آراء

العرب في القرن العشرين!!

صادق السامرائيمنذ سقوط بغداد (1258) ميلادية، والمنطقة محكومة بغير العرب بأساليب مباشرة أو غير مباشرة.

وعند مطلع القرن العشرين أو قبله ببضعة عقود، تم إستنهاض الوعي القومي عند العرب، ودفعهم للتحرر من قبضة الدولة العثمانية، التي تحققت ثورة ضدها (1916)، سميت ثورة العرب الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي في مكة، وبمساندة الإنكليز وإغراءاتهم بإقامة دولة .

وبإنتهاء الحرب العالمية الأولى (1918)، وتكشف بنود معاهدة (سايكس- بيكو) من قبل الثورة الروسية (1917)، وعدم إيفاء دول الحلفاء بعهودها، ونفي الشريف حسين، أصبح العرب في كينونات تسمى دولا، بعضها يتمتع بتوصيف الدولة، وأكثرها لا تزال تحت هيمنة الدول المنتصرة بالحرب العالمية الأولى.

ومعاهدة (سايكس - بيكو) كانت فرصتهم لبناء دولهم الوطنية، لكنهم لم يستثمروا فيها وحسبوها غير ذلك، وهي قائمة على أرض الواقع، فانطلقوا في مسيرة التحرر من الإستعمار، فتمكنت بعض الدول من الإستقلال، وغيرها بقيت حتى العقد السابع من القرن العشرين مستعمرة.

وإستقلال الدول لم يساهم بإطلاق تفاعلات وطنية ذات قيمة معاصرة، بل دُفعت إلى ميادين الإستنزاف والتناحرات الخسرانية، خصوصا منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، حيث إنطلقت الدعوات القومية ونشطت أحزابها، وتطورت الأحزاب المؤدينة التي أنشئت في الربع الأول من القرن العشرين، لمنع المد الشيوعي للمنطقة.

وإنتهى القرن العشرون والعرب في نكسات وإنكسارات، وتهيمن على وعيهم ثقافات الهزيمة والإحباط، والحروب العبثية المدمرة.

وفي الجانب الآخر، فأن القرن العشرين كان أكثر القرون تسارعا في الإختراعات والإكتشافات والتطورات العلمية المذهلة ، ففي بدايته تحقق إختراع السيارة والطائرة، وتطورت علوم الفيزياء وتوليد الطاقة الهائلة من إنشطار الذرة، والغوص في عالم الإليكترونات وما تمخض عنه من إختراعات غير مسبوقة.

وقبل بداية نصفه الثاني أكتشفت المضادات الحيوية واللقاحات ، وإنتاج الأدوية بأنواعها، مما ضاعف أعداد البشر وإطالة معدلات الأعمار، فأسهمت بإضافات علمية ومعرفية لم تخطر على بال الأجيال في القرون السابقة.

وإنطلق تسريع آليات التواصل، وعصر الكومبيوتر والإنترنيت، فتغير العالم وتصاغر وتفاعل البشر مع بعضه في المعمورة.

فالقرن العشرون من أثرى القرون حضاريا ومعرفيا وعلميا وتواصليا، ويتساءل البعض عن مساهمات العرب بما تحقق فيه، والجواب أن العرب قد شاركوا بعض الشيئ في التقدم الذي حصل في غير أوطانهم، ففي معظم المجالات والإختراعات والثورات ستجد هناك عقل عربي مشارك، حتى في الهبوط على القمر كان للعقل العربي إسهامات.

فالدنيا جميعها لم تشارك في الثورات العلمية التي حصلت، خصوصا في النصف الأول من القرن العشرين، فما هي إسهامات الصين مثلا آنذاك؟

فلا يجوز القول أن العرب لم يساهموا، وأنهم عالة وغيرها من الأوصاف التدميرية التضليلية التي تتمشدق بها بعض الأقلام.

العرب وحتى هذه اللحظة يمكنهم أن ينطلقوا ويحققوا ما يريدونه من التقدم والإزدهار، فالفرص أمامهم سانحة وطاقاتهم واعدة، وعليهم أن يفعّلوا إرادتهم ويؤمنوا بأنهم قادرون على إنجاز ما يتطلعون إليه.

نعم إن العرب يمتلكون مؤهلات أكون وتحقيق إرادتهم المعاصرة.

فهل من وثبة عملية للإنطلاق المأمون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم