آراء

الطيب بيتي: فلسطين المحتلة: توقفوا عن مقارنة إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.. إنها أسوأ ترجمة

الطيب بيت العلويثيمبيسا فاكود Thembisa Fakude باحث في مركز الجزيرة للدراسات وحاصل على درجة الماجستير في السياسة من جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ. وهو الرئيس السابق لجمعية المراسلين الأجانب للجنوب الأفريقي، كتب مقاله هذا، المعنون بـ:

 Stop comparing Israel to Apartheid South Africa; it is worse

نشره بتاريخ 42 ماي من هذا العام، على الموقع المعروف

middleeastmonitor.com، نورد ترجمته الحرفية ثم سنحاول التعليق عليه واليكم النص المترجم:

« من الشائع في هذه الأيام، مقارنة العنصرية المؤسساتية الإسرائيلية واحتلالها لفلسطين بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. إلى حد ما، هذه مقارنة معقولة حتى نقطة معينة. على الرغم من كل الفظائع والوحشية، فإن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لم يستخدم مطلقًا الطائرات المقاتلة والمدفعية لقصف الأشخاص المضطهدين الذين يعيشون في البلدات. لقد فعلت إسرائيل ذلك، ولا تزال. بحبيث أصبح الآن شبه روتيني، وبالتالي "مقبول" من المجتمع الدولي، مما يسمح لإسرائيل بالتصرف بحصانة مميزة وتشجيع على التمادي في ذلك، إنه حقيقة أمر غريب .

ووفقًا لوزيرالإسكان والأشغال العامة في غزة ناجي سرحان، دمرت إسرائيل 1800 وحدة سكنية بالكامل في هجومها الأخير على المدنيين في المنطقة المحاصرة، بما في ذلك خمسة مبانٍ شاهقة في وسط مدينة غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان. وتضرر ما يقرب من 17000 منزل آخر بشكل جزئي، كما تم تشريد أكثر من 120.000 فلسطيني قسراً من منازلهم !.

تم استهداف البنية التحتية المدنية عمدا من قبل إسرائيل.حيث تم تدميرما يزيد عن سبعين مبنى حكوميًا، بما في ذلك مقر الشرطة ومرافق الخدمة العامة الأخرى. تضررما لا يقل عن 66 مدرسة من جراء القصف الإسرائيلي ؛ ثلاثة مساجد دمرت بالكامل؛ كما تضرر 40 مسجدًا وكنيسة !.

لم يُحذّرالإسرائيليون سكان غزة من الضربات الوشيكة، تاركين المرضى وكبارالسن دون وقت لإخلاء منازلهم.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمزأن غارة جوية إسرائيلية على مبنى سكني في دير البلح مساء الأربعاء الماضي قتلت زوجين وابنتهما البالغة من العمرعامين، وأصابت آخرين. كانت المرأة المقتولة حاملًا وكان زوجها مُعاقًا.ويتساءل المرؤ كيف شكل هؤلاء تهديدًا لدولة إسرائيل الأقوى عتادا من بين الدول الغربية الكبرى، و الحائزة على الأسلحة الفتاكة والنووية؟

حدث هذا التدمير للأرواح والممتلكات في غضون 11 يومًا فقط من القصف الإسرائيلي المكثف على المدنيين في قطاع غزة و لقد انتهوا - في الوقت الحالي بوقف إطلاق النار)عند كتابة هذه السطور-المترجم( الذي دخل حيز التنفيذ في الساعة 2 صباحًا يوم الجمعة الماضي .

يسعى معظم النشطاء والمعلقون الفلسطينيون تجنب قول أو فعل أي شيء يمكن أن يؤدي إلى اتهامات بمعاداة السامية العنصرية بكل أشكالها البغيضة من طرف الغرب، والفلسطينيون كانوا محقون في فعل ذلك. وبالرغم من ذلك، غالبًا ما يكون من الصعب العثور على المصطلحات الصحيحة لوصف وتعريف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبالرغم من ذلك فإن بعض نتائج هذا البحث عن معجم مناسب، سخيفة لدرجة أنها قد تؤدي إلى تعريض النضال الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي للخطروالتضييق من طرف الغربيين !!

لقد شاهدت مؤخرًا نقاشًا حول ما إذا كان من المناسب تسمية حكومة إسرائيل بـ "النظام". كان من المدهش عدد الأشخاص الكبير في اليسار الغربي السياسي الذين عارضوا استخدام هذا المصطلح. يعرّف أحد القواميس مصطلح "نظام" على أنه "حكومة، ولا سيما حكومة سلطوية". يبدو لي أن هذا ينطبق تمامًا على إسرائيل حيث يستهدف القادة السياسيون والعسكريون النساء والأطفال والمعاقين والمسنين بقنابلهم وصواريخهم. ليس مرة واحدة، ولا مرتين، بل عدة مرات على مدار 11 يومًا و 11 ليلة !!

إسرائيل كدولة ديمقراطية ذات نظام حكم شديد الوحشية. لاتتنكر لهمجيتها، فهي لا تُظهر ازدراءً صريحًا للقانون الدولي فحسب، بل إنها تتباهى بأنها تفرض أيضًا احتلالًا عسكريًا ديكتانوريا على الفلسطينيين وتستعرض قدراتها على ترهيبهم.) وكأنها تظهر مدي*حرفيتها، وأمانتها في تنفيذ *مأموريتها* التي أنيطت بها من *النخب السياسية الغربية* - المترجم).

تجمع هذه الدولة بين الفاشية والعنصرية اليميني الراديكالي، والفصل العنصري والتفوق العرقي في طريقة نظامها.

إني أتفهم تمامًا الأساس المنطقي وراء وصف إسرائيل كدولة فصل عنصري، حقًا. من المنطقي تمامًا بالنسبة لمعظم الناس مقارنة النظام الإسرائيلي بأسوأ ما كان موجودًا سياسيا في القرن الماضي في جنوب إفريقيا !

ومع ذلك، فإن مثل هذه المقارنة تقلل في الواقع من خطورة القسوة التي تواصل إسرائيل إلحاقها بالفلسطينيين، وهو أمرغير مسبوق في التاريخ . لذلك يجب على الأشخاص العقلاء في جميع أنحاء العالم البحث عن وصف آخرذي صلة بما يجري حاليا في فلسطين المحتلة. وذاك أمرفي غاية الأهمية،عندما يتم مناقشة القضية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث إن وجود حاجز حق النقض من قبل مؤيدي إسرائيل الذين الذين يرفضون طرح أسئلة* التمييز العنصري* في واشنطن وباريس ولندن . بمعنى أنه بالنسبة لهذه الدول فإن الحجج المطروحة من الدول المناهضة لإسرائيل لا تكفي. وبالتالي فإن قرارات مجلس الأمن تعتمد أكثر على من يدعمك ومما يمكنك إثباته--)بمعنى الدوران الأهبل في جدل سفسطائي و في حلقة مفرغة حول المصطلح في علوم المصطلحات الفلسفية والإجتماعية والسياسية بغية تذويب القضية الفلسطينية بكاملها مثل مصطلح الإرهاب-المترجم. !!(وفي الختام دائما، فإن المجلس يدعم بإستمرارإسرائيل.

لذلك قد تكون هناك خلافات حول ما إذا كانت إسرائيل هي نظام أم لا !. فإذا كانت نظاما، فإن التعريف اللائق بها،وبكل إختصارهو تعريف الفصل العنصري) – إلى أن نجد ربما مستقبلا مصطلحا بديلا في العلوم الإنسانية -المترجم).

إنتهي المقال !!!

الكاتب هو من جنوب إفريقيا وحسب سنه الحالي فهو قد عاني في طفولته وشبابه من الأبارتايد في بلده . غير أنه لا يرى أن مصطلحات مثل التمييز العنصري أو الفصل العنصري مفردات لا تفي كلية بما يعامل به الفلسطينيون في بلدهم، بل هي أكثرمن ذلك، بمعنى أكثر فظاظة وهمجية.

ومن هذا المنظور،فلن يجيبك أي يهودي علماني أو متدين،- لو حاورت كليهما- حول التأريخ الدقيق للصهيونية، وحول العوامل التي أدت إلى قيام *دولة إسرائيل*. وما هي المسارات التاريخية الروحية والسياسية لنشأة الصهيونية المخولة لتأسيس* الدولة العبرية* ! فستجد أن كلي الإثنين لن يعطياك تأريخا محددا أو تعريفا دقيقا لمصطلح الصهيونية التي عمرها فقط حوالي قرن. !?

الإثنان : اليهودي المتدين واللا ديني، سيتخبطان في السرد والتبرير بلا دليل تاريخي قاطع، أومسوغ إيديولوجي -سياسي مقنع، سوى إجترا الحنين إلى تل صهيون بأورشاليم كحلم مرضي،! رافق اليهود في شتاتهم منذ أكثر من ألفي عام. !

هرتزل المؤسس للصهيونية نفسه لا يعرف الإجابة، !! ولم يعط إي تفسير *عقلاني- أكاديمي* لمسوغات الصهيونية التي إستنبت الفكرة من الفراغ ! ودعمها بالترهات والأراجيف إلى إن أصبحت من المسلمات !، وبالتالي فلم يحاوره أويناقشه زمنها-للغرابة- أي مفكر غربي في أزمنة القرن التاسع عشر الذي كان *القرن الغربي* بإمتياز: وكان عصر الأنوارو الفلسفة والعقلانية،

- فإذا كانت الصهيونية السياسية فكرة عمرها أقل من قرن من الزمان، ومؤسسة على هلوسات جماعية لتقاليد شفوية، وحكاوى خرافية- لا سند لها سوي العهدين: القديم والجديد، رافقت اليهود طيلة رحلاتهم وإنتشارهم و وتواجدهم في مناطق من العالم، فكيف إذن يمكن للغرب *العقلاني: الأنواري التنويري، والتشكيكي الديكارتي، والتفلسفي الكانطي- الهيغلي * أن يفرض على العالم أطروحات الصهيونية الخرافية، كفكرة * *عقلانية- متجانسة*، وإن كان هذا الطرح في عمقه:*عقدي لاهوتي -خرافي*، مؤسس كله على طرح* صهيونية تيودور هرتزل.*؟

والإجابة هي أنه منذ البداية،كان في أوساط الأقليات اليهودية في أواخر القرن التاسع عشررأيان متعارضان عن اليهودية و الصهيونية،أحدهما )لاهوتي – عقدي خرافي(، والآخر محض )إيديولوجي- سياسي(، فاختارهرتزل أن يكون الطرح سياسيًا !.

كان هرتزل يهوديًا مندمجًا في مجتمعه الغربي، لا يعرف العبرية ولا الدين اليهودي ولا شيء عن التاريخ اليهودي-كما ذكر ذلك في مذكراته- !.وهنا تكمن عبقريته أويتجلى إستهبال النخب الغربية للبشرية،أوالتواطؤ الغربي السافر ضد الشعوب الآخري !

وبالنسبة لهرتزل، كان الأمر بسيطًاعبر عنه بكلمة مشهورة كاذبة تمامًا وهي: "مشكلة الصهيونية هي مشكلة وسائل النقل: هناك شعب بلا أرض وأرض بلا شعب. "لذلك كان علينا فقط أن نركب قوارب لنقل الناس إلى المنطقة وتم حل المشكلة! هكذا !!

نعم، لقد كان تدليسا عجيبا و تبسيطًا رائعًا وخدعة محبوكة وفكرة محكمة الصنعة والإبداع والديباجة، مثل عرض إشهار سلعة جديدة، لا تخاطب العقل بل تحرك فقط الحواس والغرائز المكبوتة. إنها عبقرية خبراء الإشهار والبروباغاندا الذين يجعلونك *تبلع* فكرة أن شرب مشروب ما أو تناول وجبة ما أو إستخدام آلة ما، تجلك تمشي على الماء أو تطير في السماء. !!

لو كان هرتزل قد استوعب المشكلة اليهودية بكل تعقيداتها، لما كتب عن *الدولة اليهودية* !.ولكنه بسبب جهله للعقيدة اليهودية وفقهها *التلمودي* وسيرة التوراة المزيفة،سمح لنفسه كجاهل ومحتال، بنشر الأكاذيب المزدوجة: أولاً، لم تكن فلسطين دولة بلا شعب، حيث يعيش فيها مئات الآلاف من عرب حضارات بلاد الرافدين والهلال الخصيب ؛ ثانياً، لم يكن اليهود شعباً بلا أرض، لأن اليهود المندمجين داخل فلسطين القديمة كانوا فرنسيين جيدين، أو ألماناً جيدين، أو إنجليزاً جيدين، إلخ. 

واليوم،فمهماحاول المرء التجرد والتنقيب في المعاجم الغربية لإيجاد مصطلح مناسب للصهيونية والكيان الصهيوني ما عدا أنها الدولة الإجرامية والرعب على الأرض:

إسرائيل هي كيان تم تشكيله على هرطقات سجع كهنة التوراة المزيفة وإستساغها *العقل الغربي– التنويري العلماني– الحداثي* بدون تساؤلات تشكيكات الديكارتية، أو تفلسفات الهيغلية-الكانطية

هي*دولة* دكتاتورية للإبادة الجماعية، إستقت معينها ونموذجها من الإبادة المقدسة للسكان الأصليين في القارة الأمريكية من طرف البيض البيوريتانيين من المهاجرين الأوروبيين إلى القارة الأمريكية .

هي *الدولة* الوحيدة المستعمِرة في التاريخ التي تستخدم التعذيب اليومي للمحتلين دون أي حقوق

معترف بها من الغرب * الديموقراطي- الإنسانوي * !!.

حتى كلمة نظام سياسي في القواميس، تشير إلى نوع من تنظيم السلطة في الدولة: بمعنى نظام ديمقراطي، أو ثيوقراطي،أو شيوعي استبدادي !، وفي حالة الكيان الصهيوني فسترهق نفسك في البحث عن المصطلح المناسب الذي لن تجده !

فإسرائيل كيان هلامي مطاطي غريب لا مفهوم له في العلوم السياسية، وليس بدولة بمفهوم الدولة المدنية الحديثة- !!

، فهونظام لا يعترف إلا بحقوق الإقلية اليهودية، وحتى المسيحية التي هي ديانة الغرب في مقصية والمسيحيون في فلسطين مضطهدون مثلهم مثل المسلمين: وتلك حالة خاصة جدًا في التاريخ كله وفي العلوم السياسية الحديثة. كما أنه من غيرالمفهوم أيضا للشعوب الغربية التي خرجت للتظاهر ضد هذا الكيان المحتل: التي تتساءل عن التساهل الدولي المفرط تجاه هذا الكيان، كأمر مبهم وغير مسبوق وشاذ وغريب في التاريخ أيضا. !!!???

 

د. الطيب بيتي

 

 

في المثقف اليوم