آراء

موطن الذات العربية بين العقل والنقل والخنوع والإباء

من حق كل إنسان أن يعيش حياة سعيدة، ويتنعم بحقوقه الكاملة، في ظل حكم قائم على أساس قانون العقل الذي وافق النقل الصحيح والحق الصريح، وليس على أهواء شخص من الأشخاص قابعا خلف أستار الظلم، والتسلط المطلق على ما يملكه وما لا يملك.

هذه سيميائية الموطن داخل حيزه الجغرافي والزمني حالة سيكولوجية يمكن أن نطلق عليها نظرة الفرد إلى ذاته من خلال وطنيته.

هل أنا فعلا أنتمي إلى هذا الوجود الطبوغرافي، ورقم بطاقة التعريف ورمزية الراية؟

ثم سيميائية خارج حيزه الجغرافي وهو انتماء آخر أنثروبولوجي تطور فيه كإنسان يحمل مورثاته القومية، الدينية، التاريخية من جيل إلى آخر، فهل أديت حقها ؟

وحتى لا يكون خطابنا بلا نية غير هدير كهدير الحمام، وهو صوت يردده في حنجرته، نتكلم عن إنسان عاش حضارة حقيقية، يحاول الآخر أن يطمسها، وهذا ما يفعله الغرب بمحاولة تزوير التاريخ باركو لوجيا الاستعمار، كأن هذا العربي لم يكن أبدا سوى رعاعا وهمجا لا ينبغي إلا أن يكونوا مسخرين للغرب، تسلب طاقاتهم وثرواتهم، وتسحق معنوياتهم، ليلعنوا وجودهم ولا يرون لهم قيمة أو ضرورة إلا في كنف هؤلاء وهؤلاء.

حتى ما إذا قامت قيامتهم وأعلنوا ثورتهم وحققوا استقلالهم، دخل عليهم عدو الأمس من كل حدب وصوب، اشتروا ذممهم بأثمان بخسة وأقاموا في عمقهم الاستراتيجي طابورهم الخامس يعمل ليلا ونهارا ينتظر طلائعهم، قذارة أفكارهم، نتانة إباحيتهم سرا وعلنا خلف الخطوط، مقابل أن يساندهم ليكونوا حكاما ووجهاء وأعيانا يكلموننا بلسان عربي مبين، ليذبحوا عروبتنا القديمة، وباسم الدين يجعلون منا طرائقا قددا يخدمون أجندات مريبة استولوا على المناصب، الأسواق وعلى الصاعد وعلى النازل.

منهم السدنة ورجال المال، يلبسون كل الأيديولوجيات اليمينية واليسارية، الدينية بقمصانها أو بدلتها المكرفطة، فصار حالنا في ظلمات بعضها فوق بعض. وانقسمت مرفولجية الجسم إلى جسم قتلته السمنة والبذخ، وجسم قتلته النحافة وسوء التغذية ..

إذا تكلمت عن حل أحشائنا الداخلية فأوطاننا تحت الأرض، يكفي أن أخرج كل صباح أبحث عن قطعة صدق تريحني، أبحث عن ورقة أكتب عليها ما أريد من نظر في الأمور دون خوف، ثم لتسافر مع الرياح مع أوراق الخريف في كل اتجاه، المهم قلت شيئا من ضميري، من قلبي، لكن بين الملح والسكر تدفن اللذة، ويموت الوعي، ونأكل سندويتش من السذاجة، ونشرب فنجان قهوة بزبد الغباء، نختار المنفى حينها عند العدو، طُرقٌ مظلمة ضباب الكذب رماده كثيف، الجرذان في الأنفاق تفكر لتخرج مرة أو مرتين في اليوم إلى الرصيف لأجل الرغيف، لأجل جريدة مملوءة بالزور والخيانة، لأجل صنع جحر دافئ تتربى فيه أجيال جديدة ترضى بالإهانة.

نزلت في ميناء اليأس متسللا بجواز مزور بلا منارات ترشد المسالك وترددي لا يقيني المهالك، بين شجر وحجر ليلي بلا قمر، وشمسي تنتحر، وزوجتي الثكلى تعوي عويلا، وأكذوبة النضال، والمجلس الوطني جدرانه تلعن الأبواب المفتوحة، والنوافذ تلعن الكراسي المرصوصة، أجسادا لها خوار، بلا وعي شربنا مليون فنجان شاي ووجبة لأجل قضية الشعب لأجل فلسطين، يأوي النائب إليه متسكعا وقد زور ودفع رشوة فاقت ما يهذي به المجنون. يمارس النضال يلَمِّع الرذيلة يصنع هيكلا للخديعة، جامعة غربان ماتت بسكتة قلبية، عشعش فيها الذباب لزبالات المواقف، نارنا أصابها الغثيان تقيأت كل الرماد، هل نقاوم، هل نخون، هل نعتزل، نحن في انتظار.

تاريخنا حلق رأسه، لبس المسوح، هو عند الباب مذهول كئيب يمشي بين القبور يلقي نضرة على من ضحوا بالنفس والنفيس، وعلى من باعوا مجدهم، مكتوب عليَّا أن أكتب وأكتب، والثورة الكبرى فكرٌ وثقافةٌ، مواقف يتلوها عمل، ومن سار على الدرب وصل .

***

بقلم الأستاذ الشاعر رابح بلحمدي

 البليدة الجزائر في يوم 6 ديسمبر 2022

 

في المثقف اليوم