قراءات نقدية

من أجل هايكو عراقي على جادة الصواب!!

latif shafiqلمرات عديدة ترددت أن أفصح عن رأيي وأخيرا سأقول بعد أن وجدت هذا الانحسار والتراجع والابتعاد عن جذوة ذلك الوهج الذي استهوانا لفترة وما كنا لها موقدين لعدم درايتنا نفخ الروح فيه!

لقد توارد في ذهني بعد أن وجدت بأننا لم نضع أيدينا على مكمن الخطأ في قولنا هذا هايكو وذاك لا وما يتسبب عنه نزوح كثيرين من قرائنا ولسبب واضح وهو بأننا ابتعدنا كثيرا عمن سبقنا في هذا المضمار وبمراجعة ما كتبناه سابقا وما أطلقنا عليه هايكو يتبن لنا مواطن الفارق الجلي لما قاله صناع الهايكو الحقيقيين القدماء والحاليين في أنحاء متعددة عربية كانت أوأجنبية وهنا أطرح سؤالا ضروريا: هل نتوقف أم نستمر؟  وإن أردنا أن نستمر فهل نستمر على نفس النهج من دون أن نأخذ بالاعتبار ما تتطلبه قصيدة الهايكو؟ وباعتقادي إن الاستمرار بهذا الشكل يعني دق آخر مسمار في نعش هايكونا ولا أقول الهايكو العربي لأن بعض الكتاب في بلدان عربية ومنها العراق أيضا   قد بنو لهم صرحا متميزا في هذا المجال ولا بأس من محاولة ما انجزوه من تراجم لشعراء يابانيين وأجانب. وحسب معرفتي أن هناك كثير من الشعراء العرب قد أسهموا في اغناء قصيدة الهايكو وعلى سبيل المثال لا الحصر أورد ما يلي:

1- من العراق الشاعر والناقد عذاب الركابي المقيم في مصر حاليا وهو صاحب تجربة وأول من كتب قصائد هايكو وله دواوين عدة منها ديوان رسائل المطر وديوان ما يقوله الريح ويصف شعر الهايكو بقوله هي لغة كونية آسرة لغة اللغة وخيال الخيال وجمل تضئ بلا حدود.

مقتطفات من ديوان رسائل المطر

يمنحني

العصفور حنجرته

بأغنية حزينة

على شباك عاشق

يستقبل

الليلك الحزين

 

شجرة الزيتون

من عراك الديكة

تتكاثر الثمار

 

ومن ديوانه ما روتها الريح

لو سألت الغيمة الملآى

بأعذاق المطر

أن تفسر غضب النجمة

 

بلون شاحب

تسخر

السنونو الناحلة

يقول عذاب في مكان آخر حول قصيدة الهايكو هو مخلوق لغوي يتنفس رائحة الخبز ويخشع لنصاعة بياض الورق.

تحدثت عنه مجلة الرافد الصادرة عن دائرة الثقافة والأعلام في أمارة الشارقة وعن مجموعته رسائل المطر باعتبارها تجربة رائدة لهايكو عربي علما أن الجهات المسؤولة عن الثقافة والأعلام في العراق لا يعنيها هذا الأمر.

 

2- مختارات من شعر الهايكو الرصين للشاعر المصري أدهم الصفتي

اليد التي صافحناها

تلوح لنا

من بعيد

 

أصابع رطبة على البطن

ظلال على الحائط

ربما شمعة

 

تلمع الأعين

في حضرة

الأرملة

 

الطفل الراكض فوق سقفي

يزداد بدانة

كل يوم

 

مؤذن الفجر

يرتعش صوته

من لسعة البرد

 

كيف تتفتح الزهور

في مدينة

بلا ربيع؟

 

العصافير في الشارع

تنعى جثة ملقاة

منذ يومين

 

الغبار على المكتبة

التي ورثتها

يحمل رائحة أبي

 

الرجل الجائع

يستطيع أن يفهم

مواء القطط

 

القط الذي يموء ليلا

تحت نافذتي

ماذا يريد أن يقول؟

 

قط الشارع العجوز

ما زالت نظرته

ترجفني

1- في السودان نادي الشعر السوداني الذي تديره الدكتورة عائشة موسى السعيد والتي أنجزت ترجمة كتاب الفصول الأربعة من الإنجليزية وهي مختارات من شعر الهايكو وأن الهايكو الياباني أخذ حيزا بنادي الشعر السوداني في ذكرى الكاتب الطيب صالح تحدث فيه أساتذة وشعراء سودانيين عن الحالة الجديدة والتي أطلق عليها (جيل أولياء) وتطرقوا خلاله إلى أنتاج أغنيات من بيت واحد في الطريق تتكون من بيت شعري واحد على شاكلة الشعر الياباني القديم (الهايكو).

2- في سوريا النادي العربي للهايكو عشاق الهايكو يكتبه شباب وشابات يتحدثون عن الزهور والطبيعة والطيور والفراشات ويحلقون بجمال الفصول الأربعة  وهناك طبيب أسنان هو سامر زكريا يدير مجموعة من الهايكويين يقول جربت كتابة الهايكو منذ عام 2003 وتعرفت عليه عبر الترجمات العربية القليلة ثم وسعت قراءتي إلى الإنجليزية,وفي أوائل 2013 أسست مجموعة الهايكو في سوريا هايكو عربي جدي حقيقي من وسط مجموعة من الأصدقاء ولم يتوقعوا أن ينجحوا هذا النجاح في زمن قصير ويبلغ عدد أعضاء هذه الجمعية الآن نحو خمسة آلاف عضو خلال عام ونصف . 

3- في الأردن النادي العربي للهايكو يديره الشاعر والقاص محمود الرجبي وهو يرى أن الهايكو هو قصيدة اللحظة والتقاط المشهد الذي لا ينتبه له العابرون وعندما يقرأ أحدهم نصك تصيبه الدهشة فيقول: (يا إلهي كيف لم انتبه لهذا!) 

4- من المغرب الشاعر أبو الفوارس عبد العزيز يقول: ارتأيت أن أخوض التجربة من منطلق ليس التقليد وليس من باب المغامرة بل من منطلق الدهشة وعلى أن كل ما هو أبداع إنساني راق لا يتطلب لغة اكاديمية محضة بل يتطلب فكرا إنسانيا فطنا يتقن القبض على مشهد الأشياء بعين العقل وعين البصيرة.

5- من ليبيا الشاعر جمعة الفاخوري يقول: الهايكو قصيدة ضوئية مختزلة تنبع من أعماق الشاعر لذلك تأتي محفوفة بالدهشة والفتنة والأثارة.

6- من لبنان الشاعرة لميس حسون ماجستير في الأدب الإنجليزي تقول: تعرفت على شعر الهايكو خلال مادة الشعر تحديدا وبعد قراءة مكثفة لقصائد الهايكو باللغة الإنجليزية والفرنسية ولهايكوات عربية مترجمة أو لشعراء عرب وبعد دراسة مفعمة انتبهت أن هنالك من يكتب نصوص هايكو أقرب منها إلى الومضة الشعرية وإنني اليوم بإمكاني أن أكتب هايكو عربي لا كتقليد للهايكو الياباني.

مقتطفات من شعر الشعراء الذين مر ذكرهم

من الأردن محمود الرجبي

أصعد إلى جبال رم

الزهور الصغيرة تنحني خائفة

قدمي تدوسها فتنزف رائحة

 

ومن لبنان لميس حسون

أغصان الداليا

تظلل ركام منزلنا

يا للوفاء

بتلات ملونة

على شجرة الجوري العقيم

ما أحن العاصفة

 

من ليبيا جمعة الفاخوري

تمرجح أرجوحته الخاوية

تملؤها الدموع

والدة الصغير الفقيد

 

من المغرب أبو الفوارس عبد العزيز

ما من تخوم مضيئة

مروحية سوداء

لحر الغرفة

7- تراجم لشعراء يابان من كتاب الهايكو لمحمد عظيمة والسحر الآسيوي لمني فريد وتاريخ الهايكو الياباني لسعيد بو تراجي

  توميتا – موبا

على كتفي

تنسج العناكب خيوطها

ذات غروب في الخريف

 

تريه آثار البعوض

فوق ذراعها

الحبيب البارد الغفلان

 

كوروياناغي- شووها

لأن المدخنة ترمقني

كل يوم

لم أستطع إتمام الانتحار

 

هاياشيد-كييتي أو

حتى العين التي لا أرى فيها

أنظف جهتها

من بلور النظارات

 

هيتو- سووجو

حب لا أعلن عنه

مرة أخرى

تتراكم الثلوج فوق الجبال

 

المعلم ماتسيو باشو

اليوم الأول من الربيع

أستمر في التفكير

بنهاية الخريف

 

مطر الربيع

متسربا عبر السقف

حبات تقطر عبر عش الدبور

 

هناك تذكار من إيدو

يرحل الربيع

تبكي الطيور

 

في طنين الزير

ليس ثمة إشارة تنبئ

متى يجب أن يموت

 

القبرة

تغرد طول النهار

والنهار ليس كافيا لها

 

الخريف

حتى العصافير

والغيوم تبدو هرمة

 

أيها القبر انحني

لريح الخريف

صوت نشيجي

أعود للسؤال الذي طرحته آنفا (هل نتوقف أم نستمر؟)

لقد توفرت لدي بعض القناعات خلال متابعتي لكتابات من ساهم في هذا الباب والمحاولة من أجل كتابة قصيدة هايكو بأسلوب عربي أو على وجه الدقة عراقي وجدت بأن أكثر ما كتب ولا استثني ما كتبته أيضا قد اثقل كاهل الهايكو الخفيف وحمله بما لا يطيقه من أحمال وقد تكون هناك أسباب عديدة قد ساهمت في هذا الشأن وأول هذه الأسباب هو عدم جدية وتقنية النقد الموضوعي لما كتب من تلك القصائد وإن ما جاء منها لا يتعدى المدح والمجاملة والاشادة بشخص الشاعر ولا علاقة بمضمون وسباكة وأصول القصيدة عدا ما بدر من الشاعر  المتمكن جمال مصطفى وضمن توجيهات ونقد خجول لا تقف حائلا دون التمادي بالأسلوب الخاطئ في كتابة قصيدة الهايكو التي تعارف عليها العرب والأجانب. ومن تلك التعليقات والتي يمكن اعتبارها هادفة ومفيدة لكل من يريد أن يكتب قصيدة هايكو عراقي هو ما جاء بتعليق الشاعر جمال مصطفى حول ما كتبه الشاعر زاحم جهاد مطر بعنوان( تحاسين)حيث أشار إلى مكمن الخطأ ولو أنه لم يكن يحمل الصراحة التامة بقوله:(إذا كانت الصورة الشعرية قوية ستنجح كقصيدة لا كهايكو وإذا كانت الصورة الشعرية غير جيدة سيقال عنه هايكو غير جيد وليس قصيدة رديئة لهذا يكون الحفاظ على سمات الهايكو شرطا وإطارا للنجاح في أكثر الأحيان ولا يكون على حساب الأبداع ) أحسنت أستاذنا الضليع الشاعر جمال مصطفى ومزيدا من هذه التوجيهات وبصراحة مطلقة حيث تبين لنا وبدون استثناء وعند غربلة قصائدنا لا نخرج بالكثير مما تطلبه قصيدة الهايكو بشروطها المعروفة وإن كتابة مائة ما يطلق عليه قصيدة هايكو من دون أن نخرج بواحدة مطابقة للمواصفات هو شيء غير مجدي وعبثي

إن المشكلة تكمن في مدى قبول المتلقي لهذا النوع من القصيد واسمها الذي لا زال الكثير يجهل معناه. كيف يمكننا أن نقنع السامع العراقي إن هذا شعر وهل يمكننا أن نوصل المعنى الخفي وحالة الدهشة التي هي العنصر الأساسي في قصيدة الهايكو ؟ قد يكون هذا النوع  استهوانا وخاصة من الألسنة المترجمة وحركت فينا مشاعر ذات خصوصية معينة والتي هي بالأساس نابعة من  بيئة وثقافة تلك الشعوب وعليه يجب أن نأخذ بحساباتنا عند كتابة هايكو عراقي أن ننظر إلى النخلة والترعة وصوت الربابة والناي وترنيمات هوسات الأفراح والأحزان وإن المشكلة ليست متعلقة بكاتب القصيدة فقط بل تتعداه إلى المتلقي العربي عموما والعراقي خصوصا والذي ألفت أذناه سماع الشعر المقفى والحديث أحيانا والتطريب والألقاء الغنائي الذي يحرض ويحفز مشاعره, وإننا للآن لم نستمع إلى شاعر وهو يلقي قصيدة هايكو في الوسائل المرئية والمسموعة بل الأمر اقتصر على الكتابة الورقية والألكترونية, لنتصور مثلا بأن شخصا ما يقف في حفل جماهيري ويلقي المقطع التالي وهو مقتبس من أحد شعراء اليابان الكبار فيقول:

أقف بعيدا عنها

يبدو أنها ضفدعة

بالقرب من سلحفاة

إنها صورة جميلة وحسية عند قراءتها لكنها سوف لن تنل اعجاب المتلقي الذي لا يدرك كنهها لذلك يتوجب علينا أن نكتب ما يقرأ ويسمع بآن واحد وهي المهمة الصعبة في صياغة هايكو عربي وعراقي ولو أن الأمر يبدو مختلفا لدى صناعه الأصليين اليابانيين فالهايكو هي لغتهم الشعبية ومجال سجالاتهم اليومية كما هو جار لدينا في مناطق الريف خلال مطارداتهم لشعر الأبوذية والزهيري والحسجة.  

هذا سبب وهناك أسباب أخرى مؤثرة لا تقتصر على من كتب الهايكو في صحيفة المثقف بل تشمل الكثير ممن كتب بلغات تختلف عن اللغة اليابانية والصينية أيضا لكونها اللغة الأم في صناعة قصيدة الهايكو

ومن تلك الأسباب ومن وجهة نظري غزارة اللغة اليابانية وما تحتويه من حروف ورموز هائلة مقارنة باللغة العربية التي تقتصر على (28) حرفا واللغة الإنجليزية التي تبلغ حروفها (26) حرفا ولأجل توضيح هذا الأمر يمكننا أن نوجز بعض ما يتعلق باللغة اليابانية:

تتكون كلمة اللغة اليابانية من مقطعين هما (نهون- غو) ونهون تعني الشمس المشرقة وتشير لليابان وغو تعني اللغة

توجد في اليابان لهجات عديدة فلكل منطقة أو مقاطعة لهجة كلهجة أوسكا ولهجة شيروكا ولهجة هيروشيما وأكيناوا الخ , لكن لهجة طوكيو هي الفصحى والتي قررت اليابان اعتبارها اللغة الرسمية.

تقسم اللهجات اليابانية إلى شرقية وغربيه وتظم كل منهما أقاليمها وتختلف الواحدة عن الأخرى. الكتابة اليابانية تكتب من اليسار وإلى اليمين ومن فوق إلى تحت وبطريقتين هما:

الكتا كانا والهيرفانا وتدخل تحت مسمى واحد هو ( الكاتا)

لقد فرضت القوات الأمريكية بعد احتلال اليابان التعلم بطريقة الحروف اللاتينية والمشابهة للحروف الإنجليزية وأطلق عليها ( روماجي ) لكنها قوبلت بالرفض من قبل الشعب وتمسك بلغته اليابانية الأصلية ,هناك مفردات في اللغة اليابانية متشابهة ولكنها تختلف بالمعنى كالهيراجانا  والكاتا جانا  والكاتا تتألف من (46) حرفا أساسيا وبنفس النطق والاختلاف هو بأشكال الحروف وطريقة استخدامها والكانجي هو الأصعب في اللغة اليابانية وهي تنحدر من الحروف الصينية المتطورة ,كان عدد حروف الكانجي يفوق عن أربعين ألف رمز ثم قلصت لتصبح ما يفوق الألفين والذي يحفظ الف وتسعمائة كانجي من اليابانيين يعتبر أمي والكانجي هي رموز وليست حروف وكما أسلفنا فإن الحروف الأساسية هي (46) حرفا ومن هذا ولسبب تشابه الرموز واختلاف معانيها يصعب على المترجم أن يدرك المعنى والصورة التي يكتب فيها اليابانيون قصيدة الهايكو, وهل ستبقى تلك القصيدة محافظة على صورتها بعد أن يتناقلها المترجمون من لغة إلى أخرى؟

بعد أن انتهينا من سبب خصوصية اللغة اليابانية في كتابة قصيدة الهايكو  ننتقل إلى سبب آخر هو ما يشكل عاملا مهما في نفسية الياباني وكيفية تعامله مع الأحداث والصور وهذا العامل هو المعتقد والفلسفة التي يعتنقها الشاعر الياباني ومنذ القدم وهو المذهب البوذي الذي تنبثق منه فلسفة ( الزن )ومن أجل أن نقرب جوانب مهمة من هذا المذهب والذي ساعد الهايكوي الياباني على التعبير بما يلائم انتمائه وما تأثر به من فلسفة الزن والتي هي أحدى الدعائم إلى عالم ( نيرفانا) وإن النيرفانا تعني عند البوذي حالة الفراغ القصوى وافناء الرغبات واسبابها .

نبذة مختصرة عن المذهب البوذي وفلسفة الزن:

أسم بوذا الحقيقي هو (سيد هارتا غوما أوساكيا موتي) وتعني الصاحي وينتمي إلى عشيرة ساكيا وقد ولد في القرن السادس قبل الميلاد في واحدة من قرى جبال الهملايا وأن كثير من شعوب جنوب شرق آسيا تدين بمذهبه وتعاليمه لحد الوقت الخالي.

الحقائق النبيلة الأربعة لمذهب بوذا:

أولا: الوعي ومعرفة الألم والاستعداد له

ثانيا: أصل الألم (الرغبة والجهل ومن أجل القضاء على الألم يجب محاربة الجهل والمتعة الجنسية والخوف من الموت).

ثالثا: فناء الألم بفناء الرغبة والجهل

رابعا: بعد التغلب على الألم خلق نظام للحياة للوصول إلى ( النيرفانا) قواعد انضباط النفس في البوذية خمسة:

عدم القتل- عدم الاستيلاء على خيرات الآخرين -عدم اتباع أهواء النفس -عدم الكذب – عدم السكر.

ماهي فلسفة الزن؟

أولا: عدم التعلق

ثانيا: عدم التعلق بعدم التعلق

ثالثا: عدم الاشتراط بفعل عدم التعلق

مظاهر الزن في الفنون والحضارة اليابانية

أولا: فنون القتال والرماية

ثانيا: مراسيم الشاي

ثالثا: صناعة الفخار والبخور

رابعا: البستنة والحدائق

خامسا: الخط والشعر والفن المسرحي

سادسا: الطبخ

تقاليد الزن في العالم المعاصر:

أولا: وحدة معرفة النفس تؤدي إلى السلام الداخلي

ثانيا: احترام الطبيعة والكائنات الحية

ثالثا: التحرر من المادة والتخلي عن الرغبات

رابعا: الحياة نهر مضطرب تجري مياهه العكرة مزيجا من العواطف والأوهام.

هذه أهم جوانب المذهب البوذي وما تتضمنه فلسفة الزن والتي ساعدت شاعر الهايكو الياباني أن يهيم بها وأن ينطلق بعوالهما عند صياغة قصيدة الهايكو والتي قل ما نجدها في قصائدنا التي نحاول فيها محاكاتهم عند كتابة هايكو عربي أو عراقي.

وأخيرا بودي أن أشير إلى ما نشر في صحيفة المثقف في باب مدارات حوارية التي استضافت الشاعر جمال مصطفى والحوار الذي أجرته معه الشاعرة ياسمينة حسيبي وما يتعلق منه بقصيدة الهايكو والمقتطفات التي يمكن اعتبارها درسا مهما لصياغة قصيدة هايكو رصينة وردا عن سؤال لها قال: ( كان في نيتي تكريس ديوان للهايكو لكنني سرعان ما اصطدمت بمعوقات لا يمكن حلها إلا (بخيانة الهايكو شكلا ومضمونا ) ثم يقول إن الهايكو غير الياباني تمرد على الكثير من الثوابت اليابانية وقصيدة الهايكو متحققة من آلاته اللغوية والشعرية وهذا يتطلب شاعرا من طراز خاص وأن هذا الرأي يؤكد ما ذهبنا اليه في هذه المقالة . وفي جواب آخر يقول الشاعر جمال مصطفى إنني أميل إلى هايكو معقد لا يقل عن القصيدة من رقيه الابداعي وفي قدرته على الإدهاش العميق لا السطحي. فحبذا لو التزم شعراؤنا بهذا المبدأ. وحول سؤال هل الملل وكثرة التفاصيل التي تطغى على الحياة اليومية أم صعوبة اختمار الفكرة وتكثيفها في لحظة برق عفوية؟ فيجيب: كل شاعر عربي قادر استيعاب تقنية الهايكو نظريا ولكن الانخراط في الكتابة يتطلب أكثر من ذلك. وأنني مع هذا الرأي ولكنني اختلف مع كثرة التفاصيل التي تطغى على الحياة اليومية باعتبارها عائقا لكتابة الهايكو بل أجدها حافزا ودافعا مهما لمن يتمكن من اقتناص تلك الحالة ويعكسها بطريقة تثير الدهشة والاعجاب وهذا ما نجده في بعض قصائد الهايكو لشعراء يابانيين مشهورين كانت بعض من قصائدهم تتميز بواقع الحال ومعاناتهم.  ومشكلتنا نحن هي واقعنا وكما قال أحد شعراؤنا (كم طعنة تكفيه العراقي لكي يكتمل نزيفه؟) وإن هذا الواقع طالما كان هو الحافز والمحرك الفعال لأثارة المشاعر والمكنونات التي ساهمت بولادة اعظم وانقى القصائد.

وكما بودي أن اعزز ما ذهبت اليه واشير إلى تعليق الشاعر سالم الياس مدالو على مقاطع مترجمة بعنوان ألف هايكو وهايكو (4) للشاعر جمال مصطفى وتظمينه بعضا من مقاطع هايكو جديد ويظهر أن شاعرنا سالم قد شعر واستدرك بمكمن الخطأ واستبق سؤالنا المتضمن هل نتوقف أم نستمر؟ فتوقف مليا ولفترة مناسبة ليعيد النظر بما كتب ولهذا فقد جاءت تلك المقاطع تبشر بولادة هايكو عراقي رصين خال من الشوائب وخاضعة للضوابط والشروط التي يطلبها الهايكو الجيد.

وإن سبب أحجامي أيضا وتوقفي عن كتابة هايكو جديد يعود إلى ما ذهبت اليه من رأي مطروح للنقاش لغرض الاجابة عن السؤال الوارد فيه وهو (هل نستمر أم نتوقف؟). 

      

لطفي شفيق سعيد

21 آذار 2016

 

 

في المثقف اليوم