قراءة في كتاب

مرايا عشق

1094 مراياعن دار الفرات للثقافة والإعلان في الحلة صدرت حديثا للشاعرة التونسية مفيدة منصور حشاني نصوص شعرية رقيقة حملت عنوان (مرايا عشق)، وقد ضمت أربعة وستين نصا شعرياً، تقدمتها كلمة للناقد جبار الكواز، بدأها بقوله (في مجموعة الشاعرة (مفيدة منصور حشاني) الموسومة بـ (مرايا عشق) تحيل النصوص إلى صفحات تترا من التأويل الروحي المنطلق من ثنايا الجمل الشعرية، والمستتر في ظلال المعاني التي تريد لها شاعرتنا أن تتواصل بوضوح يقود المتابع إلى عمق تذوقي في الجمال اللغوي الذي تعبق منه الجملة الشعرية)، وأضاف (ولو حاولنا أن نستنطق أية مرآة نواجهها في يومياتنا فإننا نقف عاجزين ما لم نكن حمالي حزم من الأفكار التي تنير حندس أفرحنا لتضع بوصلتها الإبداعية الروحية من خلال (العشق)، فالعشق هذه الحالة المزدحمة في الرؤيا المبهر وفق موشور الرؤيا العينية المستندة إلى ذائقة خاصة منطلقة من ثقافة خاصة تسندها أفعال) .

في النص الأول وهو بعنوان (قصة على ضفاف الروح) تقول الشاعرة:

(تعلمت الإنصات إلى قلبي

حتى وإن كنت في حالة ذهول

كي لا يسكت من شدة الهذيان

فأتوقف لحظة صمت

حدادا على وقت سرق مني

عن وعي ولم أتخذ قرارا

تبتلت حتى صرت منك

ضجيج عشق ...)

وتقول الشاعرة عن أحلامها في نص آخر :

(جنين ينمو داخل أحشاء ذاكرتي

كما الطير إذ علق بأجنحتي

حلق بأحلامي

أصل مبتغى الشمس

تغرس شعاعها على منبر قلبي

أقف عكس صمتي أعاتب سكون الليل

أحترق

أكسر عقارب الزمن

تعود بي الأيام

من حيث لم أكن) .

وفي قصيدتها (طيف عشق)، وعشقها من الصوفية تقول :

(النجوم تذكرني بالعشق

فأذوب مبتهلة

وعيناي دامعتان

وأنا أتهجد عشقا في محرابي

تلفني حروف الروح

وتاج النور في دمي

فأسمع بين جسدي

صوتا يتردد ولهاً

خذني إليك

ها أنا أولد عشقاً

فيخفق قلبي يصيرني معه).

ومن قصائدها المتشحة بالصوفية قصيدة (تهجد)، وتقول فيها :

(بي دمع سجين الروح يناديني

إلى قلبي ..

من باب التمني أدخل جنتي

رأيت ربّي

النفس تهوى والمدى طريق نفسي

الروح غابت فيك

إنما نفسي ... نفسي).

وتقول في قصيدتها (نافلة الصبر) :

(أتيمم بدموع الروح

كي أصلي نافلة الصبر

بقلب محرابه الطوفان)

وتختمها بالقول :

(أضع كفي بمرآتي

يراني البرق

يخطفني إلى سباتي)

ويجسد حب الشاعرة كما تصوره في قصيدة (أحبك) :

(أحبك في صمتي

في عبادتي

في همسي

أسير خلف تنهيدة

لا تسمعني ..)

ومجموعة (مرايا عشق) مليئة بالقصائد الجميلة والقريبة من الصوفية، وتحتاج قارئاً من نوع خاص ليفهما ويغوص في أعمقها، قارئاً متسلحاً بثقافة حقيقية، ويمتلك روحاً نقية لا تسئ الظن بمقاصد الشعر حين يجهل مفاتيحه وإيحاءات كلماته ورموزه، وعليه أن يستحضر مقولة رجب الشيخ حين قال (ليس كل مل يكتبه الشاعر يفهمه الآخرون، وما على (الجمهور) إلا التقصي والتفكر والتفتيش عن المعاني من وراء حجب الغايات التي ينشد صاحبها، فالشعر ثقافة راقية من الثقافات التي يراد من خلالها التفسير والتأويل والبحث، فالمعنى الحقيقي يختفي خلف الحروف .. وما عليك إلا أن تجهد نفسك وتستنج ما يبتغي إليه صاحب النص الشعري) .

من الجدير بالذكر أن الشاعرة مفيد منصور حشاني شاعرة تونسية مجيدة بزغت في عالم الشعر في السنوات الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، وصدرت لها قبل إطلالتها العراقية هذه مجموعة شعرية سابقة بعنوان (لغة الروح)، ونالت الإعجاب والاهتمام اللائقين بشعرها المميز بجماله وعمق معانيه .

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

 

في المثقف اليوم