قراءة في كتاب

جذور الفكر الإشتراكي التقدمي في العراق

ali almirhigنشر الدكتور عامر حسن فياض رسالته للماجستير الموسومة "جذور الفكر الإشتراكي في العراق بين عامي 1920 و1934" في العلوم السياسية التي كتبها في عام 1978 تحت إشراف الدكتور عبدالرضا حسين الطعان، في عام 2014، في مكتبة النهضة العربية ببغداد.

ما يُميز هذا الكتاب أنه من أوائل الكتب والرسائل الجامعية التي تناولت جذور الفكر الإشتراكي، على أكثر من صعيد، لا سيما في كتابات أحمد محمود السيد وحسين الرحال أو على الصعيد الاجتماعي في صراع الفلاحين مع الإقطاع والشغيلة "العمال" مع أصحاب المصانع، أو في تعامل الطبقة المتنفذة من شيوخ قبائل وتجار وعسكر، وتحولات ولاءاتهم وفق مصالحهم الشخصية ومنافعهم المادية، فالكثير منهم قد تحول من ولائه المطلق للعثمانيين إلى إعلان تخليه عنهم وإثبات ولاؤه المطلق للبريطانيين، بعد وعود إحتلال لهم بتوسعة مناطق نفوذهم وسلطتهم وزيادة دعمهم المالي لهم طالما كانوا حلفاء موالين مُطيعين لحكومة بريطانيا العظمى. ولم يخرج عن طاعتهم كثير من رجال الدين وشيوخ العشائر والمُلّاك، سنةً وكرداً بالأغلبية، وبعض الشيعة، وإن كان جُل ثوار ثورة العشرين هم من أبناء الطائفة الشيعية المُضطهدة أيام العثمانيين، ولكن أغلبهم قد واجه الإنكليز، وبأسلحة بدائية، مثل "الفالة والمكوار"، وربما تكون هذه الثورة، هي النواة التي تشكل منها الوعي الفلاحي والعمالي الذي صار فيما بعد الثورة القاعدة التي بنت عليها أحزاب المعارضة وأهمها الحزب الوطني الذي أسسه الشخصية الوطنية المعروفة "جعفر أبو التمن، فسميّوا عند البعثيين "القومجية" فيما بعد طعناً في إنتمائهم العروبي بأصحاب الشينات الثلاث: "شيعي، شعوبي، شيوعي"!!.

1166 aliكانت سياسة الإنكليز هي تدعيم سلطة الإقطاع وشيوخ القبائل ودعم طبقة المُلّاك، فقد عاملوا رؤساء القبائل كموظفين، فقد زادوا نفوذ الشيخ محمود في السليمانية، كي يكون حاكماً عليها، ليجعلوا منه مُتحكماً بشيوخها ورؤساء قبائلها، فقَبل هو بهذا، فصار مسؤولاً أمامهم عن تأمين الأوضاع لهم، ولم يبخل البريطانيون بتقديم المساعدة والعون ل "عادلة خانم" والدة زعيم قبائل الجاف الكردية للوقوف إلى جانبها في تمزيق الحصار الذي ضربه الثوار الذين تزعمهم الشيخ " محمود البرزنجي" عام 1919.

أما الشيخ "علي سليمان" شيخ قبائل الدليم، والشيخ (فهد بيك) زعيم إمارة غزة، فقد حافظا على "إخلاص لا يتزعزع" كما يقول ولسن في كتابه "ميزوبوتوميا"، أما طالب النقيب، نقيب البصرة، فقد وصف ثورة العشرين "بأنها تمرد أثارته أهداف حاقدة ودوافع شخصية...".

وفي الوزارة الأولى إختار الإنكليز عبدالرحمن الكيلاني "كان يُمثلل أقصى الجناح اليميني للإقطاعيين العراقيين في عهد السلطان عبدالحميد الثاني...ثم أصبح مؤيداً للإنكليز بعد إحتلالهم للعراق".

أما الإشتراكية بوصفها رؤية وفكرة وحل، فقد بدأت بوادرها في الكتابات الأدبية عند محمود السيد والرحال وبعض اليساريين في تأكيدهم على دور المرأة وضرورة تعليمها، وعلى حرية الصحافة والرأي والفكر. وظهر هذا جلياً وواضحاً في شعر الزهاوي وكتاباته، عند الرصافي في شعره وكتاباته، وفي شعر الجواهري.

لكن الوعي الفكري والسياسي الواضح والجلي، بان وظهر في إطروحات اكامل الجادرجي وعبدالفتاح إبراهيم ومحمد حديد وعبدالقادر إسماعيل وحسين جميل "جماعة الأهالي" الذين تأثروا بآراء "الماركسيين الفابيين" أمثال "برنارد شو" من الغرببيين وبآراء "شبلي شميل" و "سلامة موسى" من العرب.

 

د. علي المرهج

 

 

في المثقف اليوم