قضايا وآراء

نعم انها جوزية الحلو .. تعقيبا على حوار المثقف مع نص الشاعرة / ليال فردان النويس

  

1-

الاديبة ميادة ابو شنب

الاديب جلال الجاف

 

نعم انها جوزيه الحلو والحلو في كل شئ خلقا وادبا وجمالا ومحبة

قبل التعليق لا بد ان اثبت عبارتي ان اقول اخاف عليها واخشى من العقول القاصرة لفهمها، فانها العاشقة الاديبة وقلة هن العاشقات الاديبات ربما تكون اديبة مبدعة ولكن ليس بعاشقة، وربما تكون عاشقة ولكن ليست باديبة فتخونها العبارات

ولمؤسسة المثقف كل الشكر على هذا الحوار

لهذا النوع من الأدب الايروتيكي كباقي الأنواع الأدبية الأخرى خصائص ومميزات، وأهم ما يميزه عن باقي الأنواع الكتابية الأخرى، كونه كتابة خاصة بالهامش، ومحرمة اجتماعيا وأخلاقيا لاهتمامها في عمومها بالحياة الحميمة السرية التي تتحول إلى خطاب تتأسس حوله الحميمية وينتقل بها من الطبيعي إلى الثقافي.

ومن المعروف أن الحميمي يرتبط في أذهان الناس بالخوف والخجل بفعل ما تراكمت فوقه الرقابات المتعددة، والقوانين التي تحد من إفشاءه وسرده، كما يقول الكاتب والمحلل النفساني إريك فروم، أنه لا غرابة في الجمع بين الحياة الحميمة الجنسية، ما بين السر والمعرفة، حيث أن المعرفة مرتبطة لدى الإنسان باكتشافه لحياته الجنسية، لكن هذا الاكتشاف لم يكن بدون ثمن.

لهذا كانت الخطيئة ثمنا لاكتشاف المعرفة، كما كان العقاب والتعذيب ثمنا لخطيئة بروميتيوس، خطيئة إضاءة عتمة حياة العبيد في قدم جبل الأوليمب، جبل الآلهة.

ويُعزي البعض ظهور الإيروتيكا عند العرب إلى أشخصاص معينين ولا اريد الخوض في ذلك حيث لي راي بالموضوع من ان الادب ايروتيكي كما قال احد الاعزاء بمناقشتي معه له دور تعليمي تربوي علمي باطار ادبي وليس له دورا شاذا او اثارة مجردة حيث لا يمكن الا ان يكون له دورا اخلاقيا لان الاديان والاسلام لم يحرمها الا في اطار الفضائح ككشف اسم ما او توجيه تهمة ما وطرح حالة تدل على مسميات ما وبالاخص انثوية من باب فضحها او التفاخر غير مقبول فاشكره على هذه الملاحظة التي اعتقد بها فالحياة ملأها اسرار وحاجات..

ان هذا الادب ليس أحد مسؤول عنه او رائد له كظهور مذهب ادبي حيث تبلور قبلهم بعصور كفن خاص بالنشاط الجنسي والاخلاقي والتربوي، وتطور بعد ظهور الإسلام ببضعة قرون فقها وارشادا. و كما تقول الشاعرة والصحفية جمانة حداد وان اختلف معها نوعا ما في حوار لها مع جريدة الوقت بمناسبة صدور مجلتها الايروتيكية جسد، التي أثارت ضجة كبيرة: أنا لم أزعم يوماً أني اخترعت الايروتيكيا العربية .. لا أنا اخترعتها، ولا اخترعها أولئك الذين يتحدثون اليوم عن جرأة الفتح

جرأة الفتح الحقيقية في اللغة العربية، جرأة الانتهاك والبوح الصادم المنفلت من الطابوهات، قام بها كتاب عرب مند ألف سنة وأكثر

حيث نجده في الأساطير القديمة، حكايا إيزيس وأوزوريس وملحمة جلجامش ومغامرات عشتار ووصايا باخوس ورومنسيات فينوس. كما نجده في جميع الكتب السماوية والسرديات الفقهية والأحاديث الشريفة ومسارب العظة الدينية أو المعرفة الحياتية والقص التأريخي وربما العبرة، وقد ساهم العلماء والأدباء والشعراء والقضاة والفقهاء وعلماء الدين والشيوخ الكبار في تأسيسه كثقافة ايروتيكية عربية معمقة ومرهفة لم تتم دراستها بعد، حيث كانوا يسمون الأشياء بأسمائها وأفعالها، ورائحتها وحجمها وخطها البياني وما تتركه من انفعالات على النفس والجسد، وليس أدل على ذلك من طوق الحمامة الذي ألفه ابن حزم وتحدث فيه عن الحب وشجونه، و كتاب نواضر .. في معرفة .. للسيوطي، ومحاضرات الأدباء للراغب الاصفهاني، ثم هناك العقد الفريد الذي تضمن أيضا روايات ايروتيكية يتطلب الخوض فيها جهدا ومقدرة وعلما، وخلال التصفح للمؤلف يمكن التقاط صور جنسية وكلمات ايروتيكية كثيرة منها، ..، كما وردت أوصاف ايروتيكية للنساء مثل ملساء القدمين مملوءة الساقين وناعمة الأليتين ومهضومة الخصرين وملساء المتنين وفخمة الذراعين وناهدة الثديين وحمراءالخدين ومكسرة البطن وافعى في فراش.

إلى جانب كل والمطبوعات النادرة والمؤلفات المفردة خصيصا لإروتيكا التي حفل بها الأدب العربي، هناك الكثير من والمقاطع الإيروتيكية المصقولة المتسللة إلى جل الأعمال الأدبية الشعرية والنثرية الحقوقية والتاريخية وحتى الفقهية لم تخل هي الأخرى من معالجات جريئة لمواضيع جنسية بحتة مثل آداب النكاح وأنواعه وأوضاعه وفقهها وشرعها ليوصف بالحرث كالبستان ليس له مكان وليس له زمان وليس له حدود تاخذها وتردها من اين شأت، إلى درجة يصعب معها الإحاطة بها جميعا في هذا التعليق، حتى يتبين لنا أن الكاتب والشاعر العربي كانا إيروتيكيان جريئان لا يكتفيا بالإيماءات والإشارات، فمزقا لذلك كل الحجب وتجاوزا كل حدود وتغلغلا كثيرا في مملكة الجنس وكشفا الكثير من عوالم وخبايا الحب واللذة، حتى أصبح الشعر والجنس شريكين حميمين وأضحت موضوعات الجنس سهلة مطواعة، حتى قال أحد شعراء الجاهلية واصفا العملية الجنسية:

و لها هَنٌ رابٍ مجسته

وعر المسالك حشوه وقدُ

فإذا طعنتَ طعنتَ في لَبَدٍ

وإذا نزعت يكاد ينسد

ولا يخفى ما للشاعر أبي نواس من قصائد وقفها كلها على الجنس عامة مع احتفاظي برايي بحقه، حيث يرسم العلاقة الجسدية المباشرة مع عشيقاته موغلا في نعت تفاصيل الجسد الأنثوي وشبقيته .

 

2-

لربما الاحبة والعشاق كانوا ومازالوا والان يحبذون هذا النهج الادبي وبالاخص اذا كانوا ادباء ان يقرأوا لبعضهما مثل هذا الاستعراض الادبي قبل اللقاء والممارسة لتكون الثمرة اغنى حسا وعملا وشعورا وتعقلا .

كان الشاعر الإيروتيكي الشهير، امرئ القيس الجاهلي، يكشف عن مغامرة فريدة مع امرأة وعن ممارسته الجنس معها في بيتها والتي لا يمكن الوصول إليها، إلا أنه يتمتع بها وحده والتي لم يلمسها أحد قبله وذلك في قوله

وبيضة خدر لا يرام خباؤها

ويشير إلى تمنعها واستحالة التقرب منها لكنه وصل إليها

تمتّعت من لهو بها

رغم ما حف مغامرته الجنسية، من حذر

وهناك ثراء بالمراجع والمكتبات بهذا الادب، وهي على سبيل المثال لا الحصر، تحفة العروس ومتعة النفوس لتيجاني وعودة الشيخ إلى صباه، و.. في فن .. ، ونزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب للتيفاشي، والمحاضرات للراغب الاصبهاني، وديوان أبو نواس، والف ليلة وليلة، وحماسة أبو تمام، والأغاني للأصفهاني، والعقد الفريد، وزهرة الربيع لكشكول العلامة الجزائر، وغيرها كثير من ملاحم الحب والجنس والفن الإيروتيكي الشبقي الذي لم يشتهر منه عند الشعوب ذات الحضارات القديمة إلا أربعة ملاحم تمثل حسب العرف الغربي الطراز الرفيع الذي ارتقت إليه تلك الحضارات التي ابتدعتها في التعامل مع المسألة الجنسية التي هي من الدوافع الغريزية الأساسية للأفعال الإنسانية المنتجة نوعا ما، وهي على التوالي

ملحمة اوفيد، فن الهوى، والملحمة بلاد الرافدين اناتغرافيا، والملحمة الهندية الشهيرة كاماسوترا، ثم كتاب الشيخ النفزاوي الروض العاطر في نزهة الخاطر .

ويبقى السؤال الذي يشغل الفكر ويقض المضجع هو، كيف تحول هذا الاختراع العربي الذي أسال من قرائح الشعراء والرواة والكتاب والفقهاء الشيء الكثير، والذي قال عنه فسيرولنيك أحد أهم الباحثين النفسيين والإيتولوجيين الحاليين في فرنسا:

بأن تاريخ الحب الذي كتب عنه في الغرب بإسهاب كان من اختراع العرب في القرن الحادي عشر الميلادي.

وضمن أية آليات صرنا ننظر للحب والعلاقات الحميمية على أنه موضوع غير جدي بما فيه الكفاية ولا يمكن أن يُعد من الأمور الجليلة التي يمكن أن يخوض فيها رجال الفقه أو العلم أو السياسة أو الاقتصاد.

كيف تحول هذا الأدب الراقي في العقود الأخيرة إلى موضوع تحريم وقمع وتحقير ونجس يطال كل من يلامس مواضيعه المفعمة بالعشق والشبق والرغبات، إلى درجة تعرض بعض الأدباء للاتهام والمحاكمة، كالكتاب عبده وازن بلبنان، و محاكمة ليلى العثمان وعالية شعيب بالكويت واللائحة طويلة جدا وصلت في بعض البلدان المتفتحة إلى حد إلغاء التربية الجنسية من البرامج التعليمية.

ولكن رغم أن الأدب الايروتيكي لازال عندنا أسير المحددات الاجتماعية والدينية، بينما تجاوزها كلية في الأدب الغربي إلى ابعد الحدود، وعلى رغم اصراري لابقائه في اطاره الاخلاقي الارشادب وان كان بعني العلاقات السرية والعشقية دون فضائح وتجاوز الحياء كي يكون اكثر قيمة وليس ابتذالا واثارة مجردة، فقد قامت المرأة العربية بنشاط ثقافي هائل، ومن ضمنهم جوزيه حلو الراقية الاديبة في نقاء عبارتها وصفاء معانيها وعانت ما عانت، لم تشهد الثقافة العربية مثيلاً له، والذين لا يجدون فيه هم حرجا، والذي لا يرون فيه نقيصة أدبية ، كما تقول الروائية ليلى الأطرش:

ليس عيبا أن تتجاوز الكاتبة المحرمات الثلاثة التي فرضتها القيود الاجتماعية والسلطة الأبوية، والقمع السياسي، والقمع الجنس الذي هو أحد المحرمات التي اتفقت عليها سلطات القمع الفكري العربي رغم أهميته في حياة الإنسان.

والملفت للنظر في الأعوام الأخيرة، أن المرأة العربية، رغم ما واجهته من عواصف النقد والاحتجاج، كانت أكثر جرأة على هذا المحرم من الرجل العربي، حيث تزايدت أعداد الروائيات العربيات والشاعرات اللائي يكتبن بجرأة في مواضيع الجنس المتقاطعة مضموناتها مع تقاليد المجتمع المحافظ ونفوذ السلطة الذكورية، أمثال العراقية عالية ممدوح، و ليلى العثمان، وزينب غاصب في ملامح، ورجاء عالم في سيدي وحانة، التي مزجت فيها ما هو أسطوري بالصوفي في قالب لغوي تراثي وحداتي في آن، ورجاء الصائغ في روايتها بنات الرياض التي ترجمت إلى اللغة الألمانية واللغة الأنجليزية، وحصلت على المركز الثامن في أكثر الكتب مبيعاً، وسلوى النعيمي في نهر العسل، التي رصدت فيه بعضا من الخجل والعقد الجنسية التي رسختها البيئة الاجتماعية والتي عالجتها بأسلوب فضائحي في صورته الصادمة، والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت التي عبرت في قصيدتها الرعوي، عن إيروتيكية مغلفة بخجل شفاف ..

واني اعرف ما اعرف من ادب راقي يتهادى بين من اعرف من الاحبة يغني الليالي والاسرار والمجهول ما يتفوق على ما هو معلن من ادب وقصص وروايات لو وجد النور وخرج الى العلن لاحدث ثورة ادبية ولكن ربما احد اسباب ابداعه ان يكون سرا ولربما في زمن ما يقال كتب مجهول من ذكر او انثى هذا الابداه الادبي دون ان تعرف الاسماء، عندما امعن النظر فيها وتجرؤها على تابوهات المقدس والمحرم، نجد أن جلها لم يكن إلا حفرا في خفايا الظلم الذي لحق بها اجتماعياً من قبل النهج الغارق في الموروث الظالم للحاجة ليس فقط في الأدب، وإنما في كل الفنون التعبيرية من رسم وتشكيل وغناء ورقص وغيرها ..

 

3-

هذا الانفجار الادبي النسوي الإيروتيكي البركاني، لم يقتصر على بلد دون اخر حيث السعودية التي أنجبت وحدها 65 رواية سعودية كتبت بأقلام نسائية، منها 20 رواية صدرت في عام 2006 فقط، بل عرفته معظم بلاد الوطن العربي. حيث صدر في الأردن رواية خارج الجسد لعفاف البطاينة، ورواية مرافيء الوهم لليلى الأطرش، ورواية أصل الهوى لحزامة حبايب، وفي البحرين صدرت لهدى عواجي رواية إغواء امرأة، أما في العراق فأصدرت منال الشيخ روايتها قضم ظهيرة مقدّدة ورواية الغلامة والمحبوبات لعالية ممدوح، ومن لبنان ظهرت رواية أنا هي أنت لإلهام منصور، ورواية مريم الحكاية ودينالعلوية صبح، وهناك فضيلة الفاروق ورواياتها اكتشاف الشهوة وتاء الخجل، ومن سوريا فيمكن أن نقرأ رواية على صدري لمنهل السراج ورواية برهان العسل لسلوى النعيمي، ومن المغرب نجد لفاطمة المرنيسي مؤلفات كثيرة، منها كتاب الحريم السياسي: النبي والنساء الذي نشر سنة 1987،، وكذلك أطروحتها المعنونة الجنس كهندسة اجتماعية، والجنس والإيديولوجيا والإسلام، واشتهرت في الجزائر أحلام مستغانمي برواياتها فوضى الحواس، وعابر سرير وذاكرة الجسد الذي قالت في مقطع منه: الحبّ هو ما حدَث بيننا.. والأدبُ هو كلّ ما لم يحدث .. فما أجملَ الذي حدث بيننا.. ما أجملَ الذي لم يحدث..ما أجملَ الذي لن يحدث ..

هذ الكلمات الايروتيكية الدافئة، الصادقة، والبسيطة، كانت كافية لإثارة الساحةُ الأدبية العربية ولتتناول الأقلامُ هذه الرواية بالنقد والتجريح، بعيدا عن التقييم الموضوعي للعمل الإبداعي، مُستكثرين عليها، كونها أنثى تأتيَ بمثل هذا العمل الروائي غير المَسبوق بجماليّته ولغته الراقية، و عاشت ايضا هذا الظى جل الاديبات العربيات، امثال الاديبة اللبنانية ليلى بعلبكي في أنا أحيا عام 1958، وشهدت الاديبة طبيبة الأسنان السعودية رجاء عبد الله الصانغ نفس المصير بسبب بنات الرياض..

وهنا يجدر القول بأن الشاعرات والكاتبات والروائيات العربيات استطعن بجرأتهن على خوض غمار الكتابة الإيروتيكية أنْ يؤكدنَ قُدرتهن على منافسة الرجل في ساحة الخَلق والإبداع، وتجريدِه منَ هالة التفرد بهما ,, وان كنت اعرف ادبا ارفع ولكنه في الاسرار ..

لتضئ جوزية الصديقة والاخت دربا طالما ساهمت العتمة فيه بعصرات المبدعين لاكرر قولي لمحبتي لها مع كم هائل من الخشية والخوف لانها امرأة بحق اديبة مع اعتذاري على التقصير لها ..

مع مودتي لكم وشكري لهذا الجهد

 

د. ليال فردان النويس

 

للاطلاع

نص وحوار: مع الشاعرة القديرة جوزيه حلو ونصها "أتظن أنني كل النساء؟" / ميادة ابو شنب

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2058 الثلاثاء 13 / 03 / 2012

في المثقف اليوم