قضايا

ليلى الدسوقي: المرأة والحقوق السياسية فى الاسلام

ليلى الدسوقيالحقوق السياسية هى الحقوق التى يقرها القانون ويعترف بها للشخص على اساس الانتماء الوطنى (شرط الجنسية)

و يلاحظ ان الحقوق السياسية تجمع بين فكرتى الحق والواجب معا لان الحقوق السياسية بقدر ما تكون حقوقا للافراد فانها تكون واجبا عليهم

و هذه الحقوق السياسية تتضمن مساهمة الافراد فى تكوين الارادة الجماعية سواء بانتخاب ممثليهم فى المجالس والهيئات النيابية المختلفة او بترشيح انفسهم لها

اما بالنسبة لمدى تمتع المرأة بالحقوق السياسية هناك ثلاث آراء:

الرأى الاول ذهب الى القول بأن الاسلام لا يعترف بالحقوق السياسية للمرأة ولا تتساوى المرأة بالرجل فى هذا المجال

الرأى الثانى ذهب الى ان الاسلام يقر ويعترف بالحقوق السياسية للمرأة بإستثناء رئاسة الدولة

الرأى الثالث ذهب الى ان هذه المشكلة ليست مشكلة دينية او فقهيه او قانونية انما هى مشكلة اجتماعية سياسية

أما الرأى الاول الذى لا يعترف بالحقوق السياسية للمرأة ايدته بقوة إحدى الفتاوى الصادرة من لجنة الفتوى بالازهر الشريف

فتوى إبى حامد الغزالى تقول " ان الامامة لا تنعقد لامرأة وان اتصفت بجميع صفات الكمال وخصال الاستقلال وكيف تترشح امرأة لمنصب الامامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادات فى اكثر الحكومات والامامة تشترط الاختلاط مع الرجال وهذا امر ممنوع للمراة فى الاسلام ولان المراة ناقصة فى امر نفسها حتى لا تملك النكاح فى تجعل لها الولاية على غيرها (الولاية العامة اى تنفيذ الاحكام او سن القوانين وليست الولاية الخاصة اى الوصية على الصغار او على الاموال)

و هذه قصة سقيفة بنى ساعدة فى اختيار الخليفة الاول بعد الرسول ﷺ قد بلغ فيها الخلاف اشده ثم استقر الامر لابى بكر وبويع بعد ذلك البيعة العامة فى المسجد ولم تشترك امرأة مع الرجال فى مداولة الرأى فى السقيفة او فى البيعة العامة ومن الاسانيد وحجج هذا الرأى:

- من القرآن الكريم:

" لرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " النساء 34

" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ" البقرة 228

" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ " الاحزاب 33

- من السنة النبوية:

" لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة "

اى منع كل امرأة فى اى عصر من العصور ان تتولى اى شىء من الولايات العامة

" النساء ناقصات عقل ودين "

اذا كان امراؤكم شراركم واغنياؤكم بخلاءكم وامركم الى نسائكم فباطن الارض خير لكم من ظاهرها "

الراى الثانى: احقية المرأة فى التمتع بالحقوق السياسية

لها الحق فى مباشرة الحقوق السياسية اسوة بالرجل ولها حق تولى كل الوظائف السياسية ماعدا رئاسة الدولة

و استند هذا الراى الى الحجج الاتية:

-  أولا: من القرآن الكريم:

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‎﴿٧١﴾" التوبة

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" الحجرات 13

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً " النساء 1

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ‎﴿٧٠﴾‏ سورة الاسراء

يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ‎﴿٣٢﴾‏ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ‎﴿٣٣﴾‏  سورة النمل 32،33

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ " الممتحنة 12

بايع النبى وفد من الانصار رجالا ونساء فى بيعة العقبة الثانية

و اجاز الرسول ص للمرأة ان تمثل المسلمين وتتحدث نيابة عنهم وتعطى الامان الملزم بأسمهم فقد قبل الرسول ﷺ أمان ام هانىء لاحد الكفار يوم فتح مكة وقال لها " لقد اجرنا من اجارت ام هانىء "

-  ثانيا من السنة النبوية:

" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "

" اذا استأذنت احدكم امرأته الى المسجد فلا يمنعها "

و من اشهر ما يروى ان الخليفة العادل بن الخطاب وقف بالمسجد يخطب الناس ويطالبهم بعدم المغالاة فى صداق النساء ووضع حدا اقصى لها فعارضته امرأة وقالت: يا أمير المؤمنين نهيت عن الزيادة فى صداق النساء ووضع حد اقصى له فقال نعم اما سمعت قول الله سبحانه وتعالى:

وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ‎﴿٢٠﴾‏ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ‎﴿٢١﴾‏ النساء

فاعترف الفاروق عمر بخطئه وقال اللهم غفرانك أ كل الناس افقه من عمر حتى النساء وعاد للناس وقال " كنت قد نهيتكم عن زيادة صداق النساء على اربعمائة درهم فمن شاء ان يزيد فليفعل "

فهذا ان دل على شىء انما يدل على ان المرأة اجاز لها الاسلام المشاركة فى شئون الامة وان يكون لها رأى مسموع حتى أمام أعلى قيادة فى الدولة

الرأى الثالث من الخطأ محاولة حل هذه المشكلة على اساس دينى او فقهى

وعلى هدى الفكرة القائلة بان الاخذ بمبدأ يمنح المرأة حق الانتخاب او غيره من الحقوق السياسية هو دليل على الاخذ بنسبة التقدم والرقى واننا بناء على ذلك يجب ان ناخذ هذا المبدا لكى نثبت للبلاد الاجنبية اننا امة بلغت شأناً بعيداً فى ميدان التقدم والرقى ولهذا فهى مشكلة اجتماعية سياسية ويجب ان نلتمس حلها فى ضوء ظروف البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية

و اخيرا ... بعد استعراض الآراء الثلاثة سالفة الذكر فإننا نؤيد الرأى الثانى الذى يرى حق المرأة فى مباشرة الحقوق السياسية والله أعلى وأعلم.

 

ليلى الدسوقي

 

 

 

في المثقف اليوم