قضايا

البشرية والرق والإستعباد!!

صادق السامرائيساقترب من الموضوع من وجهة نظر نفسية سلوكية بحتة، فالطبيعة البشرية عدوانية غابية تميل إلى سفك الدماء وإمتهان الآخر البشري، للحصول على التوهم بالقوة والسطوة، وإمتلاك الحياة والإنتصار على الموت.

ويتملكها شعور بالفوز بالحياة عندما تميت الآخر، والموت الذي تسعى إليه أنواع ودرجات، غايته الهيمنة والسيطرة والإذلال، وتوليد شعور زائف بالزهو والكبرياء.

سلوك متواصل منذ الأزل وسيبقى أبدا، ولا يزال قائما ومتفشيا وفاعلا في واقعنا المعاصر، وبأساليب تضليلية تبدو وكأنها مُثل وقيَم إنسانية عليا، وهي خداعات إستعبادية إسترقاقية إذلالية بشعة وسافرة القسوة والدمار.

والأدلة لا تعد ولا تحصى، ، فبدلا من إستعباد الأفراد وإسترقاقهم، صارت الشعوب مستعبدة مبددة مذلولة، مصادرة الحقوق والثروات، وتابعة لأسياد أقوياء يرسمون معالم مصيرها الأليم.

البشرية مضت على سكة أن المنتصر يحسب المهزوم بكل ما فيه وعنده وعليه غنيمته، ويحق له التصرف بالغنيمة كما يشاء ويشتهي، فيتحول وجود المهزوم إلى ملك مشاع عند المنتصر عليه، فيقتلون ويغتصبون وينهبون ويأسرون ويسرقون ويبيعون البشر بالجملة وبالمفرد، وما خلت مجموعة بشرية من هذا السلوك على الإطلاق، وفي جميع العصور والدهور والأزمان.

ولا علاقة للأديان بهذا السلوك، بل أن الرسالات السماوية والدنيوية جاهدت لتهذيب السلوك البشري ولم تحقق النجاح المنشود، بل تم إمتطاؤها جميعا لتأكيده وتسويغه والإمعان بوحشيته وقسوته، بإسم المعتقد والتصور المزعوم، الذي يحررها من المسؤولية وتأنيب الضمير.

ويعود السبب الجوهري إلى الطاقة السيئة الكامنة في أعماق البشر، والموصوفة بالنفس الأمّارة بالسوء، التي ما أن تتحرر من الروادع حتى تنفلت مسعورة متأججة طاغية بركانية الإنفجار والإنتشار، فتبلد المشاعر والأحاسيس وتحيل أصحابها إلى تنور مسجور.

وهذه النفس الشريرة العدوانية الأنانية الخارقة الأعاجيب في تفاعلاتها التوحشية، تمكنت من البشرية وعطلت عقول أجيالها مرارا وتكرار، وأوردتها المآسي والحروب، وقتلت منها الملايين تلو الملايين، وفي عصرنا الفوار التواصلات صارت لها أساليبها وقدراتها الأشد فظاعة مما عهدته من قبل.

فبعد التعرف عليها وإكتشاف قوانينها ونوازعها وطبائع ما فيها، تم سن البرامج الفاعلة لإستخدامها في العدوان على أصحابها، وتحويلها إلى طاقة ذاتية فعالة لإبادة الهدف المطلوب، أي أنها صارت قوة مضادة للبشر الذي تتوطنه وتعتمل فيه، وهذا ما يحصل في العديد من المجتمعات التي تحقق تفجير طاقات النفس الأمارة بالسوء فيها، فأحالتها إلى نثار وعصف مأكول.

والخلاصة أن الإستعباد والإسترقاق من ألطف وأخف ما تحويه وتسعى إليه النفس الأمارة بالسوء، لأنها إذا إنفلتت تكون طاقة متوحشة مفترسة عمياء متبلدة يستحي من قسوتها الحجر!!

 

د. صادق السامرائي

......................

*هذه المقالة تواصلا مع مقالة الأستاذ علاء اللامي المحترم.

 

هل اخترع العرب المسلمون الجزية وتجارة العبيد والجواري ليعتذروا عنها؟ / علاء اللامي

 

 

في المثقف اليوم