آراء

النفط بعد الغزو البريطاني للعراق

بعد الغزو البريطاني قامت (شركة بريتيش بتروليوم-BP) باستخراج ما قيمته 15 مليار جنيه إسترليني من النفط العراقي*

على الرغم من انكار الوزراء في حكومة المملكة المتحدة بأن الحرب كانت بسبب النفط، إلا أن الشركة البريطانية الرائدة تمكنت من حصد ثروة كبيرة عند عودتها إلى العراق بعد غزو عام 2003، وفقًا لما توصل إليه موقع (Declassified).

MATT KENNARD**

22 MARCH 2023

ترجمة: عزام محمد مكي

***

* عادت شركة بريتيش بتروليوم إلى العراق في عام 2009 بعد غياب دام 35 عامًا وحصلت على حصة كبيرة في أكبر حقل نفطي في البلاد بالقرب من البصرة التي تحتلها بريطانيا

* ضخت شركة بريتيش بتروليوم 262 مليون برميل من النفط العراقي منذ عام 2011

* حصل السير (John Sawers)، أول ممثل مميز للمملكة المتحدة في العراق بعد الغزو، على 1.1 مليون جنيه إسترليني منذ انضمامه إلى مجلس إدارة شركة بريتيش بتروليوم في عام 2015

* فازت شركة شل النفطية البريطانية "العملاقة" الأخرى بعقد في العراق في عام 2009 كمشغل رائد لتطوير حقل مجنون النفطي "العملاق".

أظهرت تحليلات جديدة أن شركة بريتيش بتروليوم ضخت نفطًا بقيمة 15.4 مليار جنيه إسترليني في العراق منذ عام 2011 عندما بدأت الإنتاج في البلاد لأول مرة منذ ما يقرب من أربعة عقود.  

وتأتي المعلومات الجديدة في الذكرى العشرين لبداية غزو العراق، الذي اعتبرته الأمم المتحدة غير شرعي. ومع ذلك، لم يخضع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ولا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الزعيمان اللذان قادا الحرب، لتحقيق جنائي.

بدأ الغزو في آذار/مارس 2003 وأطلق العنان لكارثة إنسانية كارثية حيث قُتل ما يقدر بنحو 655000 عراقي في السنوات الثلاث الأولى من الصراع، أو 2.5 ٪ من السكان.

تم الانكار باعتبارها حربًا على النفط وعلى نطاق واسع من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة: يمتلك العراق خامس أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم. لا علاقة للعراق بهجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر الإرهابية التي وقعت قبل 18 شهرًا والتي شرعت ما يسمى "الحرب على الإرهاب".

تأتي البيانات المتعلقة بإنتاج شركة بريتيش بتروليوم بعد الغزو في العراق من التقارير السنوية للشركة وتم حسابها باستخدام متوسط السعر السنوي لبرميل النفط لكل سنة إنتاج.

من عام 2011 إلى عام 2220، ضخت شركة بريتيش بتروليوم 262 مليون برميل من النفط العراقي.

(شركة) بلير للبترول

بدأت الشركة في عام 2011، بإنتاج 31 ألف برميل من النفط العراقي يوميًا، لكن هذا الرقم ارتفع بسرعة إلى 123 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2015.

بحلول عام 2020، أنتجت شركة بريتيش بتروليوم نفطًا من العراق أكثر من إنتاجها في أوروبا بأكملها، بما في ذلك بحر الشمال البريطاني.

في الأشهر التي سبقت الغزو عام 2003، أُطلق على شركة بريتيش بتروليوم لقب "شركة بلير للبترول" بسبب الضغوط المكثفة التي مارسها رئيس الوزراء البريطاني نيابة عن الشركة.

لكل من شركتي بريتيش بتروليوم وشل تاريخ في العراق يعود إلى قرن من الزمان، وكانت صناعة النفط في البلاد تحت سيطرة الشركتين البريطانيتين إلى حد كبير خلال معظم القرن العشرين.4987 بترول

"الوصول إلى الموارد"

لكن شركة بريتيش بتروليوم عادت إلى العراق للمرة الأولى منذ السبعينيات بعد ست سنوات من الغزو البريطاني. حيث صرحت الشركة في ذلك الوقت: " نحن نسعى باستمرار للوصول إلى الموارد الذي شمل العراق في عام 2009 ".

وكانت الفرصة الجديدة هي في الحصول على عقد من الشركة المملوكة للدولة لتوسيع الإنتاج في حقل الرميلة بالقرب من البصرة، أحد أكبر حقول النفط في العالم. حيث كان الجيش البريطاني في ذلك الوقت يحتل البصرة والمناطق المحيطة بها في جنوب العراق.

ان حقل الرميلة، الذي يمتد 50 ميلاً من البداية إلى النهاية، تم "اكتشافه" بالاساس من قبل شركة بريتيش بتروليوم في عام 1953 وهو الأكبر في العراق.

كانت خطة إدارة بوش الأولية تقضي بان توقع الحكومة العراقية على قانون نفط جديد والذي كان من شأنه خصخصة النفط العراقي بشكل غير مباشر من خلال نوع غير تقليدي من التعاقد يسمى "اتفاقيات مشاركة الإنتاج" (PSA)

كان من شأن ذلك أن يسمح لشركات النفط الأجنبية بتوقيع عقود مع الحكومة لتطوير مناطق معينة من قطاع النفط العراقي مقابل حصة من أرباح النفط.

لكن الدستور العراقي يتطلب من البرلمان التصديق على القوانين، وبسبب الديناميكيات الداخلية في البلاد في ذلك الوقت، انتهى الأمر بالبرلمان إلى سيطرة الأحزاب الوطنية ذات السياسات المناهضة للاحتلال.

كان على الحكومة العراقية العودة إلى قانون قديم يسمح فقط بـ «عقود الخدمات الفنية» (TSC) التي أبقت النفط تحت الملكية العراقية مع منح شركات النفط الأجنبية سعر ثابت مقابل الخدمات.

اتخذ استثمار شركة بريتيش بتروليوم في الرميلة شكل(TSC)، والذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني/ديسمبر 2009. في الصفقة، ستسترد شركة بريتيش بتروليوم التكاليف، بغض النظر عن سعر النفط، وتحصل على رسوم لكل برميل من الإنتاج فوق عتبة محددة.

ومع ذلك، ذكرت الشركة أن "عقد الخدمة الفنية (TSC) الذي نعمل بموجبه في العراق يعمل كإتفاقية مشاركة في الإنتاج [PSA]".4988 بترول

"المقاول الرئيسي"

كانت بريتيش بتروليوم هي المقاول الرئيسي في مشروع تطوير الرميلة، بحصة عمل بلغت 38٪. وتمتلك شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) نسبة 37٪ فيما تمتلك الحكومة العراقية نسبة الـ 25٪ المتبقية.

وقالت شركة بريتيش بتروليوم، بانها إلى جانب شركة البترول الوطنية الصينية، تعتزم استثمار 15 مليار دولار على مدى السنوات العشرين المقبلة لزيادة الإنتاج في الرميلة إلى ما يقرب من 3 ملايين برميل يوميًا، أو 3 ٪ من إنتاج النفط العالمي.

في ذلك الوقت، كان حقل الرميلة ينتج فعليا نصف صادرات العراق النفطية وكانت تشمل خمسة مكامن منتجة. ستقوم بريتيش بتروليوم مع شركائها بتجديد الآبار والمرافق.

في عامها الأول من التشغيل، زادت شركة بريتيش بتروليوم إنتاجها من حقل الرميلة بنسبة 10٪ فوق المعدل المتفق عليه في البداية مع وزارة النفط العراقية، مما يعني أن الشركة أصبحت مؤهلة للحصول على حصة من النفط المنتج. على مدى العقد التالي، استخرجت شركة بريتيش بتروليوم ما معدله 65000 برميل من النفط يوميًا من الرميلة.

في عام 2014، زادت شركة بريتيش بتروليوم حصتها في العمل ضمن عقد الخدمة الفنية (TSC) في الرميلة إلى 48٪ وتم تمديد العقد لمدة خمس سنوات حتى عام 2034.

وذكرت الشركة أنه "على الرغم من عدم الاستقرار والعنف الطائفي في شمال وغرب البلاد، فإن عمليات شركة بريتيش بتروليوم كانت مستمرة في الجنوب".

في عام 2015، ذكرت الشركة أننا «نواصل بناء علاقات في معاقل شركة بريتيش بتروليوم التاريخية في الشرق الأوسط، مع تزايد الفرص» بما في ذلك في العراق، حيث وصل إنتاج شركة بريتيش بتروليوم إلى أعلى مستوى 123000 برميل يوميًا. وتم تصنيف العراق الآن كواحد من «مجالات الإنتاج الرئيسية» لشركة بريتيش بتروليوم.

المبعوث المميز لدى العراق

أحد الشخصيات التي حققت أداءً جيدًا من شركة بريتيش بتروليوم هو السير (John Sawers)، أول مبعوث مميز للمملكة المتحدة في العراق في عام 2003، والذي انضم إلى مجلس إدارة الشركة في عام 2015.

على مدار السنوات السبع التالية، كسب (Sawers) 1.1 مليون جنيه إسترليني من الرسوم من الشركة. كما بلغت قيمة حصته في شركة بريتيش بتروليوم العام الماضي 135 ألف جنيه إسترليني، بزيادة 181٪ عن وقت انضمامه إلى الشركة.

انضم (Sawers) إلى شركة بريتيش بتروليوم كمدير غير تنفيذي في آيار/مايو 2015 بعد أن "تم تشخيصه" على ما يبدو في العام السابق عندما تنحى عن منصب رئيس وكالة المخابرات الخارجية البريطانية (MI6).

ذكرت الشركة أن "( John) لديه خبرة طويلة في السياسة الدولية والأمن اللذان يمثلان أهمية كبيرة لأعمالنا". وأضافت الشركة أن (Sawers) أمضى الجزء الأكبر من حياته المهنية في الدبلوماسية "ممثلاً للحكومة البريطانية حول العالم". بسبب هذه التجربة، عينت بريتيش بتروليوم (Sawers) رئيسًا للجنتها الجيوسياسية.

كان (Sawers) مقربًا من رئيس الوزراء توني بلير في الفترة التي سبقت غزو العراق، حيث عمل مستشارًا للسياسة الخارجية من 1999-2001. في آيار/مايو 2003، عين بلير (Sawers) كأول مبعوث مميز لبريطانيا في عراق ما بعد الغزو.

كان دور المبعوث المميز هو "العمل مع العراقيين، ومع شركاء التحالف وكذلك مع ممثلين آخرين للمجتمع الدولي للمساعدة وتوجيه العمليات السياسية المؤدية إلى إنشاء الإدارة المؤقتة".

ثم أصبح (Sawers) المدير السياسي والعضو الرئيسي لمجلس الإدارة لوزارة الخارجية من 2003-2007. وعند عودته الى العراق استمر نفوذه في البلاد ممثلاً للحكومة البريطانية في تشرين الاول/أكتوبر 2005 في أعقاب الاستفتاء الدستوري الناجح.

بالقرب من وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6

يبدو أن (Sawers)، وفي وقت سابق من حياته المهنية، كان ضابطا في وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6. في عام 2009، عندما تم تعيينه رئيسًا لجهاز MI6، علقت بي بي سي: "كما أشارت الحكومة البريطانية بخجل، فإن السير (John)" ينضم مجددًا "إلى جهاز المخابرات السرية (SIS) - ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول حياته المهنية السابقة في MI6."

لطالما كانت BP على مسافة قريبة من وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6. ففي مقال نشرته (Mail on Sunday) في 2007، والذي تم حذفه لاحقًا، ادعى أحد المبلغين عن المخالفات (مخبر) في الشركة أن " شركة بريتيش بتروليوم كانت تعمل عن كثب مع وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6، على أعلى المستويات لمساعدتها على كسب الأعمال ... والتأثير على الهيكلية السياسية للحكومات".

كتب ( Richard Tomlinson)، الضابط السابق المنشق في وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6، في مذكراته عام 2001 أن شركة بريتيش بتروليوم لديها "ضباط اتصال في وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6 الذين يتلقون [المعلومات المخابراتية `ذات السرية] ذات الصلة".

كان سلف (Sawers) كرئيس وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6، هو السير (John Scarlett)، كبير موظفي الاستخبارات والمسؤول عن ملف توني بلير سيئ السمعة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية الذي تم اصداره في الفترة التي سبقت الغزو. وقد اقترح(John Scarlett)" استخدام هذا الملف لتضليل الجمهور حول أهمية الأسلحة العراقية المحظورة".

في تعليق شركة بريتيش بتروليوم حول مهارات (Sawers) ذات الصلة، أفادت الشركة أن "إدارة (Sawers) للإصلاح في وكالة المخابرات الخارجية البريطانية MI6 تكمل أيضًا رغبة شركة بريتيش بتروليوم للتركيز على القيمة والتبسيط".4989 بترول

حقل شركة شل النفطي العملاق

كما عادت شركة النفط البريطانية "الكبرى" الأخرى، شل، الى العراق مرة أخرى في عام 2009 عندما "حصلت على مكانة مهمة" في البلاد بعقد حكومي لتطوير حقل مجنون، مرة أخرى بالقرب من البصرة في جنوب العراق الذي تحتله بريطانيا.

ووصفته الشركة بأنه "واحد من اكبرحقول النفط العملاقة في العالم" باحتياطي يقدر بنحو 38 مليار برميل من النفط.

مُنحت شل شركة «عقود الخدمات الفنية»TSC لمدة 20 عامًا كمشغل رئيسي مع حصة 45٪ في تطوير حقل مجنون. وستمسك شركة النفط الماليزية بتروناس بنسبة 30٪ بينما تحتفظ الدولة العراقية النسبة المتبقية البالغة 25٪.

وصرحت شل إن من المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 1.8 مليون برميل نفط يوميا بزيادة عن 45 ألف برميل كانت تنتجه في ذلك الوقت. وقالت شل أيضا بإن لدى الحقل "إمكانات استكشاف إضافية".

وفي عام 2009 حصلت شل أيضًا على حصة 15٪ في عقد لتطوير حقل غرب القرنة 1 – وهو مرة أخرى بالقرب من البصرة - كجزء من تجمع تقوده شركة ExxonMobil.

وفي عام 2014 تمت إعادة التفاوض على هذا العقد حيث تم تخفيض حصة الحكومة من 25٪ إلى 5٪ وتوزيعها على مساهمين آخرين، بما في ذلك شل.

رغم ذلك، باعت شل في عام 2018، حصتها البالغة 20٪ في حقل غرب القرنة 1، وحصتها البالغة 45٪ في حقل مجنون، للحكومة العراقية.

و لم تستجب شركة بريتيش بتروليوم وكذلك السير (Johm Sawers (في الرد على الطلبات المقدمة لهم من اجل التعليق.

***

........................

* https://declassifieduk.org/bp-extracted-iraqi-oil-worth-15bn-after-british-invasion/?s=08

** (MATT KENNARD هو كبير الصحفيين الاستقصائيين في موقع DeclassifiedUK

في المثقف اليوم