قضايا

أنواع الحكومات عند الفلاسفة.. أرسطو والفارابي نموذجا

أولا: رؤية أرسطو حول أنواع الحكومات:

قسم أرسطو الحكومات إلى سبعة أنواع:

1- الحكومة الملكيّة، وهي حكومة فردية يسعى إليها الملك لتحقيق المصلحة العامة. وعرّفها ابن خلدن  بأنها« حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة»[1]

2- حكومة الطغيان (الإستبدادية)(Autocracy)، وهي حكومة يحكمها فرد، حيث تسعى لتحقيق المصالح الخاصة.

3- الحكومة الأستقراطية، (Aristocracy) ، وهي  حكومة  تكون السلطة بيد أقلية خيرة تهدف لمصلحة عامة.

4- الحكومة الأوليغاركيّ(Oligarchy)، وهي حكومة تكون السلطة  بيد أقلية، تهتم بمصالحها الخاصة وتكون المنفعة للاغنياء.

5- الحكومة الجمهورية (الديموقراطية)(Democracy)، وهي حكومة  تحكمها الأكثرية تحقيقا للمصلحة العامة

6- الحكومة الديماغواجية (demagogy) وهي حكومة تكون السلطة العامة، للفقراء(الأكثرية) ويسعون لتحقيق مصالحهم.

7- الحكومة الدستورية.وهي الأفضل عند أرسطو لأنها تتميز عن غيرها بمجموعة من الصفات التي تجعل أفضل من غيرها ومنها:

أ- أنها حكومة تستهدف المصالح العام.

ب- أنها حكومة قامت لهدف أخلاقي.

ج- أنها تعتمد على القواعد القانونية العامة التى تناسب مع العادات.

د- أنها تقوم على مبدأ الإكتفاء الذاتي وتعاون جميع الأفراد.

ھ- أنها تقوم على إقتناع الأفراد بها وموافقتهم عليها[2].

وهناك تقسيم آخر أورده الدكتور أحمد وهبان  حول أنواع الحكومات عند أرسطو، أكثر وضوحا من التقسيم السابق. وقد بنى أرسطو هذا التقسيم على معيارين: أحدهما: كميّ، والأخر كيفيّ. إذ الحكومات عنده حسب المعيار الكميّ تنقسم إلى ثلاث حكومات: فردية،  وأقلية،  وأكثرية. ثم وضع ثلاثة معايير في كيفية الحكم من حيث الإلتزام بالقوانين، وتحقيق العدالة، واستهداف المصالح العام ،وطبقا لهذه المعايير، صنف أرسطو الحكوامات على التقسيمات التالية:

1-  الحكومة الفردية. فإذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة واستهدفت المصالح العام،  تكون حكومة صالحة وتعرف بالملكيّة. أما إذا لم تلتزم بالقوانين وشاع الظلم في ظل حكمها واستهدفت مصالح شخصية  فحينئذ تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الطغيان، والإستبداد(Autocracy).

2-  الحكومة الأقليةAristocracy) ) ، فإذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة واستهدفت بالمصالح العام تكون حكومة صالحة. أما إذا لم تلتزم بالقوانين، وشاع الظلم في ظل حكمها، واستهدفت مصالح شخصية، تكون حكومة فاسدة ويعرف بحكومة الأوليجارشية (Oligarchy).

3- الحكومة الأكثرية (الديموقراطية) (Democracy)، فهي إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة، واستهدفت المصالح العام تكون حومة صالحة. أما إذا لم تلتزم بالقوانين وشاع الظلم في ظل حكمها واستهدفت مصالح شخصية،  فحينئذ تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الديماجوجية (demagogy).

4-  الحكومة الدستورية وهى القائمة على سيادة القانون[3].

ثانيا: رؤية الفارابي حول أنواع المدينة:

من جانب أخر إذا نظرنا إلى  رؤية الفارابى حول مفهوم الحكومة  نجد أنه يطلق عليها بإسم مصطلح المَدِيْنَةِ بدل الحكومة. ثم إنه قسم المدينة إلى  قسمين: مدينةٍ فاضلةٍ ومدينة جاهلة، حيث عرّف بالمدينة الفاضلة بأنها« المدينة التي يقصد بالإجتماع فيها التعاون على الأشياء التى تنال بها السعادة الحقيية»[4]. أما المدينة الجاهلة فهي التي لم يعرف أهلها السعادة ولا خطرت ببالهم.

* إجتماع الإنسان عند الفارابي:

هذا وقسم الفارابي إجتماع الإنسان الى قسمين: إجتماع كامل وغير كامل. فالكامل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عظمى، ووسطى وصغري. فالعظمى هو إجتماع الجماعة كلها في المعمورة. والوسطى هو إجتماع أمة في جزء من المعمورة. والصغري هو إجتماع أهل مدينة في جزء من مسكن أمة.

أما غير الكامل فهو أربعة أنواع: إجتماع أهل القرية، وإجتماع أهل المحلة، ثم إجتماع في سكّة، ثم إجتماع في منزل وهى أصغرها. والمحلة والقرية هما جميعا لأهل المدينة، وذلك لكون القرية تخدم للمدينة، ولكون المحلة جزء من المدينة. والسكة جزء من المحلة، والمنزل جزء من السكة، والمدينة جزء من أمة والأمة جزء من جملة أهل المعمورة[5].

* أنواع  المدن الجاهليّة عند الفارابي:

المدن الجاهليّة المضادة للمدينة الفاضلة عند الفارابي هى: المدينة الجاهلية، والفاسقة، والمتبدلة، والضالة.

أولا: المدينة الجاهلية:

هذا وقسم الفارابي المدينة الجاهلية من حيث إجتماع الناس وتعايشهم إلى ستة مُدُنْ:

المدينة الضرورية: وهي التي قصد أهلها الإقتصار على الضروري، مما به قِوَاْمُ الأبدان من المأكول والمشروب والملبوس والمسكن والمنكوح والتعاون على إستفادتها.

المدينة البدالة: وهي التى قصد أهلها أن يتعاونوا على بلوغ اليسار والثروة ، ولا ينتفعوا باليسار في شيء آخر، لكن على أن اليسار هو الغلبة في الحياة.

مدينة الخسة والسقوط: وهي التي قصد أهلها التمتع باللذة من المأكول، والمشروب، والمنكوح، وإيثار الهزل، واللعب بكل وجه ومن كل نحو.

مدينة الكرامة: وهي التي قصد أهلها على أن يتعاونوا على أن يصيروا مكرمين ممدوحين مذكورين مشهورين بين الأمم، ممجدين معظمين بالقول والفعل، ذي فخامة وبهاء، إما عند غيرهم وإما عند بعضهم  فكل إنسان على مقدار محبته لذلك، أو مقدار ما أمكنه بلوغه منه.

مدينة التغلب: وهي التي قصد أهلها أن يكونوا القاهرين لغيرهم، الممتنعين أن يقهمرهم غيرهم، ويكون كدّهم اللذة التي تنالهم من الغلبة فقط.

المدينة الجماعية: وهي التي قصد أهلها أن يكونوا أحرارا يعمل كل واحد منهم ما شاء، لا يمنعه هواه في شيء أصلا.

ثانيا: المدينة الفاسقة:

المدينة الفاسقة: وهي التي آراؤها، كآراء المدينة الفاضلة، والتي تعلم السعادة، والله عز وجل، والثواني، والعقل الفعال، وكل شيء سبيله أن يعمله أهل المدينة الفاضلة ويعتقدونها، إلا أن أفعالها تكون كأفعال أهل المدن الجاهلية.

ثالثا: المدينة المتبدلة:

المدينة المتبدلة: وهي التي كانت آراؤها وأفعالها في القديم آراء المدينة الفاضلة وأفعالها، غير أنها تبدلت فدخلت فيها آراء أخرى، حيث إستحالت أفعالها إلى غير أراء المدينة الفاضلة، وأفعالها.

رابعا: المدينة الضّالة:

المدينة الضالة: وهي التي غيرت حياة السعادة، بحيث تعتقد في الله، وفي الثواني، وفي العقل الفعال، آراء فاسدة لا يصلح  [6].

 

الدكتور بدر الدين شيخ رشيد

....................

[1] -  ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دارإحياء التراث العربي ،بيروت، لبنان،ط4/(بدون التاريخ)،ص191

 [2] -  الزريقي عبد الرحمن صالح،  المفكر اليوناني أرسطو،  أنظر الموقع:

 http:// faculty.ksu.edu.sa/ELADLYY/ Doclib1/%D8%%A3

[3] - وهبان، د/ أحمد وهبان، تاريخ الفكر السياسي اليوناني [أرسطو384:322.ق. م]، أنظر الموقع

http//faculty.ksu.edu.sa/wahban/101%D9%85%D

[4] - غالب، د/ مصطفي غالب، الفرابي، إنتشارات كلستانه(بدون رقم الطبعة والتاريخ)، ص91.

[5] - المصدر السابق، ص93-94.

[6] - المصدر السابق، ص112-114.

 

في المثقف اليوم