوسطى
خمطت هذه الطبقة إمتيازات لم ينزل بها الله من سلطان.. ومنها: الإعفاء من الضرائب والجبايات.. إقطاعات واسعة من الأرض.. عدد ضخم من الفلاحين والعبيد.. قلاع وحصون.. سلاح وعتاد.. حرية الصيد بأنواعه.. قيادة الإحتفالات.. إجراء المبارزة بالسيف.. إلخ
طبعاً.. معفيين من السجن لديون ذات طابع مدني.. ولكن يمكن سجنهم في قضايا جنائية (قتل، سرقة...) في سجون وثيرة منفصلة عن بقية المساجين.. ممنوع تعذيبهم.. تحرم معاقبتهم في قضايا الإهانة والشتائم.. وعدم حكمهم بالإعدام شنقاً.. إلخ
مقابل كل هذه النعم التي يتمتعون بها.. أن يكونوا في خدمة الملك عند نشوب الحرب.. حيث يمنحهم فيها قيادة وحدات من الجيش أو المشاركة فيها.. والملك في ذلك الوقت ولحد اليوم حسب أيديولوجية بعض البلدان الملكية !.. هو "عين الله على الوطن".. حيث تجده اليوم - مثلا - في شعار المملكة المغربية (الله - الوطن - الملك).. وقريب منه شعار المملكة الأردنية..
في مرحلة ما، كانت طبقة النبلاء تحتكر المناصب والمواقع وإدارة الدولة باسم الإمبراطور أو الملك.. ويضعون على رأسهم ريشة تمييزاً لهم عن "الرعاع".. ومع ذلك، على الرغم من استعبادها للبشر، واحتكارها للسلطة، وتوارثها للمناصب والمكاسب، والجاه والمال، والإقطاع، الا أنها كانت لديها بعض قواعد للسلوك،؛ منها أنها تستنكف أن تمد يدها لما هو بأيدي العامة.. كانت شجاعة لم تفر عند أول صيحة.. وتتباهى بإملاكها في مناطقها.. ولم تحول أرصدتها ومتاعها إلى الخارج عندما يستشعرون الخطر.. ولا تتمسكن ولا تصطنع التواضع ولا تتلبس بالزيف الديني..
ت- طبقة الرعاع (الآن الرعية) مكونة من ثلاث طبقات:
1- طبقة الرقيق وهم ملك خاص للنبلاء..
2- والثانية هم من العمال والموظفين والفلاحين والتجار والصناع وغيرهم..
3- والثالثة البلهاء الذين كانوا يتباهون بذلك لأنهم في خدمة النبلاء مباشرة وأعلى منزلة من العبيد.. يمتلكون لسانا حاداً وعقلاً فارغاً ويداً قاسية.. مقابل حفنة من المال يسلطونهم على العامة.. ممن يفكرون بمطالبة بعض حقوقهم.. وما على العامة إلا السمع والطاعة..
وإذا حللنا جيداً اليوم الواقع العراقي.. نجد أن "طبقة الرقيق" قد بعثت من جديد في طبقة "الحمايات" مع إختلاف أنها لم تعد ملكاً لنبلاء العراق الجدد..
أما الطبقة الثالثة (طبقة البلهاء) قد تحولت إلى (طبقة البغاث بأصنافها الأربعة الآتي ذكرها).. وهؤلاء سدنة قوى الشر.. قد ماتت ضمائرهم.. يملكون يداً قاسية لا تعرف إلا القتل مقابل حفنة دولارات وسرقة أموال الشعب بأي شكل كان..
ث- الإقطاع في العراق (في العصرين العثماني والبريطاني)
كانت الإدارة العثمانية تعمل على سيادة النظام الإقطاعي، من خلال دعمها لعدد من الشيوخ مادياً ومعنوياً ومن جانب آخر، كانت تعمل على تقويض أسس هذا النظام، وتحطيم هيكله من خلال إثارة الخلافات، وخلق الفتن بين زعماء العشائر والقبائل..
وعندما احتلت قوة بريطانية البصرة في 5 نوفمبر 1914م بدأ إهتمام الإنجليز بكسب ودّ العشائر في العراق لخدمة المصالح البريطانية، فزودوها بالمال والسلاح ومنحوها إقطاعات كبيرة من الأرض.. وبعد هزيمتهم في ثورة 1920 .. قرروا حكم العراق بصورة غير مباشرة.. فنصبوا الأمير فيصلا ملكًا على العراق، وتوّج في 23 أغسطس 1921م..
وقد عمدت حكومة الإنتداب (1932-1946) إلى توسيع عملية استحواذ رؤساء العشائر والتجار ورجال الطبقة الحاكمة على أراض وإقطاعات زراعية إضافية وذلك بتشريعها قوانين لصالحهم، وخلق طبقة متنفذة موالية لبريطانيا، كما عملت على إضعاف الفلاحين وإجبارهم على الخضوع لمشيئة شيوخ العشائر والمالكين قانونًا وإقتصادًا.. وهكذا تجذَّرت طبقة الإقطاعيين تحت تنورة "أبو ناجي" أولاً.. ثم استفحلت تحت راية حكم الملك الواحد..
ومهما وصلت طبقة الإقطاع هذه في العراق لم تصل إلى منزلة طبقة نبلاء العصور الوسطى، لأن قلّة منهم ممن يحسبون على حاشية الملك.. رغم تمتعهم بإمتيازات ضخمة..
ج- "القائد الضرورة" في العراق من 1958 إلى سنة 2003
وعراقنا منذ 1958 إلى 2003 ساقهُ كالحمل الوديع ! القائد الضرورة !.. وأصبح العراق "طابُو" ملكاً صرفاً للقائد الأوحد وخاصته والعَظَّامَة "حشايته".. (وسميتهم بالعظَّامَة لأن القائد يأكل اللحم ويرمي لهم العظم ليمصّوه).. والحاشية تشمل الأعضاء المرموقين في الحزب الأوحد (ماعدا عبد الكريم قاسم)، وعمداء السلك الحكومي، وقادة الجيش والأمن والشرطة..
ح- العراق من سنة 2003 إلى الوقت الحاضر
ومن 2003 إلى يومنا هذا تسلقت "طبقة البُغاث".. من المثل الشهير "إن البغاث بأرضنا يستنسر".. قال ابن منظور رحمه الله ووالديكم (في لسان العرب 2/119) "يُضربُ مثلاً للَّئيم يرتفع أَمره".. وقيل: "البغاثُ الطير الذي يُصاد ثم يَسْتَنْسِرُ؛ أَي يصير كالنَّسْر".. ومعناه نحن لشدة ضعفنا وتواكلنا صار البغاث؛ وهو أضعف الطيور؛ صار أمامنا كالنسر يتحكم بنا..
و"طبقة البغاث" هذه أشد وطأة وخطورة من طبقة "العَظَّامَة" تلك..
و"طبقة البغاث" توزعت على خريطة العراق في أربعة أصناف:
1- "الحواسم"؛ وهو النعت الذي أطلقه صدام حسين على معركة إحتلال العراق 2003.. وأطلقه العراقيون بعد ذلك على عمليات النهب والسلب للممتلكات العامة التي حصلت في بداية الإحتلال.. ثم يطلقه الشعب اليوم على النواب والساسة المتنفذين والحكام ممن أثروا على حساب الشعب..
وسرعانَ ما تكرشت هذه الطبقة وتحولت إلى طبقة "حواسم ضباع"، حيث تخصُّ المصابين بشبق السطة من زمن مجلس الحكم إلى اليوم.. وهم نبلاء الإقطاعات الجدد "أبو ريشة" في العراق؛ وقد صدق عبد الستار نور علي في رائعته (هلهولة للكرسي الصامد) في وصفهم:
(معارضة، مناهضة، مقايضة، محاصصة، إحتلال مقابل نعيم مقيم،
صارَ النواطيرُ لصوصَ اليومِ
بالأمسِ كانوا أنبياءَ القومِ
أنبياء مزيفون خرجوا من تحت عباءة مسيلمة الكذاب،
الأربعون حرامياً أفرخوا ألوفاً من المريدين بلا حساب ولا كتاب،
فالكلّ في النهب على الأبوابِ،
وسواء عليهم أكتشفتَهم أم لم تكتشفْهم لا يستحون،
قيل الحياء قطرة، وقومنا قطرتهمُ هباءُ،
امرأة بأسمال بالية تطلُّ من صريفتها التي بلا باب وترفع عينيها ويديها نحو السماء:
- اللهم ارفعْ ...! ارفعْهم!)..
لا أريد أن يرتفع ضغطك.. حين أذكر لك أمثلة كثيرة.. ولكن أنصحك بقراءة هادئة لسلسلة مقالاتنا بعنوان (أمام النواب الجدد..) بأجزائها الأحد العشر.. تجد - مثلا - أن كل إنتاج حقول مجنون من النفط،؛ وهو أضخم الحقول، خلال سنة كاملة لا تكفي لتغطية رواتب البرلمانيين لدورة واحدة مع حماياتهم.. وفي ميزانية 2010 كُشف النقاب للمرة الأولى عن "مقدار تخصيصات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب حيث بلغت حوالى 831 مليون دولار"..
القاضي رحيم العكيلي؛ رئيس هيئة النزاهة ذكر أن "مؤسسته لا تمتلك التفاصيل الدقيقة لمصروفات الطبقة السياسية العليا.. كما أن الجهات الرقابية تعلم نسبيا بالمرتبات وجزء من المخصصات، لكنها لا تعلم بملايين الدولارات التي تصرف للرئاسات كمنافع إجتماعية".. لذا تعتبر مرتبات كبار المسؤولين في العراق ومخصصات مكاتبهم بمثابة الألغاز..
إن مكتب الرئيس جلال طالباني "لم يكشف عن حجم المنافع الإجتماعية المتاحة للرئيس، لكن المكتب ذكر أن الرئيس يتلقى شهرياً راتباً ومخصصات تبلغ 75 مليون دينار (أي 900 مليون دينار سنوياً) نحو 700 ألف دولار سنويا".. كما أن كلا من نائبي رئيس الجمهورية، كما قالت مكاتبهم للجهات الرقابية، يتلقون مرتبا مع المخصصات قدره 60 مليون دينار شهريا (سنويا 720 مليون دينار، أي نحو 600 ألف دولار سنويا).. وأن ما قبضه عادل عبد المهدي بعظمة لسانه العام الماضي كمنافع إجتماعية هو أحد عشر مليون دولار..
كما أن مكتب رئيس الوزراء أبلغ الجهات الرقابية بأنه "يتلقى 36 مليون دينار شهرياً (432 مليون دينار سنويا، أي نحو 360 ألف دولار سنويا)؛ بينها 21 مليون دينار مخصصات خطورة، لكنه لم يكشف مخصصات الضيافة ولا المخصصات الإستثنائية".. وأن تقاعد رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني هو 40 ألف دولاراً شهريا (480 ألف دولار سنويا).. مع إحتفاظه بمائة من أفراد حمايته.. وهو لم يخدم سوى تسعة عشر شهراً.. وليس ببعيد عن قصروهم آلاف الأطفال والأرامل ينبشون بالنفايات بحثاً عن لقمة شريفة..
"ولم يقدم رئيسا مجلس النواب السابقين؛ إياد السامرائي ومحمود المشهداني كشف مصالحهم المالية".. "وفي العادة لا يوجد سقف يحدد مصروفات الكبار.. فمكاتب كبار المسؤولين تنفق بلا سقف، ولا قيد، ولا يوجد أساس قانوني يحاسبون على ضوئه حتى لو صرفوا مليار دولار".. وأن البرلمان الذي "كان يصرخ بقوة بشأن الفساد، لكنه لم يشرع القوانين الثلاثة الخاصة بنفقات الرئاسات وهي بمئات الملايين" كما صرح رحيم العكيلي..
2- والصنف الثاني من"طبقة البغاث" هم طبقة"العَلاسة" (بتشديد اللام)؛ وهم الذين قاموا ويقومون أو شاركوا ويشاركون بعمليات خطف وقتل لأناسٍ أبرياء من أجل فدية مالية كبيرة، سواء لمصلحتهم الخاصة أو بدافع جهة سياسية أو دينية أو حزبية أو خارجية.. وكذلك تعني الأفراد الذين يوشون بشخص ما إلى جهة مسلحة بهدف تصفية هذا الشخص.. وصاروا أيضاً من أصحاب المال والجاه والثروة والتأثير في المجتمع..
3- أما الصنف الثالث هو سدنة قوى الشر والظلام في الميليشيات وسفاحي الإرهاب.. وكلاهما قتلة الشعب العراقي.. يقول محمود المشهداني (في برنامج سحور سياسي - قناة البغداية 29/8/2010): "جميع أعضاء مجلس النواب متهمين بالإرهاب والعنف، ما عدا الحزب الشيوعي".. وقد أثرَتْ هذه الطبقة بشكل فظيع خلال فترة قصيرة.. لا سيما وأن تجارة هذه الطبقة القتل الطائفي والعرقي والمخدرات.. وجميعها تتخذ من "اسم الله !" مناراً، ودينه ستاراً!، والله بريء منهم ومن أعمالهم القذرة..
ومن هؤلاء ما يلي، وإن كانوا يشكلون صفحة مظلمة في القاموس العراقي اليومي، فهم عصابات شيطانية هامشية، تطاردهم لعنات العراقيين حتى في المنام:
أ- من يطلقون على أنفسهم "الصَّكّاكَة"؛ وهم - على حدّ وصف أحدهم - "نتسوق الشباب، نضربهم بالكَيْبُل حتى نخلع جلدهم وأظافرهم وحتى شعر رؤوسهم، وبعد أن نتأكد أنهم فقدوا الوعي، نطلق رصاصة الرحمة على رؤوسهم ونرميهم".. حيث يغتالون الأبرياء بشكل مفاجيء وبدون إنذار مسبق.. أو "گصَّاصَة" من "نَگصُّ گصْ"، حسب قول مقتدى الصدر في حديثه عن مفاسد جيش المهدي والصراع بينهم على ذبح الأبرياء ونهب ممتلكاتهم، على الرابط التالي:
http://alhakaek.com/news.php?action=view&id=2776
ب- "القاعدة" وهو تنظيم إرهابي إستخدمته أميركا، وجعلته ينشر الذعر والرعب في أكثر بلدان العالم وخاصة العراق وأفغانستان..
ت- "فرق الإعدام أو الموت" وهي جماعات إرهابية تقوم بتصفية المختلفين معها..
ث- "الصداميون" وهم جماعات تناصر حكم صدام حسين، و"فدائيو صدام" وهي تنظيمات إرهابية مسلحة من بقايا النظام السابق..
ج- "التكفيريون" وهم مجاميع دينية تكفر كل من لا يوافق أفكارهم السلفية.. وغالبيتهم من العرب مستخدمين عديمي الذمة والضمير من العراقيين..
ح- عصابات "القتل على الهوية" وهم يقتلون الشخص حسب الدلالة الطائفية لإسمه أو مكان إقامته..
خ- "المجاهدون" وهم جماعات سلفية تكفيرية يقاتلون بإسم الدين، كل مجموعة يقودها شخص يدعى "أمير"، ويكون حصراً من العرب، ولا يحصل على هذا اللقب إلا بعد ذبح 10 أشخاص أبرياء من العراقيين..
د- "التوَّابون" وهم الأفراد الذين وقعوا في الأسر أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وانضموا إلى السلطة الإيرانية للتجسس وتعذيب الأسرى العراقيين، وقد حصلوا على مناصب مرموقة في العراق بعد الإحتلال..
ذ- "المسلحون الملثمون" وهم أشخاص مسلحون ملثمون وقد ارتبطوا عادة بجيش المهدي.
ر- "الطُگوگ" أي الذي يسرق مبالغ كثيرة من أحد البنوك (أي ينتفح ويطقّ غنى)، من أمثال الحرس الخاص لعادل عبد المهدي؛ نائب رئيس الجمهورية، الذين سرقوا بنك الزوية، بعدما قتلوا ثمانية من حراسه بدم بارد..
وعملة هؤلاء القتلة بإمتياز هي: "عبوة ناسفة"، "عبوة لاصقة"، "حزام ناسف"، "سيارة مفخخة"، "مسدسات كاتمة"؛ فقد بلغ من اغتيلوا باستخدام المسدسات الكاتمة للصوت خلال الفترة الممتدة من 1-1-2010 ولغاية 17- 9- 2010 إلى ما يقارب 686 ضحية، بإرتفاع واضح بالقياس للسنوات 2009 و 2008".. تدمير نسيج المجتمع بواسطة نشر "الكبسلة"؛ وهي تعاطي المخدرات حيث جاءت من المخدرات على شكل كبسولة دواء.. كما يستخدمون "ورقة" وهي مفردة تعني الرسالة التي يتركها الإرهابيون على الدار أوقربها، أو على السيارة، وتنذر صاحبها بتنفيذ ما في الرسالة، وفي أحوال كثيرة ترفق رصاصة مع الرسالة لتعني أن الموت مصير أهل الدار إذا لم ينفذوا المطلوب منهم.. ولتعذيب الأبرياء يستخدمون "دْرَيْل" وهي أداة للثقب، وبعد قتلهم يرمون "وَرَهْ السدة" وهي الجثث المجهولة خلف السواتر الترابية في أطراف بغداد..
4- والصنف الرابع: كان في العراق قبل 2003 ثلاث طبقات: طبقة الأغنياء، وطبقة الفقراء وهي الغالبية، وعصابة حاكمة تملك كل شيء.. بين ليلة وضحاها فقدت الطبقة الثالثة إمتيازاتها التي كانت تظنُّ أنها إلهية أزلية.. وسرعان ما تلونت كالحرباء، ماعدا قسم منهم أخذوا الجمل وما حمل وهربوا للخارج، وتحولت إلى طبقة خطيرة وانضمت إلى طبقة "الحواسم".. حيث تغللت في كل مفاصل الحكومة..
أكيد بدأ الشك يتسلل إلى نفسك.. وتظن أنك تنتمي إلى إحدى طبقات البغاث.. بسيطة.. من يعتقد أنه واحد منهم أن يحاسب نفسه بعدل وإنصاف.. وأن يتوب اليوم قبل الغد.. وتعود لشعبك قبل أن تنـزل بك طامّة رب العالمين.. وتذكر أن دعاء المظلومين مستجاب..
خ- مكونات طبقة "أبو ريشة" من النبلاء الجدد
طبقة "أبو ريشة" من النبلاء الجدد في العراق هي كل من استعبد مواطنيه، وتسور بحمايات مجللة، واحتكر السلطة، وتوارث المناصب والمكاسب، واستحوذ على الجاه، وسرق أموال الشعب عن طريق الرواتب الضخمة أو الرشوة أو الإختلاس أو السرقة، ومن ملكَ في ليلة وضحاها قصوراً وحسابات وضياعاً في ديار المعمورة..
إن هذه الصفات تنطبق تماماً على الأغلبية العظمى من النواب، والوزراء ووكلائهم، والرئاسات الثلاث ونوابهم، والمستشارين، وأصحاب الرتب الخاصة، وقادة الجيش والشرطة والأمن، وأعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي وآلاف غيرهم.. وهؤلاء مهما بلغوا في شبقهم للسلطة وشفطهم للمكاسب لا يصلون إلى رتبة نبلاء العصور الوسطى.. لأن الأخيرين كانوا من أصول معروفة ونبيلة.. وكانت لهم بعض قواعد للسلوك.. منها أنها تستنكف أن تمد يدها لما هو بأيدي العامة..
بينما الغالبية العظمى من طبقة "أبو ريشة" الجدد هم من المغمورين، وغير المؤهلين، والدجالين، وضعاف النفوس، واللاجئين في شتات الأرض.. وأنهم لم يستنكفوا أن يسرقوا حتى رغيف الفقراء ومصّ دمائهم وخيراتهم.. لذا تبرأ منهم الشعب وعدّهم من "الأصاغر الغرباء"..
هذه الطبقة عديمة البوصلة لأنه لا يجمعها (رباط الوطن).. سوى مصالحها الشخصية والفئوية.. مشتتة متأرجحة بدون إستيراتجية تذكر، وخير دليل على ذلك أنه منذ 16/3/2010 ولحد اليوم لم يتوفق أي إئتلاف من تشكيل الحكومة.. علما أنه ولا واحد من كل الإئتلافات الفائزة بالإنتخابات يمثل غالبية الشعب العراقي.. وهذا وصمة عار في تاريخها.. وشرف عريض للشعب بعد أن عرَّاهم بهذا الشكل..
د- المطامع السياسية لطبقة "أبو ريشة" من النبلاء الجدد في العراق
والمطامع السياسية لفئات هذه الطبقة هي متصادمة، وتتلخص فيما يلي:
1- بين العراق العربي السني، حيث ينظم تحته الجناح السوري، والجناح السعودي، والجناح البعثي الرافض للعملية الديمقراطية والسياسية، والجناح القومي، حتى الجناح الكويتي..
2- والعراق الشيعي الإيراني، أملاً في تأسيس دولة الهلال الشيعي الفارسي..
3- والعراق الشيعي المتأرجح بين العربي والإيراني تحت عمامة أسلمة "تشييع" الشعب..
4- والكرد على كرسين؛ الأول للإنفصال، والثاني للإنقضاض وصرط أكبر رقعة من خريطة العراق وضمها لدويلة كردستان..
5- والتركمان كالغريق يتعلق بقشة الأتراك لأثبات وجودهم والحصول على طرف من كيكة غنيمة العراق، وهم بين ساطور الكرد وسندان الشيعة وخنجر السنة..
6- أما طوائف المسيحيين والصابئة والإيزيديين فهي تتنفس من تحت كراسي المتنفذين الدجالين من أصحاب السلطة والميليشيات.. وليس لهم إلا كلمات معسولة ووعود الدجالين..
7- كل هذه المطامع السياسية الشخصية والفئوية لمكونات هذه الطبقات المتصادمة فيما بينها.. لا تمتُّ بصلة بمصالح وتطلعات الشعب العراقي المتمثلة في بناء دولة موحدة قوية مدنية علمانية عصرية، ينعم فيها المواطن بحقوقه كاملة في ظل أمن مطلق، ويؤدي واجباته وفقاً لمنظور القانون والعدل..
وليتذكر كل هؤلاء أن غرامهم بالكراسي زائل لا محال.. وأن الشعب سيصفعهم صفعة تسوّد وجوههم وهي طاحنة.. كما صفع من قبلهم صداماً.. فقد أظهرت إنتخابات 2010 م الإنقلاب الحاصل في توجه الناخبين العراقيين؛ فبعد أن كانت الصفة الإسلامية والقومية الكردية تسيطر على البرلمان بواقع 66.5% للإسلاميين؛ 19% قومية كردية؛ 0.7% مسيحية مقابل 13.8 % ليبرالية..
أصبحت اليوم تمثل المعادلة 48.30% للإسلاميين بقوائمها ذات المكونات الشيعية والسنية؛ عرباً وأكراداً وتركماناً.. في حين كانت القائمة القومية الكردية قد حصلت على 13.23% من مقاعد البرلمان؛ علما أن القائمة الكردستانية كان ترتيبها الثانية في البرلمان السابق.. أما الآن فقد أصبحت في المرتبة الرابعة.. وحققت القوائم الليبرالية 38.47%.. وهي نسب تنذر بالتغير نحو الليبرالية من الإسلامية والقومية.. وبالرغم من حصول الإسلامية على واقع 48.30% إلا إن الكثير من مكوناتها الأساسية ستنسلخ لترتبط بالقوائم الليبرالية أو دعاة الدولة المدنية?..
إن مقولة (مونتسكيو) تنطبق عليهم تماما عندما قال: "عندما يريد متوحشو لوزيانا قطف الثمار فإنهم يقطعون الشجرة من جذعها ويقطفون ثمارها"..
الدكتور جاسم العبودي
في 24/10/2010
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1559 الخميس 28/10/2010)