قراءة في كتاب

الفلسفة من منظور محمد مبارك

قراءة في كتاب مقالات في الفلسفة العربية الإسلامية

تعد الفلسفة من أكثر الموضوعات تعقيداً، لاسيما حين تقترن بالفكر العربي؛لأنها علم المعارف العامة بحسب ديكارت ، فضلاً عن أنها ولدت ولادة غير ممنهجة تبتعد عن التقانة، لتندرج وتدخل في مراحل ولادات عدّة، الأ أن الأنطباع الأول لدى الجميع انتمائها إلى (اليونانيين).

تتبع الناقد المرحوم (محمد مبارك) هذه القضية واشار إلى أشكالياتها، عن طريق تقسيم كتابه إلى محاطات أهتمت بالقراءة الملخصة ليوضح لنا ولادة الفلسفة .

فالفلسفة تشكل أهمية كبيرة في حياة المجتمعات، فهي صورة مهمة عند المجتمع،  بوصفها (العلم بالموجودات بما هي موجودة) .

وجاءت نظرتها إلى الإنسان نظرة عامة، وليست خاصة.

فالفلسفة تشكل أهمية في حياة الإنسان منذ نشأة المنهج العلمي الجدلي وتوثيقه في تاريخ المجتمع البشري الفكري، واشار الناقد  الى أهمية الفلسفة الفكرية للعرب آنذاك وكيف أسهمت هذه الفلسفة في بناء المنهج الجدلي.

ثم أنتقل إلى مناقشة أهمية العقل العربي ودوره ؛لأن –العقل العربي- ذو طبيعة تحليلية لاتقوى على اقامة النظم الفلسفية، ويؤكد  تبني العرب لموقف أرسطو في الفلسفة؛لأنهم اخذوا الكثير من تنظيرات اليونانيين.

ويؤكد على قضية جوهرية وهي: إن الفكر العربي الإسلامي لم يكن متبعاً "بل مبتدعاً . ومفكراً ومعللاً للكثير من القضايا "،وتقديم المعالجات لها عن طريق وعي تنظيري فاهم للقضية ؛لأنه المؤسس لها، فالفكر العربي الإسلامي الوسيط، شأن الفكر اليوناني القديم، وهو تأصيل من قبل الناقد إلى قضية الريادة الأولى للفكر العربي في المسائل والقضايا الفكرية.

وأشار إلى أن النزعة الفكرية الفلسفية  " نزعتان من الفكر: عقلية تقول: بجدارة العقل/ واخرى ترفض العقل...".

ويؤكد على أهمية الفكر العربي الأسلامي الذي بدأ بمقالات المتكلمين والمعتزلة ، في العدل، والقضاء، والعلم، والمعرفة، والايمان بيوم الحساب...، فالماديات وغير الماديات، أوالأدق (الحاجة) هي التي تجعل المجتمع الفلسفي والفكري العربي في دوامة التفكير والأنتاج؛ لأن الحاجة هي القضية الأساس في شغل الفكر الجدلي . 

فالفكر الفلسفي  عند المجتمع أولاً وعند الكاتب ثانياً قد تحول إلى وعي يشكل فائدة على الواقع المعاش،- كلما تطور الوعي نضجت الأفكار وزادت النتاجات الأبداعية  ولم تبَق هذه النظرة على وضعها الأول ، بل تلبست بالوعي المتطور المحيط بالإنسان؛ لأنها تحفز العقل على البحث العلمي المستمر، وتكشف الأوهام، فالعلم بحاجة مستمرة الى وعي فلسفي ؛ لأنها-الفلسفة- تهيء الجرأة للباحث في كشف المستغلق والممنوع والمحرم في قضايا البحث العلمي، وهي غاية العلم الأولى والأساس.

اضيف، مانظر من قراءة لهذا الكتاب -الذي لم نتلمس قراءته لولا زوجة الناقد الست الفاضلة والمربية (ست رضية)، التي سعت وبحرص على طبعه بعد وفاته، وافادة العلم وطالب العلم-، جاء عن طريق قراءة افكار الناقد التي وضعها بعد قراءات عدّة ، وتحليلات دقيقة لجملة كبيرة من الفلاسفة، وهذا هو منهج المرحوم في مؤلفاته .

 

بقلم : د. وسن مرشد

 

في المثقف اليوم