قضايا

عبدالقادر رالة: مالك بن نبي والنهضة الممكنة

مالك بن نبي مفكر جزائري معاصر، ومن أهم رواد الفكر النهضوي العربي والإسلامي، غير أن الاهتمام بأفكاره لم يكن في المستوى، ولم يلتفتْ بشكل جدي بأفكاره المعرفية والإصلاحية ...

درس الحضارة، والنهضة والتقدم العلمي، وحاول الاقتراب من أنماطه المختلفة؛ اشتراكي ورأسمالي أو أمريكي وأوروبي، وياباني وصيني ليؤكد أن النهضة لا ترتبط بالنظام السياسي ولا بالعرق وأنها ممكنة في بلاد العرب والمسلمين . وقد كان مالك بن نبي عميقاً في تحليل ظواهر التقدم في الغرب والصين واليابان، وبالمقابل أيضا فاهماً لظواهر التخلف في العالم الإسلامي أو ظواهر تقدم زائف!

وفي كتبه نجده يقارن بين الإنسان الفعال في أوروبا، اليابان أو الصين وبين الإنسان العربي سواء كان رجلا عاديا، مثقفا أو رجل السياسة والتخطيط . وطالما أكد لنا أنه إذا اتبع الإنسان العربي نفس الشروط فبإمكانه تحقيق التقدم والتطور، فالعرب كانوا سادة العالم والحضارة في القرون الوسطى بينما كان الأوربيون متخلفون فالتزموا نفس الشروط التي قامت عليها نهضة العرب في بغداد والأندلس وبخارى وبجاية... واقتبسوا من عند العرب فتطوروا وتقدموا، ثم جاء اليابانيون ففعلوا نفس الشيء إذ تعلموا من أمريكا وأوروبا فتقدموا ونهضوا، وكذلك فعل الصينيون والكوريون بعدهم والماليزيون والأتراك، رغم أن هذه الشعوب تعرضت للاحتلال من طرف الاستعمار الغربي لزمن طويل وبعضها لسنوات قليلة ...

وقد ذكر الأستاذ مالك تلك الشروط وبسطها وحللها وكررها وأكد عليها في كتبه جميعاً، ولعل أهم شيء أكد عليه، والذي يُعتبر العنوان الكبير للنهضة، هو أن الحضارة تُصنع بعرق وجهد أبنائها ولا تُشترى كما قال في كتاب تأملات : العربي عنده عقلية الزبون لذلك هو يشتري ما يصنعه الأمريكيون واليابانيون والأوروبيون، والصينيون ...

وكما قلنا سابقاً لم يُهتم بالرجل وفكره الاهتمام اللائق بأفكاره الإصلاحية والمعرفية، نعم كتبه تصدر كل عام، ويندر أن يوجد باحث أو مفكر عربي لم يقرأها، وبين الحين والأخر تصدر كتبُ وبحوث تحاول الاقتراب منه كرجل قومي وعربي وكمفكر من طراز عالي، بدون أن ننسى أنه أهم مفكر في المغرب العربي بعد ابن خلدون ...

وتحاليله واقعية مبينة على فهم عميق وتحليل قوي وعاطفة وطنية وقومية تتمنى أن ترى العرب ينطلقون بقوة في عالم الحضارة والتقدم...

***

بقلم عبدالقادر رالة

 

في المثقف اليوم