قضايا

صادق السامرائي: التراث وخطيئة المفكرين!!

صادق السامرائيالمفكرون ومنذ القرن التاسع عشر ولا يزالون، يعزفون ذات الإسطوانة التي ما أوصلت الأمة إلى بر الأمان، وما أدخلتها في عصرها الفتان.

ومعظمهم يقتربون من التراث يآليات غير متوافقة مع الواقع الذي يعيشونه، ومتأثرون بمستشرقين وبمفكرين وفلاسفة أجانب، ومن خلالهم يقرأون التأريخ، ومنهم مَن إطلع على جزء من التراث، وبإنتقائية مقصودة لتعزيز ما يذهب إليه ويطرحه من التصورات والمشاريع البائدة البائسة، التي تشترك بإعتبار أمة العرب لوحدها ذات دين، ونقد العقل ولا تعرف أي عقل يقصدون، ويتوحلون بالدين والنص وكيف يتحقق تأويله، ومنهم مَن يرى أن الأمة قد توقفت بعد إبن رشد، وآخرون يتوهمون بأنه المنقذ، ولا فرق بينهم بين الذين يرفعون شعار الإسلام هو الحل، و تجديد الخطاب الديني.

ولا تجد في طروحاتهم ومشاريعهم ما يتفاعل مع الحاضر والمستقبل، ويتناول الظواهر القائمة والتحديات المتواكبة بعين الجد والإستبصار، وإنما يمتلكون الأجوبة الجاهزة الموجودة في كتب الأولين، ويحيلون كل معضلة إلى الذي مضى وما إنقضى.

وتتعجب من طرحهم وآليات إقترابهم، وكل منهم يهلل لمشروعه، وما أسهموا بصناعة تيار قادر على التغيير.

ولا تجد فرقا بين طروحات الذين تناولوا التراث في القرن التاسع عشر، والذين يتناولونه في القرن الحادي والعشرين، وتتساءل لماذا يكررون ما لا جدوى منه؟

فلكل أمة تراثها، وفيه السلبي والإيجابي، ولا يوجد تراث مثالي، والأمم تأخذ بالإيجابي وتتعلم من السلبي، وتنطلق في مسيرتها نحو المستقبل، وتعتمد التفكير العلمي الذي يمنحها قدرات الوصول إلى حلول متناسبة مع التحديات التي تواجهها.

ومفكرونا منغمسون بالداجيات، ويوهمون الأجيال بقدراتهم على إيقاد مشاعل الحياة، وهم من أكثر المساهمين بإطفاء أنوارها!!

يتحدثون عن التراث بإقترابات ومنطلقات جامدة، وما تناولوا موضوع البحث العلمي، ولماذا لا تخصص ميزانيات ذات قيمة للبحوث، ولا نعلّم الإنسان التفكير العلمي منذ الإبتدائية، فالمشكلة في تصورهم تراثية ماضوية، وهكذا عليهم أن يختصروا أبعاد الزمن بالذي كان!!

إن الذي يريد علاج مشاكل الأمة عليه أن ينتبه إلى ما يقوم به مفكروها، وما يطرحونه من تصورات إقناطية إخمادية لتنويم الأجيال، وغرس روح الإستسلام وفقدان الإندفاع، وإعتبارها عالة على البشرية، والسبب في تفسيراتهم وتحليلاتهم تكمن في التراث، ولكل منهم مشروعه النظري للتعامل مع التراث!!

فأية محنة يشارك في صناعتها مفكرون، لا يتفكرون ؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم