قضايا
قوالب اللغة العراقية المحكيّة (9): ظروف وروابط الكلام في اللغة العراقية
تزخر العامية العراقية بمفردات متداولة كمفاصل وروبط بين الجمل أوظروف مكان وزمان أو بادئة لجملة لا غنى عنها في ربط الكلام وتبيانه وأغلبها غير مدروسة أو غير واضحة الأصل وفي هذا الجزء من قوالب العامية العراقية حاولنا جمعها وتبوبها ومحاولة فك رموزها بإعادتها إلى أصولها التي أشتقّت منها ما أمكن ذلك.ومن الملاحظ أن أغلب الجمل العامية العراقية لا بد أن تحتوي بشكل أو بآخر واحدة من هذه الكلمات التي لا تبدو من أصول عربية أو إبتعدت كثيراً عن الأصل العربي الفصيح ولا أظن أن أي جملة عامية تخلو من هذه الكلمات الأساسية.
1. إبلا أو بلا: بدون
2. إبّين: ومنها إبيني وإبينك ورغم أن الأصل من الفصيح (بين) إلا أن هناك فرقين أساسيين في الإستعمال:
- الأول إضافة الهمزة في الإستعمال العامي
- الثاني المهم وهو جمع الظرف بين- إبّين في اللغة العراقية على بينات ومن ثم إضافة الضمير لنقول ابيناتهم وابيناتهن وابيناتنا وابيناتكم وهذا غير وارد في اللغة العربية بتاتاً
3. أثاري: سمعت الدكتور مصطفى جواد يقول أن أصلها منحوت من إذ أرى وفي الأبوذية الجميلة التالية نرى إستخدام أثاري
الدنيا لو تحارب رجل تنفيه
تضكّه ولا بعد تنطيه تنفيه
أثاري الضحك للمغبون تنفيه
تِحِسْده الناس والعلّة خفية
ويرجعها الدكتور قيس السعدي في كتابه الكبير (معجم المفردات المندائية في العامية العراقية) إلى المفردة المندائية (أتر) بمعنى يتنبه يتيقظ والاستخدام العامي مطابق لهذا المعنى
4. أحّا وأحو وأحوي: تدخل في أطوار النواح والبكاء العراقية الأصيلة ونفذت إلى الغناء العراقي إذ يغني داخل حسن (أحا ولك دلالي صوبته وإنشل حالي)
أما مظفر النواب في قصيدته الشهيرة مضايف هيل فيقول
أحاه شوسع جرحك ما يسده الثارْ
يصويحب وحكَ الدم ودمك حارْ
من بعدك مناجل غيظ ايحصدن نارْ
5. احذا وحذاي: من الفصحى حاذى يحاذي بمحاذاة
6. إحم بمعنى التنحنح لتنبيه الشخص
7. أُجُن.. أجن: بمعنى شيئاً فشيئا وبشكل متدرج ويردّها الدكتور السعدي إلى ﭽنا أو شنا المندائية.
8. إش أو حرف الشين لوحده: وتنتشر بشكل واسع كإسم إستفهام في مطلع الجمل بمعنى ماذا وتربط بالأفعال خصوصاً راح لتصبح شراح بمعنى ماذا فنقول شراح تسوي وتضاف للأسماء أيضاً فنقول شوكت للإستفسار عن الوقت وذكرنا في جزء (حرف الشين في العامية العراقية) أن أصلها أكدي لأن هناك صيغة ظرفية في الأكدية هي (شفعل) وأوضح مثل لها إضافة الشين إلى قلب لتصبح شقلب وننطقها بالعامية جقلب ومثلها
شخبط من خبطَّ
شخط من خط
شعبث من عبث
شربك من ربك
شعنب من عنب
شنتر من نتر
شعفر من عفر
شعوذ من عوذ وكلاهما فصيحتان
شعبط من عبط
وسترد مفصلة في جزء منفصل من قوالب اللغة العراقية
9. أشوه: بمعنى أفضل قليلاً من المندائية شوه بمعنى يناسب يلائم يرضي (أنظر معجم المفردات المندائية للدكتور قيس السعدي ص 124)
10. أفّيش: تعبير عن الأرتياح والإنبساط .
11. أكو: شهيرة بمعنى توفر ووجود الشيئ واشتق منها
- ماكو: غير موجود
- شكو ماكو: متلازمة عراقية للسؤال عن الحال والأخبار
- شكش ماكش: تحوير بغدادي لنفس الإستعمال
- شكو لوحدها لها أكثر من إستعمال فنقول شكو بيها أي لابأس بها ونسأل:شكو بمعنى
ماذا هناك
والأغلب أن أصلها من المندائية أكا أي موجود كما يذكر الدكتور قيس السعدي وهو مصيب.
12. اللي: الذي واللغة العراقية لا تستخدم الذين للجمع كما في الفصحى بل تستخدم (اللي) في الحالتين.
13. إنّوب: أي هذه المرة
14. أهوو وأهي: للتضجر
15. أوخ: وتطلق عادة للإستحسان فنقول (أوخ شكد حلو هذا البيت)
16. أوي: تقال في أول الكلام للتعجب أو للتحذير وتغني زهور حسين (أوي أوي هسّه عرفت إنته ليش بيّه خنتْ)
17. برّا: خارج وهي آرامية سريانية مندائية ولها شبيه فصيح هو البر ومنها براني
18. بليَّ وبلاية: بمعنى بدون ويقول عريان السيد خلف في قصيدة مغناة:
بلاية وداع. مثل العود من يذبل ....بلاية وداع ومثل الماي من ينشف ....... بلاية وداع
19. بلكي بلكت بلكن
تشبه هلبت وتأتي للترجي لكنها بثلاث أشكال ويقول مظفر النواب
بلكت بعد بالروح ياريحان وصلة تنزرع
20. حَدِر: تحت وفي الفصحى حدر الشيئ بمعنى أنزله من فوق إلى تحت ومنها إنحدر ولا يشتق منها ظرف مكان بتاتا كما في اللغة العراقية لكنها في اللغة العراقية تعني بشكل محدد تحت وتستخدم كفعل أيضاً حدّر أي نزل ويقول الشاعر:
حدر التراجي برد والكنطرة بعيدة امشي واقول وصلت والكنطرة بعيدة
21. حيل: للمبالغة وتصف الشيئ بالضخامة والإتساع فنقول حيل جبير ويقول الشاعر
حيل اسحن بروحي سحنْ ما كولن أحاه وأون
22. ﭽا: الشهيرة لدى سكان وسط وجنوب العراق ( ﭽا شلون) و(جا شكتلك) وأصلها كا وأكا السومري الأكدي السرياني المندائي
23. ﭽارة: بمعنى حل وترد عادة ضمن جملة: سويلي ﭽارة أو ماكو ﭽارة
24. جوّا: تحت وهي آرامية سريانية مندائية ويقول المثل النار جوّا ياخيار ونقول جوّاك وجوّاي
25. دا: تدخل على الفعل وتفيد الإستمرارية وأصلها من المندائية(قا) (أنظر معجم المفردات
المندائية-الدكتور قيس مغشغش السعدي ص 196).
26. سيده: بمعنى السير في إتجاه واحد مستقيم فنقول: روح سيده منّا.
27. شو: نقول (شو ما جيت) ونضيف الألف للإستفهام فنسأل (أشو ما جيت ) وفي الأكدية فإن شو هو إسم إشارة بمعنى هذا أو ذلك
28. شويّة: قليل وهي منتشرة ومستعملة في البلدان العربية أيضاً وتغني
29. عبالي وعبالك وعبالنه وعبالها بمعنى تصورت أو تخيلت وربما أصلها فصيح من على بالي رغم تباعد المعنيين
30. عل: مقتطعة من حرف الجر على وتستخدم إستخدام الظرف (فوق) أحيانا باللغة العراقية علرف،عالميز
31. على مود: ومنها على مودك وعلى مودي وعلى مودنا ومعناها حتى أو لكي أو لشأن ويغني كاظم الساهر عبرت الشط على مودك وأصلها غير معروف
32. فد: أظن أنها مجتزأة من فرد ودليلي المثل الشعبي (رمانتين بفد إيد ماتنلزم ) وتشيع في العامية العراقية كلازمة لبداية الجمل مثل فد واحد أو فد وحدة
33. قارش وارش:للتحذير من التلاعب فنقول لا تسوّي قارش وارش
34. ﮔاعد: التي تحول الفعل المضارع إلى مستمر مثل ﮔاعد آكل، ﮔاعد أقرا ويردها الدكتور
قيس السعدي مصيباً للأصل المندائي (كا- اد) بمعنى (هنا- لكي) قبل الفعل لتدل على استمراريته (المصدر ص 269).
35. كتر: بمعنى جانب وهما ظرف وفعل مستخدمان في اللغة العراقية فنقول حطيت الحاجة على كتر ونقول كتّرت الغراض
36. كوّاك: أي حسن ومعقول ومنها كوكة وكويوﻳﭻ
37. لعد بغدادية أصيلة وأيضاً غير واضحة الأصل وهي بادئة للكلام عادة مثل (لعد شلون)
إنما يقول الباحث المندائي الدكتور قيس مغشغش السعدي في مقاله الموسوم (الـ ( جــا ) والـ ( لعد ) مفردتان مندائيتان أيضا ) المنشور في موقع إتحاد الجمعيات المندائية يتأريخ 13 نيسان 2013
ويقابل لفظة الـ (چـا) كلمة ( لعـد) البغدادية. فالسؤال (جا وين؟) يقابله (لعد وين؟).. وهكذا. ولذا تجد البعض حينما يريد أن يتبغدد ويرتقي على لهجة الجنوب العراقية في الـ(چـا) يقول الـ( لعـد). مع أن كلمة (لعـد) متكونة من (لا) و(عاد). والـ(عاد) هنا ليس بمعنى العودة ولا بمعنى العادة أو أي معنى مشابه في اللغة العربية الفصيحة.وإذا إعتمدنا أن (لا) هي أداة نفي في العربية والمندائية، فإن كلمة (عاد) هي ما تحتاج الى متابعة. ونجد في اللغة المنداية كلمة (آد) تعني (فإن، إذن، الى حين، حتى) وهي تفيد المعنى ذاته خاصة إن فرقنا الكلمتين كما في بيت الشعر الدارمي (دكم سترتك زين لا عاد أشتم..). وبذا تكون الـ (لعد) البغدادية هي ربط بين لا وحتى أو الى حين أو إذن . ويكون المعنى أوضح في (كافي عاد) و( بس عاد). إنتهى النص)
أرى أن تحليل الدكتور الباحث سليم ومنطقي.
38. ماطول: مركبة من كلمتين بمعنى طالما فنقول ماطول الموضوع إتطور لازم نسوي ﭽارة
39. مامش: بمعنى لا يوجد وهي مثل ماكو العامية وهي منتشرة الإستخدام جنوب العراق
وفي الشعر يقول مظفر النواب:
ياليلة من ليل البنفسج يا حلم .. يا مامش بمامش طبع گلبي من طباعك ذهب ترخص وأغليك وأحبك
وكذلك: مامش مايل إلا ويغرك
40. مو وموش: بمعنى ماذا أو أليس
41. ها: بمعنى نعم
42. هسّة: الآن وهي مختزلة من هذه الساعة وربما أقدم من ذلك بكثير من الكلمة المندائية المشابهة لفظا ومعنى وهي هشتا
43. هم: بمعنى أيضاً ومنها همين هماتين وأصلها مندائي(أنظر معجم المفردات المندائية في العامية العراقية ص216)
44. هي!: لفظت تعجب
45. هلبت وتأتي للترجي بمعنى عسى
هلبت إتروح
46. هوايه: كثير
47. ولك للمذكر العاقل ووﻟﭻ للمؤنث العاقل ووِلكم لجمع الذكور ووﻟﭽن لجمع الأناث وهي للنداء على من هم أقل شأناً يصل إلى حد التحقير.
ربما أصلها فصيح بدمج الواو مع لَكَ رغم أن ولك الفصيحة لا تعني النداء مطلقاً فحين نقول: ولك مني أجمل التحيات فلا نعني أبداً النداء أو ما شابه ذلك
تطلق أحياناً على غير العاقل خصوصاً في الشعر كما في قول مظفر النواب (هودر هواهم ولك حدر السنابل ﮔﻃﺎ) أو قول الشاعر الآخر (ولك ياريل لا تكعر أخاف تفزز السمرة)
وقد ترد في البغدادية بدون الواو حيث نقول (لك هاي شطالع اليوم) وهي هنا ليست تحقيرية لكن فيها من رفع الكلفة الكثير
48. وي: نقول في العامية العراقية
وياك أي معاك ويغني حضيري أبو عزيز وياك أروحن حبيبي وياك أروح
وياي أي معي
ويانه أي معنا
وياكم أي معكم
وياها أي معاها
وياهم أي معهم
وبهذا فإننا نستخدم الكلمة بمعنى مطابق لحرف المعية الفصيح (مع) .
إن وي مستخدمة في باقي الدول العربية المحيطة بالعراق وغير واضحة الأصل.
49. وي: للتعجب والأسف
50. ياريت: للتمني وتنطق بدون يا أيضاً وربما محرفة من ليت الفصحى ويقول الشاعر
أنا بحلم لو يمر تاخذني فرحة عيد
أنصب مراجيح وأدك لليل خله يزيد
يا نجمة ريت العشك ياخذنه مره بعيد
51. يمته: حتى متى ومثلها ليمته
52. يم ونقول يمك ويمهم ويمنه
ومعناها بقرب أو بجانب أو في صف واحد فنقول أكعد يمك ونايم يمهم وربما يكون أصلها أرامي
ويردها الدكتور قيس السعدي إلى كلمة (يمين)(يميني) ثم حذفت النون مع الإستعمال.(المصدر ص 264)
53. ييزي: يكفي ويقول مظفر النواب في قصيدته الخالدة ياريحان
أترف من ﭽفافي المهرْ
قندون ما ضاﻳﮓ شكرْ
ياحلو يا جرّة كحل ياحلو يا بوسة سهرْ
يا حلو يا ييزي قهرْ
و هكذا نلاحظ وبسهولة ويسر أن الفكر العراقي الذي أنتج وطور اللغة العراقية يختلف جذريا عن العربية الفصحى التي تكاد تخلو من هذه الروابط التي يتعكز عليها العراقيون في حديثهم ولكي نحلل الغاية من إستخدام هذه المفردات حاولنا (ترجمتها) إلى الفصحى بما يقابلها وكما يلي:
• أثاري: تقابل (إذ أرى) أو (أظن) ولكن لو حاولت ردها إلى (إذ أرى)أو (أظن) لن تظفر بما تريد
أثاري الضحك للمغبون تنفيه: هنا أثاري فيها إستنتاج
وبإختصار شديد نقول أن هذه الظاهرة تنفرد بها اللغة العراقية المحكية وتبتعد فيها بشكل واضح عن اللغة العربية من هذه الناحية وهذا عامل مضاف لإعطائها صفة اللغة المستقلة.
فهيم عيسى السليم