قضايا

التابو (taboo) وهيمنة المتخلفين عقليا

عبد الصاحب الناصرتحدث هذه الحالة ليس في العراق فقط، إذ تحدث في كثير من بلدان العالم، بل وحتى في اكثر البلدان تقدماً وتطورا علميا وسياسيا واقتصاديا، وحتى في بلدان كانت الى الأمس القريب اكثر خبرة وتجربة في السلوك الديمقراطي .كما تحدث في بلدان انتقلت الى الحياة الديمقراطية النيابية بعد العطش السابق في انظمتها الاشتراكية .سأسمي هؤلاء وهذه الحالة بـ(غطرسة القوة) اختصاراً في هذا البحث .هي حالة تنفرد وتتوسع فتستفيد من مختاف المجالات المتطورة والتقدم العلمي والاتصالات، وحرية انتشار المعلومات ضمن ما سمي بالمعلومة الواسعة الانتشار (information superhighway ).

استفاد هؤلاء ممن يؤمنون بغطرسة القوة باستغلال حرية الرأي، ونشر المعلومات بتشويه الحقائق في وقت تعبت شعوب العالم (الاكثرية الصامتة)، فتخاذلت او تقاعست لتهتم بحالتها المعيشية والاجتماعية التي تتدهور افقيا وعمودياً .

ما يحدث من اضطرابات واسعة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبولونيا والمجر والتشيك وبلدان كثيرة في افريقيا واسيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف انقلبت السيدة (انغ سان سو كي) رئيسة وزراء ميانمار (بورما) الآسيوية، المدافعة يوم كانت في المعارضة والإقامة الجبرية، مدافعة عن الديمقراطية والحرية في بلدها، وكيف انقلبت الى متعاضدة مع السلطات العسكرية المتغطرسة ضد قسم من الشعب ذو الديانة غير البوذية ؟

تصاعد وتعاظم المد العنصري والنازي والتخلف الديني والطائفي في كثير من بلدان العالم .تعاظم مصحوب بخوف من بطش وسطوة من استغل حالة غطرسة القو، بحيث اصبح من الصعب ذكر او الاستفسار عن مكانة هذا الشخص او ذاك ممن غلفوا بعباءات واغطية مطرزة بالعظمة الزائفة، وبمكانة لا يمكن الاستفسار عن كيفية وصول هذا الشخص او ذاك إليها.

حتى وسائل الاعلام غير المؤدلجة، واعلامييها يتخوفون ويتحاشون السؤال، فيبجلون سماحة فلان وقدسية علان .والسؤال هنا: من اين اتى هؤلاء بتلك السماحات وغيرها من الألقاب المقدسة؟ لا شك إنها غطرسة القوة، وبسببها تخوفت وتنازلت الشعوب عن حقها بمساءلة ومحاكمة هؤلاء المتلبسين بلياس الدين وقدسيته، واصبح من التابو حتى مجرد السؤال من اين اتيتم بتلك القدسية؟ .

وقد اتسعت مساحات الخوف، لتشمل كتّاب وصحف ومؤسسات، وجهات كان لها باع في الدفاع عن حرية الشعوب، وعن تاسيس الديمقراطية .و تمثلت هذه الحالة بمنع كتاب ومقالات وآراء مازالوا يؤمنون بها لكن ومع كل الاسف سرا، خوفا من بطش اصحاب السلطة الجائرة المزوقة بغطرسه القوة في العراق حيث لا يتمكن احد من طرح سؤال واحد بسيط، كيف تعطونه حرية اختيار وزرائه وتفرضون على رئيس الوزراء السيد عادل عبدالمهدي شروطاً مسبقة؟

إذ غني عن القول أنه لا يمكن تعادل حرية الاختيار بوجود شروط مسبقة .انها معادلة لطرفي نقيض.

كيف تؤمنون بالنظام الديمقراطي الانتخابي، ولا تسمحون بحرية الاختيار لاعضاء ذلك البرلمان؟ فتتغطرسون بقلب الطاولات وعدم السماح بعقد الجلسات، ما هي قوة اي برلمان حين لا يتمكن من عقد جلساته؟.

نتابع بصمت مخيف ما يجري في العراق، ليس سياسيا فقط، بل وحتى اعلاميا واجتماعيا حيث اصبح من التابو ذكر شخص واحد، على كل الاسماء، يتمكن البعض من انتقاد حتى المرجعية في النجف الاشرف ولا يتمكن من انتقاد ساكن آخر في ذلك البلد الأمين وطور سنين، جعل من مقره في النجف مساويا لمقر المرجعية، فيضطر الكبار من زيارته عندما يزورون السيد السستاني للاستشارة او التوديع عند انتهاء مهماتهم !

هذه لعبة او انتقالة لا يجيدها من هو متخلف عقليا، فمن يا ترى من خطط له واشار عليه بهذه الحركة؟

من احاط هذا الشخص بصفة (التابو المخيف) الذي حتى انا شخصيا اخذت التخوف في مساءلته ومن تسميته؟ .حشرت كل مقالاتي ولم اعد اتمكن من نشر مقال واحد وإن كان لموضوع اخر خوفاً على حياتي وسلامة أقربائي في العراق، لقد وضعوا علامة خط احمر على كل من يسائل "سماحته" حتى ولو مجرد سؤال عابر؟

كذلك الوضع في بلد يدعي الديمقراطية كالولايات المتحدة الامريكية، يحكمها شخص يوصف بالمعتوه (idiot)، لكن له مؤيدون كثر، واصبحت حالته شاغلة للناس وللاكثرية الصامته وللصحف والمجلات وقنوات التلفزة، ومع ذلك يتمادى في التحريف والكذب، حيث اصدر ثمانية وعشرون عالما نفسيا واجتماعيا امريكيا قبل سبعة اشهر او اكثر كتاب بعنوان:

Mental Health Experts on Donald Trump

عن مؤسسة BRAVE NEW FILMS

بمقدمة مخيفة للبشرية جاء فيها:

In our latest film, "Mental Health Experts on Donald Trump," leading mental health experts speak out on the world’s most dangerous man, President Donald Trump.

لكن من جهة ثانية، بدأ العالم او الكثرية الصامتة، تنهض وتتحرك لتوقف هذا التجاوز على حرية الانسان، وعلى الحياة الديمقراطية التي يبتغيها الجميع . وهذا في رأىي المتواضع هو نتيجة الغطرسة المفرطة، والتناقض الفاضح الذي افاق الشعوب المحبة للسلام والديمقراطية .

من تلك التناقضات عندما يقف اليسار العراقي "الديمقراطي" مع أشخاص لا تجمعهم معها اي صلة او شراكة، واي مبدأ مهما كان صغيراً .

لقد انتمى للتيار الصدري كثير من ازلام البعث بعد التغيير وتسنموا المناصب تدريجيا مع الوقت فطغت كثرتهم على البسطاء من التيار ذوي النوايا الحسنة، واصبح مخلصو التيار يتخوفون كما نتخوف نحن من البوح بالحقيقة، بسبب تصرفات هذا الشخص نتلمس كمية حسه الوطني داعيك عن حسه الديمقراطي .فكيف يتصرف قائد بسحب نوابه ووزرائه متى شاء ويعيدهم متى شاء؟ اليست هذه نزوة شخصية على النقيض من الحس الديمقراطي؟

كيف يدعو قائد "ديمقراطي" نوابه ووزراءه وبلطجيته بالهجوم على مجلس النواب وتدمير بعض محتوياته، اذا كان هذا الشخص يملك الاكثرية كما يدعي؟ .اليس هو من شارك بتسنم السيد العبادي لمنصب رئيس مجلس الوزراء سنة 2014؟

اذا كان اليسار العراقي يعترف بحجمه في الشارع العراقي، ويعترف بوجوب تعاونه او اتحاده مع قوة اسلامية عراقية، ألم يكن من الافضل ان يتعاون مع السيد العبادي او مع حزب الفضيلة، او مع الاسلاميين من المكون السني؟.

سألنا فاجابوا، الى متي سيدوم هذا التحالف، وكلنا نعرف بانقلاب هذا الشخص على كل من تحالف معه سابقا . قالوا مهما طالت او قصرت هذه المرحلة، فقد اصبح لنا صوت في الشارع العراقي، علما ان من ذهب وصوت في هذا الانتخابات لا يزيد على ثلاثين بالمائة .كما ان صوت اليسار الحقيقي في الشارع العراقي كبير وعظيم وانما يحتاج الى قيادة شجاعة و واعية للحالة العراقية .كما اخذنا نسمع من اليسار ان اختيار عادل عبد المهدي لم يكن موفقا .الم يختار سماحته هذا الرجل بمشاركتكم وباصواتكم؟

لي مقال اعمل على تنقيحه اسابيع كما اتخوف من تبعته اكثر، إذ لا اتمكن إلا ان اكون صريحا، والصراحة لا تخلو من الخطورة على صاحبها، خوفا من غطرسة صاحب "السماحة" فاستشرت كثيرا من الاخوة الاصدقاء، فكان الكل يشير عليَّ ان لا اكون بهذه الصراحة خوفا من بطش تلك القوة المتغطرسة، وان لا اذكر اي اسم او جهة او تحالف، وانا اقول اي قيمة اذن ستبقى للموضوع اذا تجنبت الصراحة وتسمية الأشياء والأشخاص بأسمائها؟

إن الشجاعة معدية وذات (حلاوة)، وحلاوتها أنها تلقائية" " لكنها غير ثابتة بل تتسارع ديناميكيا وتتوسع تلقائيا، spontaneously والأمر الثابت قد يعني الموت نفسه، الذي لا يقبل التغير والتطور .

إن الشجاعة تتجمع وتتوسع من تلقاء نفسها تحملها وتْحميها الجموع فتتسارع كالإعصار وكالغضب الساطع فتتواراى خلفها كل المخاوف .

كذلك هو (الجبن) عندما يلتف على بعضه فيتقوقع ويتخوف من القادم الواضح ويتهم الكل بالتآمر، بينما هم من يتآمرون ويتجمعون يجتمعون في السراديب و يختفون بين زوايا مظلمة وخلف وسائل التواصل الاجتماعي، الذي اصبح بذاته ساما ملوثا وخطيراً، يبشرون وينشرون الاكاذيب، خوفا من أي تطور قد يؤدي الى التغير او الى التقدم، إذنّ فهو معدٍ أيضا بسلبيته وبجبنه وتخوفه وسمومه .

أل تباً لكم، لكل المتخلفين في العالم العربي،كم من مرة انتميتم واعتصمتم بالعصبية القبلية بوعي وبدونه، الا تتذكرون كيف خذل بعض العراقيين أخلص الرجال، الوطني المغدور والمغتال المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم؟ بدءا من فرض شعار الديمقراطية في العراق والحكم الذاتي لكردستان العراق الذي حمّلوه السموم بقصد او بدون قصد لكنه قد اوصلنا للتخريب، لقد نصب مسعود ولده وابن اخية لقيادة الاقليم وكان القليم خد خلا من الرجال .إن الشجاعة معدية، نعم، يوم هب الشعب، وانتظموا في صفوف الحشد الشعبي لحماية العراق، كل العراق، يومها كتبوا وإن على مضض، كتب يساريون يدعون الوطنية لكنهم استكثروا على الحشد حتى ذكر اسم " الحشد " ضمن أسماء القوات التي أدرجوها وسموها واحدا واحدا ضمن من يقاوم الارهاب الذي احتل ثلث مساحة العراق. إذاً الجبن معدٍ، ذلك الذي يحتمي بالخوف وهذا  الخوف هو الذي يفضحهم .

وزع ونشر مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع مسجل للشاعر خليل الحسناوي يصب فيه كل غضبه على العراق وعلى أهل العراق، علماً أن التعميم ظلم جائر، لكن ليس هذا موضوعي، بل لأنه قد ساوى بين جميع المسلمين، ساوى بين المرجعية في النجف والوهابية الفاشستيه، وبين الحشد الشعبي وبين الوهابية الظلامية حاضنة الدواعش والنصرة وأبو سياف وبوكو حرام، وغيرهم من وحوش التطرف الاسلامي.

لم تعد الاكاذيب تخدم اصحابها كما لم يعد التشويه وحجب الحقائق طريق يوصل الى ما يبتغيه البعض .

منظور الوقت  Time Perspective

منظور وقتك هو نوع النظارات التي تضعها عادة عندما تنظر إلى العالم من خلالها ومنها ترى ما حولك . هذه النظارات لديها ثلاثة أنواع رئيسية من العدسات: الماضي والحاضر والمستقبل. هل أنت شخص موجود وتعيش الآن؟ هل تعتقد أحيانا أنك عالق في الماضي؟، وهل عندما ما تذهب للعمل لأن مستقبلك يعتمد على ذلك؟

إذاً هو الاختيار بين العمل واللعب بين الجد واللهو كل هذه الوحدات تتبنى الغطرسه فغطت سطوة التيار على اكثر سياسي العراق وتتحاشا البقية شر هذا الرجل وازلامه.

 

عبد الصاحب الناصر

 

في المثقف اليوم