قضايا
زينب تاوريرت: فساد المجلات العربية في زمن انفجار المعلومة
سواء هنا في أروبا أو في أمريكا أوغيرها من البلدان المتقدمة تجد مواقع متخصصة في تقييم الشركات والمنظمات والمجلات وغيرها من الهيئات، حيث بمجرد أن تتأسس الشركة تتناولها هذه المواقع وتفتح أبواب النقاش حول مصداقيتها، حيث يستطيع المواطن الغربي أن يتعامل أو يتجنب التعمال مع الهيئة بناء على ما ينشر في تلك المواقع التي تميز بطريقة رائعة بين الهيئة ذات المصداقية والهيئة الـسكام "Scam" أما نحن في العالم العربي، فكل شيء غامض ولا يستطيع الضحية حتى أن يئن بصوت مرتفع. لهذا انتشر الفساد ونخر أوطاننا. لما فتحنا بابا للنقاش حول المجلات العربية كانت معظم التعليقات وحتى معظم الرسائل الخاصة تحت أسماء مستعارة، وبينهم كتاب يرفضون ذكر أسمائهم ونحن نحترم رغباتهم.
على كل حال، كشف التقرير الذي شارك فيه العديد من المبدعين والمؤلفين العرب، "أن معظم المجلات العربية الحالية يديرها أشخاص غير محترمين، ولا يتمتعون بالحد الأدنى من الأخلاق الحسنة !". كشف أن "أغلبهم يعاملون المساهمين في مجلاتهم معاملة الكلاب !!". لو بدأنا النقاش بالمجلات التي يزعم المشرفون عليها بأنها تدفع مكافآت مادية مقابل ما تنشر من الإبداعات والمساهمات الأخرى، لألفينا أنفسنا في الواقع أمام مجموعة من النصابين والمحتالين ! منهم من يحاول أن يلف نصبه واحتياله لفاً ذكياً إلى حين، ومنهم من لا يفلح سحره منذ أول جولة. نذكر من النماذج الأولى على سبيل المثال [مجلة نزوى] في عُمان، والمجلات السعودية ك[الجوبة] و[المجلة العربية] و[حسمى] و[سيسرا] الخ، هذه المجلات كما يقول العديد ممن شاركوا فيها: "تدعي أنها ترسل مكافآت مادية للكتاب، لكنها لا ترسلها إلا لبعض الكتاب المعروفين أو الذين ترى أنهم معروفون، وإذا كافأتهم في المرة الأولى، فينبغي على الذكي منهم ألا يتعب نفسه بمراسلة تلك المجلة، لأنها لن تكافئة مرة أخرى !".
هذا يؤكد على أن المكافآت المزعومة مجرد طعم يراد منه الإيقاع بالكتاب الذين يعتبرون أن أوقاتهم ثمينة ولا يجوز لأي مجلة أن تنشر نصوصهم بالمجان، وهذا حقهم. أما الكتاب المبتدئون، منهم من تنشر هذه المجلات أعمالهم دون حتى أن ترد عليهم، ومنهم من ترد عليه تطلب منه إرسال بياناته البريدية وحسابه البنكي لكي تصرف له مكافأة، إلا أنها في الغالب تتجاهلهم بعد ذلك، حيث أن الغرض من طلبها تلك البيانات هو تحفيزهم على المساهمة في مجلتها واستنزافهم لكي تكون مقالاتهم المنشورة في تلك المجلات تحفيزاً للآخرين على الوقوع في الفخ ! إذ سيقولون مع أنفسهم: "لو كانت المجلة عديمة المصداقية فكيف يشارك فيها هؤلاء !" والواقع أن كلهم مخدوعين، وكلهم طعم لبضعهم في قصة مضحكة من النصب والاحتيال الذي يمارسه أرباب هذه المجلات.
هناك مجلات أخرى تعتمد أساليب راقية في النصب والاحتيال، نذكر منها على سبيل المثال مجلة حديثة تسمى [الإمارات الثقافية]، والتي يشرف على قسم النصب فيها كاتب سوري يُدعى محمد فاتح زغل، هذه المجلة تدعي وتروج لإشاعة أنها تحت إشراف أحد الأمراء في الإمارات ! وهذا إن كان صحيحا، لابد أن الموظفين في تلك المجلة يلعبون دورا فاسدا بين المجلة والمساهمين فيها، وإذا لم يكن صحيحا، فلا بد أن إشاعة علاقة المجلة بالأمير كان ومازال الغرض منها "إغراء الكتاب العرب بالمساهمة فيها وإنعاشها حتى لا تموت كما مات غيرها من أوراق الحمامات" كما قال أحد الشعراء لم يأذن لنا بذكر اسمه.
أخبرنا العديد ممن شاركوا في هذه المجلة أن الرجل المسمى محمد فاتح يعدهم بالمكافآت المادية بلا ملل ولا كلل، وبهذه الطريقة يضمن لتلك المجلة حياة ما كانت تستحقها، إلا بأن تتواضع وتلتزم الصف الذي التزمته بعض المجلات التي لا تدفع المكافآت المادية ولكنها تستحق الحياة رغم ذلك، والكتاب يساهمون فيها بغزارة بسبب مصداقية المشرفين عليها وصدقهم، والذين يصرحون بأن مجلتهم لا تدفع مكافآت، لكن بعض الخليجيين على ما يبدو قد أعمتهم أخلاق التجارة ونسوا بأن الكاتب يبحث عن الأخلاق الحسنة بالدرجة الأولى، وأنك إذا كنت ستعامله مثل كلب فلن يقبل منك حتى المكافآت المادية المزعومة. سوف لن نذكر هنا المجلات المحترمة التي تصرح بأنها لا تكافئ أحدا حتى لا يظن القارئ بأننا نروج لمجلة أو مجلات محددة على حساب الأخرى.
ما عدا المجلات الخليجية فعلى الكاتب ألا يصدق بأن ثمة مجلة عربية أخرى تدفع مكافآت مادية ولو بالشكل المذكور أعلاه، وختاما هناك مجلات لا تستحق الذكر في الواقع، ولكنا ارتأينا ذكر بعضها فقط لكي نختصر الطريق على الكتاب المبتدئين على الأقل، ولكي لا يتعبوا أنفسهم بمراسلتها، نذكر منها مجلة ليبية تسمي نفسها [مجلة رؤى] يشرف على قسم النصب فيها شخص يدعى حسان المغربي. كما علمت من أصدقائي أن هذا الشخص أيضا يدعي بأن مجلته تكافئ المساهمين فيها، ولكن هذا غير صحيح فقد راسلتهم بنفسي وباسم مستعار من أجل معرفة المزيد وتبين لي بأن هؤلاء مجرد نصابين.
لعل القارئ سيفاجأ عندما يعلم بأن حتى بعض المجلات العريقة التي كانت قبلة للكتاب العرب مثل [مجلة العربي] في الكويت، "انضمت أخيرا إلى قائمة المجلات المشبوهة والفاقدة للمصداقية ! بل ولأبسط الأسس الأخلاقية" حيث أنها لا تزال تغري بالمكافآت وهي لا تكافئ أحدا لا بالمال ولا بالكلمة الحسنة ولا حتى بردود توضح فيها للمساهمين ما إذا كانت مساهماتهم مجازة للنشر فيها أم لا"..هذا ما قاله كاتب صديق سبق ونشرت له عدة نصوص في مجلة "العربي" الشهيرة.
المقال القادم سيكون حول دور النشر العربية.
د. زينب تاوريرت- كوبنهاغن