قضايا وآراء
أنا وسمرست موم واحسان عبدالقدوس / طلال معروف نجم
ومشرفا على ملحق أدبي رائع يصدر اسبوعيا بحجم "التابلويد". كنت ارسلت له عبر الاستعلامات قصة قصيرة بعنوان "العار"، كانت هي الثالثة بعد نشري لقصة سوق الهرج بجريدة صوت العرب . وقصة السحابة الداكنة بجريدة العرب. ألا ان الاستاذ الامين كان يهملها في كل مرة دون ان اعلم السبب . واقترح علي رئيس قسمي مهدي الفائق، ان انسبها لكاتب عالمي من الذين اعرفهم على ان اكتفي لأسمي بعبارة المترجم . وفعلا نسبتها الى الكاتب الانجليزي الكبير سمرست موم . كان اجواء القصة يتسم بالعادات والقيم الشرقية، تدور حول العار وفضيحة بنت عشائر. يعني اجواءا بعيدة كل البعد عن الاجواء الاوربية وخاصة البريطانية. علما بأن الاستاذ الامين كان يحمل شهادة الماجستير بالادب الانجليزي من جامعات لندن. لم أجر تعديلا على القصة سوى ان البطلة وهي القابلة المأذون "أم غايب" سميتها مسز جاك. وبدلا من ان تردد "ام غايب" عبارة ياساتر، حولت العبارة الى يايسوع. كان حريا بالاستاذ الامين ان ينتبه الى أجواء القصة. ولكن يبدو انه وافق على نشرها، انطلاقا من كونها من اعمال كاتب عالمي شهير.
*
صدر الملحق الاسبوعي، وقد تصدرت قصة "العار" ثلثي الصفحة الثانية. وكتب تحت عنوان "العار"، قصة الكاتب البريطاني سمرست موم . ترجمة طلال معروف نجم. بين مزيج من الفرحة والتبرم، ذهبت الى الاستاذ شاكر على التكريتي مدير تحرير جريدة العرب، وعرضت علية الملابسات بدقة . فما كان منه الا وكتب مقالة رائعة تحت عنوان " مغنية الحي لاتطرب" . استشاط الاستاذ الامين غضبا، ورد بمقالة هاجمني فيها وهاجم الاستاذ التكريتي وتحت عنوان " قمل الادب" . هنا طرحت التبرم جانبا وتملكني الشعور بالغبطة والسعادة . فذهبت الى الزميل فاضل العزاوي وكان وقتذاك مشرفا على الصفحة الثقافية والادبية بجريدة الثورة العربية البغدادية . فبدلا من انصافي شن العزاوي هجوما لاذعا، واتهمني باتهامات رخيصة ومبتذلة. هنا اقسم بأني اغتبطت ايما اغتباط . وقلت في سري " ها انت ياطلال تنتشر على طريقة نجوم السينما" . وردا على ماكتبه العزاوي عاد الاستاذ الامين ليهاجمني ثانية في مقالة أخرى.
*
عزمت ان انقل المعركة الى مصر، وقتذاك كان الكاتب الصحفي والروائي الشهير احسان عبد القدوس، يعد صفحة تحت عنوان "خواطر فنية"، يتناول فيها كل قضايا الادب والثقافة بحنكة كاتب شهير. وذلك في مجلة الكواكب التي كانت اوسع المجلات الفنية انتشارا في الوطن العربي في عقد الستينات. ولم اصدق أن الاستاذ عبد القدوس يتناول قضيتي بمقالة على مساحة صفحة كاملة، يطري فيها على قصتي. ويشير الى ان ما قمت به هو حق من حقوق الشباب للقفز على حائط النشر. الذي يشكل عقبة تواجه كل كاتب ناشئ . الى جانب مقالته كان هناك كاريكاتيرا يصور " رئيس التحرير وهو يقول لكاتب ناشئ . مدام هدومك زي هدوم سارتر ونظارتك زي نظارة آرثر ميلر تبقى القصة بتاعتك هايلة" . طفقت فرحا ايما فرح وشعرت بأني خطوت نحو النجاح .
*
كم تمنيت أن أحظى بهذه القصة لأقدمها اليوم الى قرائي، لأستفتيهم بما اقدمت عليه أكان حقا ام تجنيا. وليطلعوا على قصة أطرى عليها وقتذاك كاتب كبير مثل احسان عبدالقدوس. ألا أني ألعن المحتل الامريكي الذي حرمني من ارشيفي الذي تركته في العراق . فعلمت لاحقا بأن كل موجودات دار الجماهير حرقت . فأحترقت قصتي وكل ما كتبته في الصحف العراقية انذاك. الا اني كل ما تذكرت قصة "العار" شعرت بحزن، وما يخفف من "زعلي"، كنت اردد مع نفسي بين الفينة والاخرى " ويحك ياطلال أتحزن على قصة وغيرها من مقالات، وارشيف بلدك العظيم أحرق ونهب وذهب الى دون رجعة".
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1563 الأثنين 01 /11 /2010)