آراء

هل من كلمة سواء تجمعنا؟

العقدة الطائفية.. مرض أبتلي به بعض المغالين في العقيدة وأتباعهم من عمي البصيرة وعديمي الوعي، وهو سلاح استخدمه السياسيون وأصحاب المصالح الضيقة إما لكسب الأنصار، أو لإشغال المجتمع عن سوء أفعالهم، أو لتحقيق غايات خبيثة لا تستقيم والذوق العام. وعادة ما يستخدم هذا السلاح الفتاك لتوجيه الأكثرية ضد الأقلية لعزلها، وما ينتج عنه من تمزيق وتفتيت لأواصر الوحدة الاجتماعية والتعايش الأهلي.

ونحن في الكويت بتنا نعاني من استغلال أصحاب المصالح الضيقة للتركيبة المجتمعية، فيثير بعض هؤولاء هذا الفرز الطائفي بين الحين والآخر ليجروا عوام الناس إلى ملعبهم، لذا فالمهم اليوم أن يعي الناس أهمية عدم الانجرار إلى هذا الخطاب المقيت، لكون الآلة المحركة له لا علاقة لها بالدين والمعتقد، بل بجملة من المصالح السياسية الضيقة والمبتغيات غير النزيهة التي يقتات منها نفر قليل، بينما يقع الضرر على المجتمع بأسره!

وما يؤسف أن نشاهد حجم التوتر والتهيج النفسي الذي ينتاب الكثير من النشطاء فيمارسوا دور المظلوم المضطهد طائفيا، ويعيش بعضهم الدور فينسب أي خطابات أو ممارسات تنتقص من مكانة أو دور المكون الذي ينتمي إليه إلى الدافع الطائفي سببا وراء ذلك! وأحسب أن الداء والدواء يكمن في هذا الشعور الوهمي، والذي لا يستند إلى شواهد يقينية في معظمها، بل إلى مؤشرات واستنتاجات ظنية!

لذا، أحسب أن على من أبتلي بهذا الشعور أن يراجع قناعاته، ويتوقف عن بثها وإشاعتها في أوساط العوام من الناس وإشغالهم بها، سواء همزا ولمزا، أو تلميحا وتصريحا، أو نشرا ونقلا. خاصة وأن الاستمرار في هذا السلوك المضطرب حتما سيولد جملة من التبعات المقيتة التي نحن جميعا في غنى عنها، أهمها:

١- بث الطاقة السلبية التي تبعث على التشاؤم، في وقت أحوج ما يتمناه الناس هو التفاؤل والاستبشار!

٢- تكريس عقد نقص نفسية عبر الشعور بالعزلة والانتقاص الوطني!

٣- إشغال الأجيال الشابة بالتناقض العنصري والتباين المذهبي عنوانا لتقسيم المجتمع الواحد، وتوريثهم روح الحقد والكراهية اتجاه شركائهم في الوطن، وهذا بالتأكيد سيساهم بفاعلية في تدمير قيم السلم الأهلي، وهدم أواصر العيش المشترك!

٤- إشغال الناس عن الأهم والمهم من القضايا والمطالب التي تمثل الحاجيات الأساسية للمجتمع والتي يعاني منها الجميع دون تمييز مذهبي أو عرقي، كمشاكل التعليم والصحة والاسكان والتركيبة السكانية والغلاء والبطالة والفساد وعدم تكافؤ الفرص والمحسوبيات في التعيينات وهدر المال العام، وغيرها الكثير!

لقد من الله تعالى على المجتمع الكويتي اليوم بعهد جديد مريح، وبخطاب أبوي إصلاحي يدعو إلى التفاؤل، وبحالة من التوافق بين الحاكم والمحكوم، وبين المعارضة والموالاة.. ومن الطبيعي في مناخ هادئ كهذا أن يتناسى النشطاء في الساحة -على اختلاف مذاهبهم وتعدد رؤاهم- كل الإفرازات السلبية للعهد القديم لصالح تبني خطاب جامع من شأنه توفير مقومة نجاح جهود الإصلاح والبناء للنظام وسلطاته التشريعية والتنفيذية، وعلى رأسها إهمال الخطاب الطائفي واعتباره من الماضي الذي تلاشى غير مأسوف عليه ونسأل الله تعالى ألا يعود.

والله من وراء القصد

***

د. سامي ناصر خليفة

في المثقف اليوم