قضايا

زهير الخويلدي: هل يمكن للفنان أن يؤدي وظيفته دون أن يعرض عمله في المهرجان؟

مقدمة: العلاقة بين الفنان والجمهور تفاعلٌ مُعقّدٌ وديناميكي، حيث يُبدع الفنان، ويُفسّر الجمهور. يُعبّر الفنان عن أفكاره ومشاعره وملاحظاته من خلال عمله، بينما يُضفي الجمهور عليه معنىً وأهميةً بناءً على تجاربه الخاصة وسياقه. هذا التفاعل أساسيٌّ لحياة العمل الفني، إذ يُشارك الجمهور في إنتاجه الرمزي، ويُضفي عليه بُعدًا اجتماعيًا. لعل الاحراجات التي تثيرها علاقة الفنان بالمتلقي تتنزل ضمن مشاكل الإبداع والتأويل: اذ يُبدع الفنان العمل، لكن الجمهور، من خلال نظرته وإدراكه، يُعطيه معنى. بعد ذلك تثار مسالة التأثير المتبادل اذ يمكن للفنان أن يتأثر بردود فعل الجمهور، ويمكن أن يُغير العمل الجمهور. ثم مطلب الحوار والتواصل اذ يمكن اعتبار الفن حوارًا بين الفنان والجمهور، حيث يُساهم كلٌّ منهما بمساهمته الفريدة. بعد ذلك مشكل الدور الاجتماعي للفن اذ للفن وظيفة اجتماعية؛ فهو يُمكن أن يكون وسيلةً لنقل الأفكار، وأداةً للتحول الاجتماعي، ووسيلةً لبناء الروابط. ثم قضية مشاركة الجمهور اذ تتضمن بعض أشكال الفن المعاصر مشاركةً فعّالة من الجمهور، مما يُحوّل المُشاهد إلى مُبدع مُشارك. باختصار، فإن العلاقة بين الفنان والجمهور هي عملية تبادل وإبداع مُستمرة تُضفي على الفن بُعديه الفردي والجماعي. فهل يمكن للفن أن يوجد بدون مُشاهد؟

هذا مشكل كلاسيكي إلى حد ما، ويتطلب منك صياغة مشكلة قبل الإعلان عن الخطة في المقدمة، ثم الانتقال إلى التطوير. يدعوك هذا الموضوع لاستكشاف الجمال، ودور التمثيل الجمالي، ونظام الزمن في العالم الفني. يُمكن أن يكون الفن فعلًا قائمًا بذاته، ولكنه مُثري بفكرة المُشاهد. يبدو أن الفن، كتعبير، مُصمم ليُدرك. ولكن هل يُمكن اعتباره فنًا إذا لم يُصادف مُشاهدًا؟ وهل الفن مُصمم بالضرورة للمُشاهد؟

طوّر دور المُشاهد في الإبداع الفني والوظيفة الاجتماعية للفن. فكّر في إعطاء أمثلة، مع تضمين اقتباسات مثل "المُشاهد هو من يصنع اللوحات" لمارسيل دوشامب. فهل يُمكن تصور الفن على أنه موجود لذاته، دون توقع استقبال؟ هل يمكن للفن أن يوجد مستقلاً عن أي مُشاهد؟

لقد طوّر فكرة تيوفيل غوتييه بأن الفن كافٍ في حد ذاته. أعطِ أمثلةً على أعمالٍ خفية، غير مخصصة للعرض أو القراءة، أو اكتُشفت بعد الوفاة (فان جوخ، كافكا). ف هل يُمكننا الحديث عن الفن إذا كان التفاعل مع المُشاهد، سواءً كان حقيقيًا أو مُحتملًا، غائبًا تمامًا؟

 ان الفن هو حوار كامن مع مُشاهد مُحتمل. طوّر فكرة أن الفن يُمكن أن يوجد كحوار افتراضي أو كامن مع مُشاهد (غالبًا ما يكون الفنان نفسه أولًا)، واستحضار مفهوم المُشاهد المُحتمل (حتى لو لم يكن العمل مُخصصًا للعرض). أعطِ أمثلةً مثل كبسولات الزمن، أو المخطوطات، أو الأعمال في الطبيعة. فهل يجب أن يثير الفن المشاعر بالضرورة ليُعتبر كذلك؟

نجد سؤالاً مشروعاً يمكن للجميع طرحه، بدءاً من الفنانين: وظيفة الفن وقدرته على ملامسة المشاعر الإنسانية. يمكن تعريف الفن ليس بتأثيره على المُشاهد، بل بغايته أو جوهره. كثيراً ما يرتبط الفن بالقدرة على الحركة، ولكن هل هذا شرط ضروري لاعتبار أي عمل فني فناً؟

هل العاطفة جوهرية في تعريف الفن؟

طوّر فكرة أن الفن وسيلة تعبير عالمية، ويسمح بتواصل بين الفنان والجمهور. يمكنك استخدام نظرية أرسطو وتولستوي في التطهير لدعم حجتك، وإعطاء أمثلة من الرسم أو الأدب أو الموسيقى. ان الفن المفاهيمي هو العمل البسيط، والذي غالباً ما يكون أقل توجهاً نحو المشاعر المباشرة. فهل من الممكن تصور فن لا يسعى إلى إثارة المشاعر؟

يجدر تطوير فكرة أن الفن يمكن أن يكون مفاهيمياً، ويهدف إلى التأمل الفكري و/أو الجمال الشكلي، والسعي وراء الجماليات. يمكنك إعطاء أمثلة مثل أعمال سول ليويت أو منحوتات برانكوزي، التي تسعى جاهدةً لنقاء الشكل. يمكن لهذه الأشكال الفنية أن تُثير ردود فعل، سواءً كانت معرفية أو عاطفية، وحتى لا إرادية. فماهي علاقة القائمة والممكنة في الفن بين العاطفة والتأمل؟

استكشف فكرة أن الفن تجربة شاملة تجمع بين العاطفة والتأمل والجمال، وحتى مجرد الوجود المادي. علاوة على ذلك، يختلف ما يُثير العاطفة من مُشاهد لآخر. أعطِ أمثلة على أعمال ماغريت أو بانكسي التي تجمع بين العاطفة والتأمل النقدي. فهل للأعمال الفنية الرقمية نفس قيمة الأعمال التقليدية؟

مع ظهور التقنيات الحديثة، يتردد صدى هذا السؤال بقوة في تاريخ الفن وغايته. الأمر متروك لك لإيجاد أفضل زاوية لتناوله وتقديم أمثلة ذات مغزى. في العصر الرقمي، تتحدى الأشكال الفنية الجديدة معايير القيمة المرتبطة بالأعمال التقليدية. هل يمكن أن تكون متكافئة حقًا؟ وهل هناك اختلافات جوهرية بين الأعمال التقليدية والرقمية؟

يجب شرح الفرق بين العمل الرقمي غير المادي والعمل التقليدي المادي. ناقش إمكانية إعادة إنتاج الأعمال الرقمية بكميات كبيرة، على عكس اللوحات أو المنحوتات. تساءل عن استدامة العمل الرقمي، والتي تعتمد على التكنولوجيا المستخدمة. كما يجدر أعطاء أمثلة باستخدام الرموز غير القابلة للاستبدال ولوحات عصر النهضة. كما يمكن محاكاة التفرد في التكنولوجيا الرقمية باستخدام تقنيات مثل سلسلة الكتل. بعد ذلك يمكن طرح قضية الاعتراف المتزايد بالأعمال الرقمية. كما يمكن تطوير فكرة دمج الأعمال الرقمية في المتاحف أو المعارض الفنية. أعطِ أمثلة لفنانين رقميين مشهورين مثل بيبل، باك، أو رفيق أناضول. ناقش القيمة الاقتصادية والمضاربة في سوق الفن الرقمي. يُنظر أحيانًا إلى قيمة الأعمال الرقمية على أنها مُضخّمة بشكل مُصطنع بسبب المضاربة، مما قد يؤثر على شرعيتها الثقافية. حول إعادة صياغة معايير القيمة في الفن يجدر تطوير فكرة أن معايير قيمة الأعمال، سواءً كانت تقليدية أو رقمية، تتطور بمرور الوقت. تتيح الأعمال الرقمية مزيدًا من الابتكار وسهولة الوصول والتفاعل. تعكس التكنولوجيا الرقمية العصر الحالي، تمامًا كما تشهد الأعمال التقليدية على عصرها. أعطِ أمثلةً مُقارنةً، مثل أعمال كليمت المُعاد إنتاجها رقميًا في معارض غامرة. يمكنك أيضًا ذكر أعمال مثل غيرنيكا وقيمتها الثقافية الفريدة. لذلك بدلًا من مُقارنة القيم، يُمكن للأعمال الرقمية والتقليدية أن تتعايش وتُثري المنظورات الفنية.

في الختام

تُبرز هذه المشاكل الفلسفية المتنوعة، المتمحورة حول الفن، أهمية الإبداع الفني في عالمنا. فهي تستكشف جوانب الفن المتعددة: الجمال، والعلم، والمجتمع، وحتى نظرة المُشاهد. أنتم، طلاب السنة النهائية، مسؤولون عن تناول هذه المواضيع وإظهار قدرتكم على تحليل هذه المفاهيم الغنية والمتنوعة. كما يشترك الفن والفلسفة في علاقة عميقة ومعقدة. تدرس الفلسفة الفن، لا سيما إبداعه وتلقيه، بينما يُعتبر الفن شكلاً من أشكال التعبير والتأمل الفلسفي. بمعنى آخر، يمكن أن يكون الفن موضوع دراسة فلسفية، ويمكن للفلسفة أن تُلقي الضوء على فهم الفن.تبحث فلسفة الفن، أو علم الجمال، في طبيعة الجمال، والجميل، والعمل الفني. وتتساءل عما يجعل العمل يُعتبر فنيًا، وكيف نُقيّم جودته الفنية. كما تستكشف الفلسفة أسئلةً تتعلق بالإبداع الفني، مثل العلاقة بين الفنان وعمله، ومفهوم العبقرية الإبداعية، ودور الإلهام. من جهة مغايرة تهتم الفلسفة أيضًا بكيفية تلقي الجمهور للأعمال الفنية وفهمه وتفسيره. وتتساءل عن صحة الأحكام الجمالية وقدرة الفن على إثارة المشاعر والتأملات. لذلك يُعتبر الفن، بأشكاله المختلفة (الرسم، والموسيقى، والأدب، وغيرها)، وسيلةً للتعبير عن الأفكار والمفاهيم والعواطف التي قد يصعب ترجمتها إلى كلمات. كما يُمكن للفن أن يُغير نظرتنا للواقع، ويدعونا لرؤيته من منظور مختلف، ويقودنا إلى التأمل في وجودنا وعلاقتنا بالعالم. وغالبًا ما يحمل الفن رموزًا ومعاني قابلة للتفسير بطرق مُختلفة، مما يُمهد الطريق للتأمل الفلسفي في طبيعة المعنى والحقيقة. باختصار، يرتبط الفن والفلسفة ارتباطًا وثيقًا، أحدهما يُنير الآخر، والعكس صحيح. تُساعدنا الفلسفة على فهم الفن وتحليله، بينما يُمكن أن يكون الفن مصدر إلهام وتأمل للفلسفة. فكيف يتحول الفن المعاصر الى سلاح مقاومة للابتذال والبشاعة والتفاهة؟

***

د. زهير الخويلدي - كاتب فلسفي

في المثقف اليوم