قراءات نقدية

كونستانتين بالمونت وقصيدته: من ذلك المكان

husan alikhedayrكونستانتين دميتريفيتش بالمونت (1867-1942) هو  واحد من الشعراء الرمزيين الذي تركوا إرث ادبي كبير في الادب الروسي، ولكن مع الأسف في عالمنا العربي لم يسلط الضوء على هذا الشاعر الروسي العملاق بكل معنى الكلمة، بالمونت كان مترجم بارع، ترجم العديد من القصائد للشعراء أوربيين تركوا بصمة في الادب العالمي ومن هؤلاء الذين ترجم لهم بالمونت هم : وليام بليك، بايرون، شيلي، تينيسون، أوسكار وايلد . بودلير، بول فور وغيرهم من الشعراء، بالمونت كتب الكثير من الدواويين الشعرية حيث بلغ عدد الدواوين التي صدرت له ٣٥ ديوان شعري، اما في مجال النثر ترك ٢٠ كتاب والكثير من المقالات والدراسات الأدبية. بالمونت كان كثير السفر حول العالم لكن هذا السفر أبداً لم ينسيه وطنه وكان الوطن بالنسبة لكونستانتين بالمونت حاضر في روحه وفي كل مكان وزمان لذلك في عام ١٩١٢ بالمونت كتب الى ف. د. باتيوشكوف، قائلاً: (رايت البحار والمحيطات ... ومرة اخرى، اجلس قرب نافذة بيتي في باريس، وسط الكتب والزهور، وقول : احب روسيا. بالنسبة لي لا يوجد شي اجمل وأقدس منها. و أُؤمنُ بها - وانتظر. وانتظر بفارغ الصبر)، وهذ دليل قاطع ان هذا الشاعر بقى مخلصاً وصادقاً ومحباً الى وطنه، في عام ١٩٢٠ بالمونت هجر وطنه مرة اخرى، وكان الابتعاد عن الوطن جلب له الكثير من المتاعب، لكن الشخص الوحيد الذي كان يسعده في الغربة هي الشاعرة مارينا تسفيتايفا التي كان مصيرها مشابه لمصير بالمونت لأنهم كانوا يعانون من الوحدة والاشتياق الى الوطن، والشي الجميل في قصائد هذا الشاعر الكبير انه استخدم النص القراني في قصيدته (من ذلك المكان )، وعلى ما يبدو انه قرا القران الكريم وأعجبته الآيات التي تشير الى الجنات النعيم وكيف الله يوعد الناس الصالحين بالجنات وقصيدته تبدأ ب (انا) وهنا المقصود الله سبحانه وتعالى، فخترنا لكم بعض الابيات من القصيدة التي يكون فيه نص القراني حاضر، ويقول الشاعر:

انا أعدكم بالجنات

حيث تخلدون بها الى الأبد،

ومن ثم الشاعر بالمونت يصور لنا كيف الله يحث الناس او يدعوهم الى هذا المكان الذي لايوجد فيه حزن ولا ظلام فقط السكينة والطمأنينة هي التي تسود، قائلا:

انا ادعوكم الى هذا البلد

حيث لا يوجد فيه حزن ولا غروب شمس،

وبعد ذلك الشاعر بالمونت نجده في قصيدته يصور كيف القران الكريم يحث الناس الى الاستجابة الى هذه الدعوة او نداء، يقول :

اذهبوا جميعاً الى نداء النجوم

......

انا أعدكم بالجنات النعيم.

إذن، الشاعر بالمونت استخدم النص القراني واثار مسالة جدا مهمة هي الجنات و الخلود ومسألة الحزن والغروب الذي يدل على اقتراب الظلام وغيرها من الرموز التي هي مشفرة اذا صح التعبير وفي نفس الوقت لا تخلو هذة القصيدة من تأثير كونستاتين بالمونت بالنص القراني.

 

حسين علي خضير

 

في المثقف اليوم