قراءات نقدية

تغريد شتا: رؤيْتى فى مُتأمّل الغرباوى: اللهمّ.. اللهمّ لست أدرى..!

925-ahmadيتهادى بنا إلى جَداول تنضب.. ووديْان تعوى خواء.. وشواطىء تموج شيْباً وعَظما ً..

فلمّا التمسنا الفرار.. لفتنا جدران الغرف المنقبضة.. هرولنا للبحث عن طوق نجاة هربا ً من (إبداع المتأمّل).. للكاتب أحمد الغرباوى من خلال سطور تجليّاته الأدبيّة.. ولوحاته الفنيّة.. فى اصداره (اللهمّ.. اللهمّ لست أدرى..؟)..

 ونشدا ً لريح تدفع بساط (الأمل).. لم نجد غيْر طاقة نور من خلال قضبان مَطليّة بلون الجدران.. باللون الأسود..!

 ونَهمّ بكسر النافذة.. طلّ عليْنا صَوت الشيْخ الطيْب المذكور فى كُلّ الأشعار والأوراد والأسفار.. والذى يلازم ( المتأمّل ) أينما كان ويكون.. يصرخ:

ـ إلا نافذة الموت..!

إلا نافذة الموت..!

(إبداع المتأمّل) بدون مصباح (ديوجين).. نور فكر يلتمس الطريق إلى الله حقيقة..!

925-ahmadولا ينحت الليل.. يرجو بصيص نور شمعة.. ولايأخذ بيْد القارئ إلى حيث خُضرة المروج.. وحَياء الورود.. ورقص سنابل القمح.. وتمايْل أريج أعواد اليْاسمين..!

وعندما دعانا الغرباوى من خلال صفحات ( إبداع المتأمّل)  (اللهم.. اللهم لست أدرى..؟) إلى واديه..

تسأله:

ـ ما الجدوى..؟

يجرجر جسده المترهّل.. وبدمع الحاجّة يَهمس:

ـ لست أدرى..؟

فالتعامل مع (المتأمّل).. لكى تريح وتستريح.. أترك أفكارك خارج الوادى.. وتدثّر..

فقط التحف بـ (الخلق الفنى).. وبين جنبيْك وسادة (نشوة الإبداع).. دفء حُضن..!

ربما تكتشف فى الجملة الواحدة أكثر من معنى.. وفى اللوحة الواحدة تراها بأكثر من زاويّة.. وتتعدّد الألوان فى تشكيل فِكرى.. يلتمس المعرفة والحكمة بإحساس طفل بريء.. يداعب جدائل الخيال.. ويفرّق بأصابعه خصلات الإحساس بالجمال.. ولكن دون جدوى..!

دون جدوى حيْث (العشق) يموت هَرِما ً بقرار الزمن.. و(الفِكر) يتبعثر فُتاتا ً.. والمعانى تتطايْر داخل جدران الغرف المنقبضة..

فــ (المتأمّل) يعود بنا إلى قصّة ثلاثى الكهف.. وعلى كُلّ منّا يتلمّس ما ينجّيه من الموت.. يرى داخله أفعاله البيضاء، التى ربّما تزيح صخرة الباب فرارا ً للحياة..إنّه..

إنّه الطريق إلى الله..

الطريق إلى الله.. والتماس مُناجاته.. مناشدة رحمته إن شردت أفكاره..؟

فليطّهر ( المُتأمّل) كلماته.. ويَلفّها فى ثوب أبيْض قربانا ً للخلاص..!

وليحمل مخلاته وأوراقه.. أقصد أفكاره.. ويهرب بها من وادى (المتأمّل)..

يفرّ إلى الله..

إنّه الطريق الأكثر إبداعاً.. الألذّ فنّاً.. الأمتع أمناً..!

 

إنّه الوادى الأغنى والأكثر فكرا ً وإبداعاً .. والأدوم مروجا ً..!

ففيه يثمر دوام الإبداع حقيقة وخلود فن..!

مُتعة نَثر فنّى.. نبت جَنان الورقة الخضراء والرقّة والأنوثة.. جمالا دائما أبداً..

وما دون (الطريق إلى الله).. لا..

لاجَدوى..

لاجَدوى فى أو لــ (المُتأمّل) وغيْره..!

ففى تجليّات الغرباوى الأدبيّة تسبح فى خيْال المبدع بدرايْة ووعى.. دون أن تغرق أو حتى تنجرف بدوامات سَكرة الفنّ.. وكثيراً ماتغشى أحرفه منتهى حِسّ.. تحمل على أعتاقها تشكيل معارف وإثارة فكر  من خلال جملة تحمل ملامح وسمات الكاتب وحده.. دون غيْره..

وتضيء الجملة المنتقاة كلماتها عن عمد وقصد.. تنير مناطق مجهولة.. وتشير إلى حيوات صدق.. وجمال وعى..

فهى لوحات ثرية الفكر.. فيّاضة المعنى.. وتجمع بين خيال وهيام الشاعر.. وتساؤلات وشطحات المفكّر..؟

فيرتدى الكاتب ثوب الحداد خلال بَحثه عن (الحقيقة).. ويلهث وراء مغزى الحياة فى (حكمة).. ويرجفنا رعشة فى (الخوف).. وتهتز الذات رعبا فى (حصوة).. وما الإنسان لديه إلا (عابر سبيل)..!

ثم يتجه إلى الله فى صوفيّه خالصة.. بَحثا عن ماهيّة (السعادة).. ويأخذنا مَعه فى رِحلة داخل النفس البشريّة فى أطروحته (وجود).. وغيرها من اللوحات ذات عناوين الكلمة الواحدة..!

تدقّ رأسك قبيّل الدخول إلى عالمها.. فتشعرها أرقاً.. وتأبى أن تتركك، إلا وقد أثارت فِكرك.. ورجّت روحك..؟

حتى ينهى كل لوحاته بإشراك الكاتب معه.. بجملته المشهورة..(اللهمّ.. اللهمّ لست أدرى..؟)

وكأنه دعوة للجميع بإعمال الفِكر.. ولكن برقّة لغة شعر..!

ولكن تأثر روحه بصوفيّة.. تدفعه إلى أن يرجو غفران الربّ فى بدايْة إبداع يترجّى:

ـ اللهمّ.. اللهمّ إغفر لى الأفكار التى لابدّ أن أفكر فيها..؟

وإغرق كلماتى إن جانبت أشرعتها ريح الصدق..؟

أو شردت دفّتها بعيداً عن مرافىء وجودك..؟

 اللهمّ ربّى تقبّل ذنبى..؟

وإرحم سواد كَلمى..؟

 وإغفر لى..

فإغفر..؟

آمين يارب..

                  

بقلم: تغريد شتا

 

 

في المثقف اليوم