آراء

سعيد الشيخ: موقف روسي غير مفهوم

صمتت روسيا طيلة أيام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بات تحت الأنقاض بعد أكثر من شهرين وهو يتلقى القصف الهمجي الصهيوني بأحدث الأسلحة الأمريكية والغربية.

 وأخيرا، حين تكلم وزير خارجيتها نطق بالباطل حين تحدث عن “أمن إسرائيل” وبشكل يبعث الى حيرة المراقبين الذين تلقفوا قبل ساعات فقط تصريحات الرئيس الأميركي التي تحدثت عن حماية السكان المدنيين وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إليهم وقد باتوا نازحين في ديارهم.

فيما بدت التصريحات الأميركية والروسية وكأنها حرب أخرى تجري على هامش الحرب على الشعب الفلسطيني.  ولا تبدو هذه التصريحات أنها تجرى في القنوات التقليدية للسياستين الأميركية والروسية.

من الغريب والمستهجن أنْ تتحدث روسيا الآن عن “أمن إسرائيل” وهي تربط ذلك بضرورة إقامة دولة فلسطينية، فيما المشهد الفلسطيني الراهن برمته من قبل ومن بعد هو الذي يحتاج إلى الأمن والحماية ليستطيع الفلسطينيون العبور إلى الدولة.

وكان الأجدر بوزير الخارجية الروسي أنْ يتحدث عن معاقبة إسرائيل على جرائمها التي تتصرف فوق القوانين الدولية بقتلها للمدنيين ومعظمهم من الأطفال والنساء في حربها الفاشية المفتوحة.

مرة أخرى يقوم السؤال بإلحاح أكثر: من الذي يحتاج إلى الأمن، الاحتلال الغاصب أم الشعب الواقع تحت الاحتلال؟

جاءت تصريحات لافروف عن أمن إسرائيل بعد ساعات فقط من حديث بايدن، الذي يُظهر أنّ الإدارة الأميركية تنقلب على نفسها وهي تُعلن عن ضرورة إيجاد هدنة إنسانية وحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وعن ضرورة لجم المستوطنين عن هجماتهم ضد المواطنين في الضفة الغربية. ومما قاله بايدن: أنّ إسرائيل تفقد دعم المجتمع الدولي”، وقبل ذلك كانت الولايات المتحدة هي الأكثر تشدداً حتى من دولة الاحتلال تجاه وقف إطلاق النار. وكانت الممارسات الإسرائيلية خارج نطاق أي انتقاد أمريكي رسمي.

ما الذي يدفع الدولتان الكبيرتان أمام قسوة المشهد الغزاوي أنْ تتحولان في صياغة سياستهما. وبالضرورة أنْ تظهران كما هي العادة النقيض في المواقف الذي يتسم في معالم سياستهما؟

 هكذا، وفجأة بعد أكثر من شهرين من الحرب تصبح أمريكا أول المنادين بحماية الشعب الفلسطيني، بينما تصبح روسيا في صدارة صفوف المنادين بــــ “أمن إسرائيل” وهي الأسطوانة المشروخة التي أطلقتها أولاً الولايات المتحدة بداية الحرب وراحت دول الاتحاد الأوروبي ترددها لليوم بشكل ببغائي.

ولكن، هل سيستيقظ العالم الغربي غداً وهو يردد تصريحات بايدن حول الهدن الإنسانية وضرورة الاتفاق على “حل الدولتين”، وهذا ما ترفضه حكومة نتنياهو وتصر على مواصلة الحرب والاحتفاظ بكلّ أرض تحتلها.

وهنا، كيف ستبدو السياسة الروسية، وبأي صياغة سيظهرها لافروف على العالم؟ وهل تتطور هذه المواقف وتخرج من إطار المناكفات وتتحول الى سياسة استراتيجية؟

حقاً.. العالم يتغير!

***

كاتب فلسطيني

في المثقف اليوم