قراءات نقدية

مسرحية "الربيع العربي" لمجدي بو مطر .. بانوراما معمارية جسدية في كندا

qasim madiيخصص المخرج المجتهد والمثابر "مجدي بو مطر" وهو من الفنانين العرب المقيمين في كندا، معظم وقته مع مجموعة كبيرة من الفنانين سواء كانوا عرباً أو من بقية الدول الأخرى الذين وصلوا الى كندا،لتأسيس مسرح متعدد الثقافات في عالمهم الإغترابي الذي أتاح لهم فرصا ً كبيرة للولوج في هذا الفضاء الكبير الذي إسمه المسرح، وبتوفير معلومات كافية لإغناء تصوراتهم المسرحية،وذلك من خلال ورش تعتمد في معظمها على ثقافة الجسد المتأثر بالأمكنة،والتي يطلق عليها بالانكليزية " أم تي سي سبايس " وهذه الورش التي أسسها الفنان الكندي وهو من أصل لبناني تمتد من أربعة إلى ستة  شهور وبتمارين يومية على ثمانية ساعات في قاعات المسرح  الموجودة في كندا،وهذا يذكرني بتجربة  الفنان العراقي " أنس عبد الصمد " الذي  أوجد حسب علمي هو وزملاءه هذه الورش في بغداد وخارجها ليقدم العديد من الأعمال المهمة ويحصد الجوائز،والفنان " ابو مطر " الذي يترأس مهرجان " تأثير 13 " المقام في كندا للفترة من  24 - 29 أيلول الجاري 2013، وهو من المهرجانات  المسرحية المهمة التي تابعت معظم عروضها وبدعوة من الزميل الفنان العراقي المغترب " داخل البحراني " والفنان " بو مطر " ولجهود " البحراني " في تقديم العديد من  الأعمال  المسرحية ذات الطابع العراقي المميز والتي تركت الأثر الكبير عند الجمهور الكندي والعربي الذي يقيم على أراضيها أصبح عضواً مؤسساً في هذا المهرجان،ومن الأعمال المهمة التي قدمها المخرج " بو مطر " مسرحية بعنوان "  آخر خمس عشرة ثانية " على مسرح " دوار الشمس " في بيروت، ثم  عرضت في   كندا، ودمشق، وعمان، وهذه المسرحية تتمحور فكرتها  حول إشكالية القاتل والقتيل، ومن منهما على حق أو من يستحق الحياة،اللافت في العمل الذي تجول فيه " ابو مطر " الذي قدم باللغة الانكليزية لمواجهة الافتراضية بين العقاد ورواد، كل منهما يستعرض حياته، وبالتالي تتعرض المسرحية  للأجواء العائلية الحميمة في عائلة القاتل والمقتول، ومن هذا العمل وغيره شكل حضوراً متميزأ مما أصبح مديراً لهذا المهرجان وهو يحاول  إظهار قابليته الفنية العربية وهو الباحث دوماً عن قيم الجمال عبر دراسة واعية لمعظم مسرحياته، وليٌضيف إلى رصيده الجمالي مسرحية " الربيع العربي " التي نالت  إستحسان الجمهور الكندي والعربي عبر خطاب التعامل مع عروضه من منظور الرؤية الجمعية بما فرضته مخيلته العاجة بالمساحات الفكرية المشتركة من خلال  اللاجئين المتواجدين معه والذين يتعامل معهم على أساس الإبداع وومضات الخيوط المتواصلة بدرجات مختلفة هنا، وربما هناك، هذه الثورات التي جسدها مجموعة من المبدعين من هذا العالم المترامي الأطراف سواء كان هندياً أو أفريقياً أو هنديأ أحمر أو سوريأ أو لبنانياً،ليخلق بناء ً على الطبقات الصراع الدرامي السيكولوجي الذاتي المطروح من خلال الشخصيات التي  إعتلت خشبة المسرح وعلى قاعة مسرح " ريجستر" في مدينة " كتشنر " مع  إلتماساتهم بشذراتهم الكلامية المتداخلة من أصول إبداعية متفرقة " أو لنقل المنلوجات الداخلية باللغة الانكليزية التي ساعدت على وضوح الرؤية أكثر عندما بدأت العديد من التفاصيل التي أراد المخرج توصليها عبر " هذا الحائط " المزجج بالعبارات العربية والإنكليزية والذي أستخدمه في مقدمة العرض ليبين لنا حجم المأساة على  الإنسان اينما كان عبر ترددات مشتركة بيننا، ولكنها تسيطر عليها قسوة العبثية وروح الكآبة المستشرية في كل ما يحيطنا، وكان للجسد في هذا العرض دوراً مهماً وأساسياً في نقل الصراع والذي يشتبك في جدليات متعددة المستويات مع الفضاء الزماني والمكاني المحيط،وبالتالي أن فكرة الحائط " السلايد " الذي أستخدمه في مواجهة الجمهور والتي أوحت إلينا بأنها بانوراما معمارية حشد لها المخرج مع تقنيات التكنولوجيا من دم، وأبنية مدمرة، وكنائس، وجوامع،لتكون حائطا ً يحمل إيقونات من  حياتنا وصفقة لتوثيق هذا العالم العاج بالموت والقتل والتفخيخ  وخاصة العالم العربي الذي تلف مشهده فوضى عارمة . .

 

 قاسم ماضي - ديترويت

في المثقف اليوم