قراءات نقدية

منظومة تكعيبية للمناقشة (1)

latif shafiqلم تقتصر تسمية التكعيبية على الفنون التشكيلية فقط بل شملت الكتابة والشعر والفنون المسرحية وكان من رواد هذا النوع في الكتابة والشعر الكاتبة والشاعرة الأمريكية من أصل ألماني (جرترود شتاين) 1874-1946 وهي من أهم نساء ورجال العالم الذين شغفوا باقتناء وجمع اللوحات الفنية لكبار فناني القرن التاسع عشر والقرن العشرين وفي مقدمتهم الفنان الكبير بابلو بيكاسو.

تقول شتاين إن الكتابة بصيغة كلاسيكية تقتل العمل الفني وإن استجابة القارئ ينبغي أن تكون في تحول مستمر.

لقد كانت المدرسة التكعيبية تشكل أضخم انتفاضة ثورية فنية عرفها العصر الحديث.

يقول الفنان التكعيبي بيكاسو في وصفه لهذا النوع من الفن: إنه الكذبة التي تجعلنا نكتشف منها الحقائق.

إن من أشهر ما كتبته الشاعرة شتاين في مجال الفن التكعيبي هو روايتها المسماة (إيدا) والتي ترسم فيها صورة تكعيبية ل إيدا التي ولدت في أسرة لطيفة وحنونة قام أبوها برحلة ولم يعود منها , والمقطع التالي يظهر طريقة شتاين في الكتابة التكعيبية التي تتكرر فيها عبارة معينة بما يشبه ما يمكن اعتباره حالة من الحالات الهندسة التكعيبية:

(حسنا ما الذي فعلته إيدا كانت تعرف من كان هو/ كانت تعرف حقا/ كانت تعرف هناك عددا كبيرا من الرجال/ لا يعرف جميعهم إيدا/ الآن فيما بعد ترتاح إيدا في الغالب/ وإذا كان أي شخص بحاجة إلى إيدا / فإن إيدا ترتاح/ وكان هذا الأمر طبيعيا/ وهي الطريقة التي تحتاجها أيدا.)

وفي مكان آخر تكتب شتاين: (شيء ما كان يأتي منه يقينا/كان شيء ما يقينا/ كان منه يقينا/ بعضهم كان يقينا إنسانا يعمل / كان هذا الإنسان يعمل/ وكان شيء ما يأتي منه آنذاك/ آنذاك كان هذا إنسانا/ وكان هناك دوما شيء ما يأتي من هذا الإنسان.)

وعلى غرار هذا النوع من الكتابة فقد كتبت هذه المحاولة الفريدة من نوعها والتي اسميتها (منظومة تكعيبية) عسى وإننا نتمكن ولو بجزء يسير للتوصل إلى ما كتبه ذو الشأن بهذا النوع من الشعر والكتابة. وإن ما ورد في قصيدة الشاعر مرزوق الحلبي (خواتم بالحرف الكوفي) قد يشير إلى هذا الاتجاه من الكتابة:

امرأة

تحب فوضاي الشفيفة

تصدقني إذا قلت إن ليس للشعر وقتا ولا ساعة

ولا طقوسا

ولا هالة

فهو يأتي إذا أتى

كما الرغبة

ثم يذهب

منظومة تكعيبية (للمناقشة)

بعنوان (الرجل الذي أبصرته)

-1-

الرجل الذي أبصرته:

للتو صعد الحافلة/

بدا أنه مسرعا:

-2-

الذي صعد الحافلة/

هو ذلك الرجل-

الذي ابصرته مسرعا:

-3-

الذي ابصرته هو رجل/

صعد الحافلة-

هو نفسه ذلك الرجل/

-4-

الرجل الذي سبق أن أبصرته:

عاد وترجل من الحافلة!!

بدا لي مسرعا أيضا:

-5-

الرجل الذي ترجل مسرعا/

بدا لي عائدا/

بعد أن صعد للتو!!

-6-

الرجل الذي ابصرته:

هو نفسه -

صعد الحافلة وترجل؟!

-7-

في المرتين بدا مسرعا:

ذلك الرجل الذي ابصرته:

صعد ثم ترجل!!

-8-

والذي بدا مسرعا في المرتين:

هو الرجل الذي أبصرته مسرعا:

لا أعرف لماذا صعد وترجل!!

-9-

الرجل الذي صعد وترجل/

مسرعا من الحافلة/

هو الذي يعرف ذلك!!

 

فإلى الجزء الثاني من المنظومة

لطفي شفيق سعيد

رالي في 18 آب 2017

 

في المثقف اليوم