قضايا

فن التجاهل..

"وإذا مرّوا باللغومرّوا كراما"..الفرقان72

يعرف التجاهل بانه سلوك يصدر من الشخص تجاه الاخر بقصد تحجيمه! في حال صدر منه اي نوع من انواع الاساءة التي تتطلب ردا من نوع اخر،والذي يقتضي على صاحبها التحلي بالهدوء والحكمة والصبر والاناة وقوة الشكيمة،فهو سلاح  ذو حدين لمن يحسن استخدامه.

هل صادفت احد الاشخاص الذي يحرص على الانتقاص منك،من شخصك،طريقة كلامك،سلوكك،طريقة حياتك،او حتى ملابسك؟

هل صادفت من يدعي انه أعلم منك بكل شئ حتى بطريقة حياتك وطريقة تربية أبنائك وطريقة اختيارك لكل شئ؟

هل تعرضت وكثيرا الى من يحرص على مقاطعتك اثناء إدارتك لحديث  في مجلس ما او حتى مع اصدقائك للتقليل من شانك؟

هل تعرضت للسخرية وأنت تسدي بنصيحة ما لاحد الاصدقاء لتسفيه كلامك والتقليل من شانك من قبل أحد ضعفاء النفوس؟

هل سعى أحدهم لجعل عملك وجهدك القيم اقل قيمة من خلال إطلاق العنان لكلماته الساذجة المستفزة لتقييم عملك؟

هل صادفك أحد فقراء الكلام الذي لم تنفع معه الكلمات فبات الصمت والتجاهل هي اللغة الناجعة للرد عليه؟

فمن هم اذن فقراء الكلام؟

هم اولئك الذين عجزوا عن اختيار مفرداتهم باتقان نتيجة شعور كبير بالنقص ورغبة عارمة على استفزاز الاخر والنيل منه باي طريقة لاشباع ذلك النقص!

وعلى مر السنين وفي كافة مرافق الحياة نحن نتعرض لاولئك المستفزين الذين يحاولون بكل طاقتهم الاساءة الينا والتقليل من شاننا وتسفيه افعالنا واقوالنا من خلال اطلاق عبارات السخرية لا لشئ الا لاشباع نقص ما  يعانون منه ،خصوصا اذا كان هذا المستفز شخص تافه يتغذى على الثرثرة والاستهتار بحقوق الكلمة والسلوك،فيعتبر مايقوم به من تطاول وتجاوز فخرا ويتباهى بذك في كل مجلس بانه قال كذا وكذا ويعتبرها شطارة ومهارة،ويخيل اليه ان لسانه السليط وكلماته البذيئة هي الاسلوب الامثل لجعل الناس تهابه، في حين انه تصرف مريض يجعل الناس يتغاضون عنه ويتجاهلونه لتحجيمه ووضعه في مكانه الصحيح ،فمثل اولئك لاتنفع معهم لغة الكلام ويكون الصمت والتجاهل بالقول والفعل وغض الطرف عنهم هو الطريق الامثل لمواجهتهم.

والتجاهل هو الاسلوب الصحيح لموازنة الامور لحياة اكثر نجاحا وسعادة،كما انه احد الاستراتيجيات السلوكية المهمة والناجعة المستخدمة للرد على فعل معين غير لائق،وذلك يتحقق بالاتي:

-تحقيق السلام الداخلي وهو من اهم الاسباب التي تجعل المرء يعيش برضا وهدوء وسكينة بعيدا عن المتطفلين والمستفزين.

-الابتعاد عن كل ما يقال والنبش بين السطور عن التفاصيل الغير مهمة التي لاتجلب سوى السوء والقلق لصاحبها وتسبب له التعاسة.

-الاستماع الى الصوت الداخلي الذي يمثل الدينمو لسلوك الانسان الصحيح.

-تحقيق النجاح في كل مناحي الحياة وذلك بالاعتماد على النفس والتفكير الهادئ السليم غير المشوش ،بلا نصائح عكسية وامثال فارغة، الهدف منها جر الانسان الى مستنقع الفشل.

-عدم الاقتداء او الاصغاء لما يقول المستفز الذي يحاول بكل وسيلة نقل تجاربه الفاشلة عن طريق استخدام الصوت العالي لاضفاء جوا من التشويش للتمويه عن الجهد او المكانة المرموقين الذي يحاول جاهدا تشويههما.

-المحافظة على الهدوء والتصرف بحكمة ازاء اي محاولة للنيل من شخصية الانسان باثارة المشاكل او استخدام الالفاظ السوقية وعبارات السخرية للتقليل من الشأن.

-عدم الرد نهائيا في حال كان المستفز مصرا على توجيه الاهانة  ويكون اقوى رد عليه هو الصمت.

-الردود المختصرة وتلك تكون بكلمات بسيطة ودالة تجعل المستفز ينتبه الى سلوكه وكلماته غير المرغوبين.

-تغيير الحديث بطريقة ماهرة لاشعاره بفظاظته.

-الابتعاد والانسحاب بكل هدوء من المجلس في حال لم يستجب لكل الفقرات الانفة الذكر،وفي هذه الحالة يكون الانسحاب اقوى رد عليه.

-ان اقوى استفزاز للمستفز هو تجاهله.

وعليه فالتجاهل فن لايجيده الكثيرون، ومن يتقن هذا الفن يكون قد وصل الى حالة الاستقلالية التي تتيح له التصرف بحرية بعيدا عن المستفزين،ويكون قد حقق لنفسه قدرا من السعادة والراحة النفسية،عن طريق تجاهل كل الامور التي تتسب في تعاسته مهما كانت، وعليه فمن يريد ان يحيا بسلام ونجاح وسعادة عليه ان يتقن فن التجاهل،بالابتعاد عن الاشخاص المؤذين والمزعجين الذين يجيدون اللعب على اعصاب الاخرين بطرق وضيعة ويعتبرون ذلك مهارة او صراحة كما يسمونها في حين انها قلة تهذيب ووقاحة مع سبق الاصرار!

ويكفي ان الله جل وعلا قد خص فئة من عباده بالحكمة والحلم في التصرف مع هؤلاء وامثالهم "وإذامروا باللغوا مروا كراما" اي نزهوا انفسهم واكرموها عن الخوض في احاديث لاطائل منها سوى السفاهة ونقص المرؤة  والانسانية ،وكلام فارغ ليس فيه خير ولافائدة دينية او دنيوية،وتذكر دائما انك ماضٍ كما النهر لايضيره نقيق الضفادع.

واخيرا اقول..كن ساميا باقوالك وأفعالك و إن أقوى استفزاز لمن يحاول استفزازك هو التجاهل.

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم