آراء

وثيقة القاهرة لحل الأزمة الليبية بين النجاح والفشل

محمود محمد عليبعد مشاورات ليبية ليبية استضافتها القاهرة علي مدار الأيام الأخيرة، وبدعم مصري كامل، خرجت المبادرة إلي النور، لحل الأزمة الليبية، التي تؤكد علي وحدة وسلامة الأراضي الليبية، واحترام كافة الجهود، والمبادرات الدولية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

إنها مبادرة للحل يطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحضور قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، ورئيس البرلمان عقبلة صالح، مبادرة تقود الليبيين إلي بر الأمان، بعد سنوات من الحرب والتدخلات، وأثر المعارك الأخيرة المطبوعة بالبصمة التركية .

ومن أهم بنود إعلان القاهرة : وقف إطلاق النار اعتباراً من يوم الأثنين الموافق الثامن من يونيو من الشهر الجاري .. إرتكاز المبادرة علي مخرجات قمة برلين والتي نتج عنها حلاً سياسية شاملاُ يتضمن خطوات تنفيذية واضحة .. إلزام كافة الجهات بإخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا .. إعادة سيطرة الدولة علي كافة المؤسسات الأمنية ودعم الجيش الوطني الليبي .. يقوم المجلس الرئاسي بإتخاذ قراراته بالأغلبية فيما عدا القرارات السياسية المتعلقة بالقوات المسلحة .. قيام كل إقليم بتشكيل مجمع إنتخابي يتم إختيار اعضائه من مجلسي النواب والدولة .. قيام كل إقليم باختيار ممثله للمجلس الرئاسي كذلك نائب الرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية .. إشراف الأمم المتحدة علي المجمعات الانتخابية لضمان نزاهة سير عملية اختيار المرشحين للمجلس الرئاسي .. حصول كل إقليم علي عدد متناسب من الحقائب الوزارية طبقاً لعدد السكان .. قيام المجمع الإنتخابي لكل إقليم تحت إشراف الأمم المتحدة بتشكيل لجنة من لصياغة دستور جديد للبلاد .. تحديد المدة الزمنية للفترة الانتقالية بـ 18 شهراً قابلة للزيادة بحد أقصي 6 أشهر .. إتخاذ الإجراءات النفيذية اللازمة لتوحيد كافة المؤسسات الإقتصادية والنقدية في شرق وجنوب وغرب ليبيا.

فالمبادرة تشدد علي ضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا، وتفكيك الميلشيات، ووقف إطلاق النار، ووضع حداً للتدخلات الأجنبية في الأزمة، فأي حظوظ للنجاح؟ وما المعوقات الأساسية في طريق الحل الليبي؟

وللإجابة علي هذا السؤال يمكن القول بأنه إذا كانت القاهرة قد أطلقت هذه المبادرة، فقد أطلقتها من منطلق الحرص علي الأمن القومي العربي، والسعي إلي أن يكون الخيار السياسي هو الخيار البديل، ولكن القاهرة تعي وتدرك تماماً ثمن أن تركيا والميلشيات، وأن العصابات التي استفادت من الاحتلال، ووقعت اتفاقاً غير مشروعاً هو أقرب إلي التحالف العسكري بين هذه الميلشيات وبين تركيا، لن تقبل بسهولة بهذه المبادرة لاعتبارات عديدة ومتعددة ليس هناك مجال لشرحها هنا في هذا المقال .

ولكن حدود النجاح مرتبط بموقف دولي فاعل وقادر علي تفعيل القوانين والقرارات الصادرة قبل ذلك، فهناك مثلاً القرار  1970 الصادر من مجلس الأمن عام 2011 م، والذي يحظر توريد السلاح إلي أن من العناصر في ليبيا . وهنا نقول إلي أي مدي التزمت الأطراف المعنية أو التزم مجلس الأمن بتطبيقها فهذا القرار لم يحدث، بل بالعكس فكنا نري بيانات أمريكية تتحدث عن قوات روسية دون حتي أن تأتي بذكر أنه هناك غزو منظم وممنهج للأتراك في ليبيا وتوريد السلاح وتقديمه، رغم أن هناك قوي في المتوسط والبحر والأسطول الأمريكي السادس موجود في المتوسط، ولكن دائماً تُلقي الاتهامات علي أطراف أخري ربما لا علاقة لها مباشرة بشكل أو بأخر اللهم موقفها السياسي الداعم للشرعية .

الأمر الآخر إذا كان المجتمع الدولي جاد بالفعل، علينا ان نفعل ذلك إذا لم تقبل هذه الأطراف بالقرارات الدولية، وبهذه المبادرة التي تحوذ الآن علي اتفاق دولي، اعتقد أن هناك يجب أن يُتخذ قرار من مجلس الأمن بإلزام تركيا، وإلزام حكومة فايز السراج، بأن تفكك الميلشيات، بأن تطرد العصابات المرتزقة الذين جاءوا، بأن يلعب الدور الأساسي الجيش الوطني، كما نصت هذه المبادرة، وقبلت بها الأطراف .

نحن لسنا أمام جيش هاوي أو مجموعات لا شرعية لها، بل إننا أمام جيش يقوم بمهمته، بتكليف من مجلس النواب الشرعي المنتخب.

الأمر الثالث وهو أن حكومة السراج انتهت صلاحياتها منذ عام 2017م، بانتهاء اتفاق الصخيرات وسقوطه نهائياً،  بمقتضي ما هو ينص عليه، وهذه التحالفات التي أجرتها تلك الحكومة مع أردوغان، هي تحالفات عير شرعية، لم تحظ حتي علي موافقة المجلس الرئاسي، ولم وتح علي موافقة مجلس النواب أيضاً، إذن نحن أمام حكومة لا شرعية لها علي أرض الواقع، وهنا يكون الدور الأساسي للمجتمع الدولي بإنهاء هذا الأمر بالقبول بالمجلس الرئاسي في المقترح في خلال 90 يوماً، وأن تجري الانتخابات وأن يكون هناك نائب أو وكيل للمجلس الرئاسي من الولايات الثلاث : برقة، وفزان، وطرابلس، ثم تجري الانتخابات بعد ذلك ليختار رئيس، ويُشكل مجلس وزراء، ونبدأ عملياً حل سياسي يرسخ الوحدة، ويعطي الجيش الوطني دوره في تحرير ما تبقي من الأراضي، ونوحد المواقف بأجمعها، ونوقف سيلان الدم الذي يجري الآن في ليبيا، بفعل المؤامرة التي تحاك الآن ضد الشعب الليبي ..

المعادلة مطروحة فهل يتم الاستجابة لها .. ننتظر ما تسفر عنه الأيام القادمة .. وللحديث بقية!!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط

.....................

المراجع

1- قناة سكاي نيوز:  إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبية.. عناوين الحلّ وخيارات السلم (يوتيوب)..

2- قناة سي بي سي اكسترا : المواجهة / كيف يمكن ضمان نجاح مبادرة "إعلان القاهرة " لحل الأزمة الليبية  (يوتيوب).

3-  محمد عزت السخاوي: القاهرة تعرض مبادرة جديدة لحل الأزمة الليبية (تقرير).

4- محمد سامي : نص كلمة السيسي لإعلان مبادرة سياسية شاملة لإنهاء الصراع في ليبيا (تقرير).

 

في المثقف اليوم