آراء

ترامب بين احتمالات البقاء في السلطة أوالفوضى (1)

الطيب بيت العلويالرؤساء الأمريكيون ُينتقون ولا يُنتخبون/ فرانكلين روزفيلت

(لاتحدثوني عن الإقتراع العام في الولايات المتحدة، فالشعب الأمريكي يصوت كما يُؤْمر).. أليكسيس دو طوكفيل /في عام 1830 من كتابه: عن الديموقراطية في أمريكا، المجلد الثاني، الفصل السادس.


بداية، ليس الهدف هنا الدفاع عن ترامب أوالترامبية، أوالطعن في بايدن وحزبه الديموقراطي، ولكن الغرض هو الكشف عن حقيقة نتائج الإنتخابات الأمريكية–التي ماتزال حُبلي بالمفاجئات الغيرالسارة للحزب الديموقراطي ولكل الأمريكيين.

وإن الغلوفي شيطنة ترامب وحزبه الجمهوري من أجل إستنتاجات سياسوية مقصودة، أوالمغالات في تبييض وجه بايدن وتنزيه الحزب الديموقراطي عن كل الخطايا والأراجيف لذات الأغراض، فتلك مضنات لا تليق بالموضوعية والحرفية والمنهجية البحثية، مادامت الواقعية السياسية لا تؤمن بالقيم العليا وبالمثل أو بالفضائل

وهذا جانب خبط فيه المحللون وخلط فيها الصحافاتيون-جهلا أوعنوة- وحوله تسترالإعلاميون عن النتائج التي من المفترض ألا يتم الإعلان عن الفائز فيها حتى 20 في جانفيي من عام 2021.، مادام الإعلاميون أنفسهم في أمريكا والغرب عموما، هم مثل السياسيين جميعا، منحشرون في قعر حفرة الزيف الممنهج، والقذارات المالية والأخلاقية

وبعيدا عن القفزعلى الحقائق بالإستنتاجات المتسرعة، من أجل فهم الواقع الإنتخابي الأمريكي الهزلي الحالي والصراع ما بين ترامب ومعارضيه، فيجدربنا البحث عن الجذورالتاريخية لهذا الصراع القائم اليوم بين الجمهوريين والديموقراطيين، المشوب بتبادل الشتائم والإتهامات الإنفعالية.

فإفهم ياصاح، بأن السلطة في أمريكا هي نظام هرمي غير مرئي:

-على رأس قمة الهرم توجد ما يسمي ب*الدولة العميقة* التي تمسك، منذ عام 1776، بخيوط ما يسمي باللعبة السياسية، ذات المسوح الديموقراطية المزيفة، التي تتمظهرتاريخيا عبرما يسمى بتبادل السلط والإنتقال السلمي لها عبرالسيرك الإنتخابي في كل أربع سنوات، مما يفسر لنا إنعدام أي تيار حزبي ثالث محتمل يتعارض مع طرحي الحزبين المذكورين، بل يتبين للباحث الأنثروبولوجي في مجالات لإستثناءات الأمريكية، إستحالة قيام تيار سياسي ديموقراطي شبيه بالتيارات السياسية الموجودة في أوروبا الغربية/وهذا جانب تفصيلي/

وإختصارا : فمنذ فشل هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، انقسمت الولايات المتحدة بعمق إلى معسكرين لا يمكن التوفيق بينهما، يلفهما معا كره مرضي عنيف/ ويخوضان الآن معركة ضارية حتى الموت، وكل ما من شأنه القضاء على الخصم مطلوب و مباح ومشروع .

وعلى عكس ما يعتقده الناس في خارج الولايات المتحدة، فإن كل شيء في هذين المعسكرين ليس أبيضا بالكامل أو أسودا بالكامل، وإنما يشكلان فقط قمة جبل الجليد.

هذان المعسكران لهما رؤيتان متعارضتان: "السيادة" و "العولمة". التوراتية والتدينية والتراثية المزيفتين من جهة، والتقدمية المزيفة والتحررية واليساراوية الروزفيليتية في جانب آخر.

نجد ممثلي "العولمة" والليبرالية الجديدة في الغالب بين الديموقراطيين، ولكننا نجدها أيضًا، بنسب أقل بين الجمهوريين.كما نجدأن تيار*المحافظين الجدد* يستحود على معسكر الجمهوريين منذ رئاسة بوش الإبن، كما يتواجد هذا التيار بنسب أقل في الحزب الديموقراطي منذ عهد أوباما -وتمثل نائبة بايدن كمالا هاريس- ذالك التيار

وأما ما يحدث اليوم : فمن الناحية العملية : بايدن-حتى كتابة هذه السطور– ليس بعد الرئيس الفعلي للولايات المتحدة - بل هو الرئيس الذي نصبته على الورق الماكينة الإعلامية الأمريكية الرسمية الرهيبة، والأنتليجينسيا الأوروبية العولمية ونخبها الثقافية.

وآثار عمليات التزوير موجودة فعليا، ولكن إثباتها تحتاج إلى الوقت ومجودات شاقة لإثباتها /تجدون أسفله نموذجا يثبت التزوير/

 BREAKING EXCLUSIVE: Analysis of Election Night Data from All States Shows MILLIONS OF VOTES Either Switched from President Trump to Biden or Were Lost — Using Dominion and Other Systems

By Joe Hoft

وحسب الحكمة العربية التي تقول*وكما تدين تدان* فإن الأحداث الحالية التي تجري على الساحة الأمريكية توضح لنا كيف سقط الساسة الأمريكيون اليوم في الفخاخ التي نصبوها لدول العالم كله منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث نصبت أمريكا نفسها الراعي النزيه لكل الإنتخابات، كما نصبت نفسها الحكم والقاضي على مصداقية وشفافية ونزاهة وصلاحية كل الإقتراعات الشعبية في العالم، وهاهي أمريكا اليوم تكشف عن نفسها كدولة موز سمجة ترتع في الفساد الإداري والخبط السياسي، والتزوير الإنتخابي-

وفي هذا الصدد ذكر لنا المحلل الأمريكي ستيف براون Steve Brown  أن ما يجري حاليا في أمريكا من مهازل إنتخابية سياسة هي نتيجة طبيعية للمهازل السياسة الأمريكية عبرالتاريخ الحديث قائلا:*إذا قارنت النظام السياسي الأمريكي بشاحنة قديمة، يمكنك القول إنها كانت على طريق غير مستوية لسنوات عديدة، لكنك عند قراءة عداد المسافات للشاحنة، تظهر لك أن أمريكا لم تعد جمهورية دستورية - وبالتأكيد لم تكن قط "ديمقراطية" – ولقد ظهرت هذه الثغرات في النظام السياسي الأمريكي منذ زمن طويل .*

ومن هذا الباب، فإن لعبة السيرك الإنتخابي الأمريكي لم تنته بعد، وأن ضجيج *التهريجو- ديكوقراطية* الأمريكية مايزال مستمرا، والعاصفة قادمة لا ريب فيها، وسنري كم ستكون مدمرة.

إلا أن دونالد ترامب لا يزال هادئا وواقفا على قدميه.-أحببناه أم كرهناه-وحتى لو رحل ترامب فإن الترامبية ستبقى حية لعقود/وهذا جانب تفصيلي /

أما التزويرفهو ثابت وموثق- وليس من الذكاء والموضوعية والحرفية والأخلاقية السياسية-إن كانت هناك أخلاق أريسطوطالية في السياسية - : أن يستمرالإعلام العربي -أخلاقيا ومهنيا- في الإصطفاف خلف بطة عرجاء مثل بايدن، وأن يسير على نهج الإعلام الغربي المفبرك، بالترويج لأوهام جديدة حول إنفراج أزمات المنطقة بوصول الديموقراطيين

. التنديد بالاحتيال قائم ومستمرمن طرف ترامب الذي لايزال حاكما فعليا /قانونيا ودستوريا/ يسانده *في هذه الناحية فقط-الإعلام الموازي المنصف البعيد عن تأثيرات اللوبيات، وحيث أن الإعلام الأمريكي الرسمي والإعلام العولمي ينكر ذلك /وسوف أفصل في هذا الجانب لاحقا-/.

فمن ناحية أولى :ليس بدعا إذن أن يستمر مشهد الانتخابات الأمريكية في تقويض ركائز السياسة الأمريكية، ويزعزع أكاذيب موضوعية و*عقلانية* و*حرفية *وسائل الإعلام الأمريكية والدولية التي تخلت عن الحيادية والشفافية-منذ عقود-، وإنحازت إلى حد كبير وراء الديمقراطيين المعولمين/هناك ديموقراطيون نزيهون يتم تهميشهم وقمعهم من ديناصورات الحزب الديموقراطي نفسه/،

لعب لوبي الإعلام الأمريكي والأوربي دور إعادة كتابة التاريخ، فيعيد كتابة العملية الانتخابية لجعل بايدن فائزًا قويًا أكيدا، وترامب خاسرًا مدحورا يائسًا. مع تغطية مظاهرات نُظمت على نموذج الثورات الملونة السوروسية، والتركيز على الإشهارلدول الأنوار والتنويرالأوروبية التي سارعت *لمبايعة بايدن/وعلى رأسها فرنسا ماكرون الفاشل والنصاب/ كدلة فاشلة سهلة الإنقياد للنظام *العولمي*القادم الذي يقوده الأمريكيون /من الحزبين/ -المسماة ب*حكومة العالم الجديدة*حيث يلعب فيها -الحزب الديموقراطي الأمريكي-بالأخص- دور القيادة والمشعل *الإنسانوي* والمنظر الإيديولوجي والمحرك الديناميكي التنشيطي لتسويغ الشرعية الدولية *للعائلة الإنسانوية الكبيرة المزيفة*. فتكون للعائلة-بموجب هذا- الأسبقية والأحقية على القانون والدستور.

و من ناحية أخرى، هناك معركة قانونية داخل الولايات المتحدة، تطالب بإعادة فرزالأصوات والتحقق منها وتحاول وزارة العدل-بموجب قانون الدولة و دستورها- التطبيع القانوني لنتائج الإنتخابات، وهي عملية ليست بالسهلة في خضم الأجواء السياسية الحالية، ولكنها ليست مستحيلة، علما بأنها إجراءات قديمة جرى العمل بها في انتخابات عام 2000/كما سأفصل لاحقا-ولكنها مناسبة تمامًا لمحاولة "تصحيح" التصويت الشعبي في حال الخلاف مع النخب والأطراف السياسية المتنازعة.

ومن هذا المنظور، فإن الشعب الأمريكي والعالم بإسره يشاهد حلقة من الحلقات الفجة لمسلسل دالاس لم يسبق لها مثيل في التاريخ الأمريكي، والعالم بأسره يتابع رسوما كاريكاتورية متلفزة لطوم و جيري:

المشهد الكاريكاتوري والغريب في بلد العام سام، هو أنه يعيش في البيت الأبيض رئيسًا لم يهزم رسميًا بعد، لكن نظامه سجل الهزيمة، ورئيس معلن من المفترض أنه لن يكون رئيسا رسميا حتى العشرين من شهر جانفيي من عام 2021

بمعنى أن كل شيء في البيت الأبيض إلى حد الساعة مبهم، ولا شيء إنتهي بعد في الولايات المتحدة الأمريكية بالتنصيب *السيبيري* لبادين، كما يعتقد الكثيرون :

- أولا :فحتى كتابة هذه السطور، فإن وسائل الإعلام والنخب الأوروبية المعولمة هي التي أعلنت فوزبايدن وليست المحاكم-كما ينص عليه الدستوروالقانون الإمريكيين

-وفي أمرتسليم السلطة-ديموقراطيا-: سيقتضي الأمرربما أياما أوحتى أسابيع لكي يتعرف الأمريكيون على الفور الحقيقي على الفائز في الانتخابات الرئاسية، .

ثانيا: من حق ترامب القانوني الدستوري البقاء في منصبه إلى حين بث المحكمة العليا في قضية التزوير المعلنة . وما يراه البعض مماطلة من طرف ترامب في تسليم السلطة أو عرقلة لإدارة بايدن، فهي وجهات نظر وقراءات سياسية لاتستند إلى الأوضاع القانونية والدستورية للبلاد وقراءات سياسية

.-أما ما يجري حاليا في المشهد السياسي الأمريكي المعقد فهو يشبه إلى حد بعيد بما جرى في عام 2000: بين بوش وآل غور ولكن تحت أجواء جد مكهربة وإحتمالات غيرمسبوقة لإشعال حروب أهلية دامية أعنف من الحرب الأهلية الأمريكية/ 1861 إلى 1865

الجميع في أمريكا والعالم، يعتبر جو بايدن الرئيس السادس والأربعين. وهذه الوضعية هي ما أقرته فقط وكالة أسوشيتد برس الأمريكية والغالبية العظمى من النخب الثقافية في أوروبا فماذا عن الحقائق الغير المكشوفة للمتلقين؟

- بغض النظرعن النتائج المقبلة، فسيظل ترامب الرئيس الخامس والأربعين حتى 20 يناير 2021، عندما يتم تنصيب الرئيس الجديد إذا لم تستجد مستجدات إعتبارًا من 10 نوفمبر 2020 .

وهذا هو الوضع الانتخابي: سيكون لدى جو بايدن 290 ناخبًا مقابل 214 لدونالد ترامب.

- حاليًا، ووفقًا لوكالة أسوشيتيد برس، فإن ولاية كارولينا الشمالية وجورجيا وألاسكا هي فقط من تخضع للإعفاءات

-.وعلى الورق : تجاوز بايدن إلى حد كبير عتبة 270 ناخبًا ليتم انتخابه. ومع ذلك، وبالنظر إلى النتيجة المتقاربة للغاية، أعلنت جورجيا أنها تعيد فرز الأصوات، وكارولينا الشمالية على وشك أن يفوز بها ترامب، ولا تزال ولاية أريزونا مترددة

. -إثارة الشك في الاحتيال، /وهو حق قانوني مشروع لخصم بايدن/ حيث سمح المدعي العام للولايات المتحدة للتو بإجراء تحقيق في مئات اتهامات الاحتيال الموجهة حصريًا ضد الحزب الديمقراطي .

. وهكذا، ففي ولاية ميشيغان وحدها، سجل معسكر ترامب 131 إفادة بالتزوير، وهي المعلومات التي أكدتها صحيفة واشنطن بوست نفسها/ التي هي محسوبة على تيار الحزب الديموقراطي/.و في ولاية بنسلفانيا، وهي ولاية أخرى ذات نتيجة مثيرة للجدل، حيث استولى القاضي الفيدرالي على القضية، مما جعل المعلومات المؤهلة، حتى ذلك الحين، من "الأخبار الكاذبة" من قبل معظم وسائل الإعلام المحادية والمحسوبة على ما يسمى ب*الإعلام البديل*.

هذه أحدى الأمثلة القليلة من بين العديد من الأمثلة التي تميل إلى إثبات أننا نتحرك -و بشكل ملموس- في عالم الحكايا والمرويات،

فهل تكفي عمليات التزويرهذه لإلغاء الانتخابات الرئاسية جزئيًا على الأقل؟

الاحتمال ضئيل، لكنها فرضية قائمة وواقع سياسي ودستوري حقيقي. ومع ذلك، فإن المحكمة العليا الأمريكية، التي تحكم في نهاية المطاف في النزاعات، لا يمكن رفعها مباشرة، وعلينا أن ننتظر التحقيقات لتنتقل عبر مختلف طبقات المجلس التشريعي الأمريكي.

وللتبسيط أكثر، أضيف أن دستورالولايات المتحدة يمنح الولايات مسؤولية تنظيم انتخاباتها في الممارسة العملية، كما يمكن للمحكمة العليا أيضًا رفض طلب إعادة النظر، و يتطلب ذلك موافقة أربعة قضاة على الأقل، من بين التسعة التي تشكل المحكمة العليا، حيث تم تعيين ثلاثة من قبل دونالد ترامب، واثنان من قبل باراك أوباما، وثلاثة من قبل جورج دبليو بوش، وواحد من قبل بيل كلينتون، وبالتالي فإن ستة منهم جمهوريون.

لكن في هذا النوع من الحالات، يجب ألا تعتمد حقًا على الانتماءات السياسية للأفراد والآخرين الذين يسعون إلى نسيانهم.

-وأعيد التذكير بأن هناك سابقة تاريخية في الانتخابات الأمريكية لعام 2000 شبيهة بما يجري حاليا ما بين ترامب وبايد:

-ففي ذلك الوقت، إقتضىت الضرورة أكثر من شهرلتحديد الفائزفي تباري /بوش-آل غور/ كان جورج دبليو بوش قد فاز بفارق ضئيل في فلوريدا بعد إعادة فرزالأصوات

لفترة طويلة طلبها خصمه الديمقراطي آل جور.ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى ارتفاع مستوى التصويت عبر البريد. للمرة الأولى منذ عام 2000، عندما اضطرت المحكمة العليا إلى الانتظار 36 يومًا قبل تعيين الجمهوري جورج دبليو بوش كفائز ضد الديموقراطي آل جور

ومن باب التوثيق والتوضيح، - أضيف أيضا، بأنه في عام 2000حكمت المحكمة العليا ضد إعادة فرزالأصوات في فلوريدا، والتي كانت ستسمح في النهاية للمرشح الديمقراطي آل جور بهزيمة الجمهوري جورج دبليو بوش. بحلول ذلك الوقت، كانت المحكمة الأمريكية العليا، آن ذاك، قد تعرضت لإعصارسياسي شبيه بما يجري حاليا، حيث إرتأت إعادة التفكير مرتين قبل أن تغرق مرة أخرى في المياه الخلفية العكرة للسياسة. لذلك

تركت اللعبة مفتوحة./عكس الأجواء العكرة الحالية/

فكيف سيتصرف ترامب للخروج من مأزقه الحالي:؟هذا ما سنفصل فيه في الجزإ الثاني من هذا المبحث

 

د. الطيب بيتي

 

في المثقف اليوم