قضايا

حاتم حميد محسن: أسئلة اساسية لم يستطع العلم الإجابة عليها بعد

حاتم حميد محسنيمتد لغز الحياة على الارض وما ورائها الى الانفجار الكبير والمادة المظلمة والكثير.

نجح العلم وبشكل رائع في التحقيق في العالم الطبيعي وفهمه، لذا،نُصاب بالدهشة عندما نتذكر ان هناك العديد من الأسئلة لم ينجح العلم في الإجابة عليها. سوف نتطرق بايجاز الى خمسة من هذه الأسئلة الأساسية.

1- ماهي طبيعة المادة المظلمة؟

قبل 100 سنة تقريبا لاحظ الفلكيون ان المجرات البعيدة تحتفظ بمادة أكبر مما يمكن توضيحه بواسطة  المادة المرئية. هذه المادة المفقودة، تسمى "المادة المظلمة"،وهي مسؤولة عن 27% من طاقة كتلة الكون المرئي ولعبت دورا هاما في صياغة الطريقة التي تطور بها الكون.

التخمين العلمي الشائع هو ان المادة المظلمة مركبة من جزيئات سريعة الحركة تتفاعل بدرجة ضعيفة جدا مع المادة العادية للنجوم والكواكب حيث تستطيع تلك الجزيئات ان تمر دون عائق خلال عدة كيلومترات من المادة العادية. ولكن، حتى اليوم لم يتم اكتشاف مثل هذه الجزيئات وبقيت الطبيعة الاساسية للمادة المظلمة لغزا محيرا.

2- ما هي طبيعة الطاقة المظلمة؟

قبل القرن العشرين، اعتقد الفلكيون ان الكون كان ثابتا ولكن في عام 1929 اكتشف ادوين هابل بان الكون يتمدد. تلسكوب هابل الفضائي كشف عام 1998 ان المجرات ليست فقط تتمدد وانما هي تتمدد بمعدل متسارع، مندفعة بقوة غامضة تسمى "الطاقة المظلمة". هذه الطاقة المظلمة تشكل حوالي 68% من طاقة – كتلة الكون، وتلعب دورا هاما يتجاوز أهمية المادة المظلمة في تطور الكون. الطبيعة الجوهرية للطاقة المظلمة تبقى مجهولة تماما للعلم.

3- ماذا حدث قبل الانفجار العظيم Big Bang؟

نحن نعلم ان الكون بدأ بالانفجار الكبير قبل 13.8 بليون سنة وبقي يتمدد منذ ذلك الوقت. رغم ان الكون ربما مر من خلال دورات لا متناهية من التمدد والانكماش، لكن الرؤية العلمية التقليدية هي ان كل شيء بدأ بالانفجار الكبير بما في ذلك الزمن نفسه. لذا، فان السؤال عن ماذا حدث قبل ذلك هو بلا معنى – لم يكن هناك "قبل". القليل من العلماء يؤمنون بهذا الجواب. البعض يعتقد ان الزمن لم يبدأ في تلك النقطة وانما فقط عندما بلغ الكون مستوى معين من التعقيد. النسبية العامة توضح هيكل الكون لكن النظرية تنهارعندما يقترب العلماء كثيرا من الانفجار العظيم ذاته.

4- هل نحن وحيدون في هذا الكون؟

ان الكون المرئي يحتوي على الأقل على ترليون مجرة ونحن نعيش في مجرة درب التبانة التي تحتوي على أكثر من 100 بليون نجم. العديد من النجوم تدور حول الكواكب وبيانات وكالة ناسا تقترح ان 20% من الكواكب من الممكن السكن فيها. مجرتنا وحدها تستضيف 33 مليون كوكب يُحتمل ان تكون قابلة للسكن. يبدو من غير المحتمل جدا ان نكون نحن  كبشر الكائنات الذكية الوحيدة في الكون، في ظل هذه الوفرة المفرطة للكواكب. البحث عن ذكاء اضافي خارج الارض (قام به معهد seti) يمسح السماء بحثا عن اشارات راديو اذاعية اُرسلت من قبل حضارات غريبة، حتى الان لم يكشف عن اشارات للذكاء، لكن المسح استهدف فقط آلاف قليلة من النجوم حتى الآن. وبهذا، فان الوقت لايزال مبكرا.

5- لغز دماغ الانسان والوعي

ان دماغ الانسان هو الشيء الأكثر تعقيدا في هذا الكون. انه يتألف من 86 بليون خلية عصبية مترابطة مع بعضها البعض عبر نوعين من الخلايا تسمى axons and dendrites "الخلايا العصبية الناقلة" و"الخلايا العصبية المستقبلة". الدماغ يجعل التفكير المجرد واللغة والتكنلوجيا والوعي ممكنا.

ان الوعي هو النتيجة الأكثر دهشة للدماغ . نحن لسنا مجرد روبوت قادر على الاحتفاظ بالمعلومات والاستجابة للاشارات البيئية كالضوضاء والرائحة، وانما هناك "العتمة" في الداخل. نحن نفكر ونعرف اننا نفكر – لدينا حياة داخلية. كيف يمكن لـ 1.4 كيلوغرام من الدماغ تنتج افكارا غير مادية؟ (كيف يمكن للشيء المادي ينتج لا مادي) هذه تُعرف "بالمشكلة الصعبة" للوعي. العديد من الناس يعتقدون ان العلم في موقف جيد على طول الطريق في فهم وتوضيح العالم الطبيعي، غير انه لازال فقط  في بداية طريق طويل.

من المخجل والمحبط للعلماء اننا، في هذه اللحظة، نفهم فقط 5% من نسيج الكون. لا توجد هناك لذة تضاهي لذة الكشف عن ألغاز العالم الطبيعي. جبال هائلة أمامنا بحاجة للتسلّق. ربما الشيء الأكثر صعوبة في كل ذلك سيكون التوضيح العلمي للوعي الذاتي للذهن الانساني.

 

حاتم حميد محسن

......................

* المصدر: صحيفة الآيرش تايمز، 17 فبراير،2022

 

في المثقف اليوم