قراءات نقدية

ملف: المبدع محمد خضير بين رؤيتين (6) مشكلة القاص الرائد محمد خضير

الواقعية ثم انحاز إلى شكل تجريبي أخاذ، وانتهى به المطاف إلى نصوص هذائية وضعيفة، وأسيرة لنوع من االسجع الذي ميز عصر الانحطاط.

في الحقيقة، وليس من باب الدفاع عنه، أقول : إن لمرغريت ميتشيل رواية واحدة هي (ذهب مع الريح)، وبها دخلت فن الرواية من أوسع أبوابه . ونحن حاليا نعرف ماري شيللي بروايتها (فرانكنشتاين)، ولا نعلم شيئا عن سلسلة أخرى من الروايات الأخاذة التي سقطت في هاوية النسيان.

و على الساحة العربية، كان زكريا تامر من رواد الحداثة الذين نسفوا مفاهيمنا عن فن القصة بالديناميت، ولكنه الآن يتراكم دون أمل بنهاية سريعة لهذا الصوت النشاز. وتكررت هذه المأساة مع أستاذي وملهمي ومعلمي سعيد حورانية الذي وضع الأسس الفنية للقصة في سوريا الخمسينيات، ثم تحول إلى كافكا من نوع روتيني، مجرد موظف في برادات وزارة الثقافة، وأسدل الستار على مشواره الصامت بمهزلة محزنة هي كتابه (مغني الحارة لا يطرب). كم هناك من فرق شاسع بين فجر بعض الكتاب وغروبهم!.

و أضيف للقاصة هدى الفيل قصص لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك هي في الذاكرة، ملء السمع والبصر.

ملاحظة أخيرة. ضرب السادة النقاد أمثلة من فن الرواية العربية وهي لجمال الغيطاني وإبراهيم الكوني وسواهما. وتناسوا (ربما عن عمد) التجربة المشرفة لفارس مغوار في هذا الشأن هو يوسف القعيّد. وفي نفس الوقت توارت أسماء من نفس الميدان العراقي، ومنها جمعة اللامي الذي نهض بتقاليد عريقة في فن المسامرة والمنادمة، ولكنه فشل في (مجنون زنوبيا)، تماما مثلما حصل مع إبراهيم الكوني الذي سالت دماؤه فوق رمال البادية، ثم تحول إلى مجرد ظل شاحب وخفيف لما فعله ابن المقفع في (الأدب الكبير والأدب الصغير).

لا أود أن أطيل، ولست أمتلك السلطة لأكتب نعوة رجل يعتز به العراقيون (بعضهم على الأقل)، وأنا دائما من أنصار الحكمة البسيطة التالية : من لم يكن منكم بلا هفوة فليرم محمد خضير بحجر ...

و شكرا.

صالح الرزوق

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1198 الخميس 15/10/2009)

 

في المثقف اليوم