قراءات نقدية

أشباح الجحيم من البصرة إلى بغداد!

1149 alhelo منذ السطر الأول ستحوّلك رواية "الحلو الهارب إلى مصيره*" إلى شخص يحمل هاجس البحث عن هويّة وطن يلعب أبناء طينه ومائه أدوارا خاطفة للقلب والبصر. لن تدعك الرواية تفكر في تركها جانبًا لعدة أيام أو أشهر عندما تقرأها، فما إن تبدأ بتصفّحها حتى تحوّلك إلى شخص مأخوذ بانهماكات الوعي الذي يبحث في غمار نفوس شخصياتها، حيث لا حياة مطمئنة تنتظرهم جميعًا. أولئك البائسون في نسختها ليست العراقية فحسب بل العربية! لذا أحذرك عزيزي القارئ بأن فخًا ينتظرك. هذا الفخ سيخلصك من حمولة قطار المشاعر. فالسرد والحوارات والتحليل النفسي ستمنحك هويّة جديدة. تسلخك من جلدك وعظامك وهي تدفعك للتساؤل عن تلك الوحشية والجمال والبذاءة والبراءة في آن واحد. كل هذا الدَّسم يكتبه ويقدّمه لك كطبق من القيمر والعسل.( يذكرني بقول هتشكوك حول أفلامه المرعبة: إني اصنع أفلاما كالشوكولاته!) لكن كيف ستهضمه وأنت في مأتم؟ نعم مأتم الأحداث التي ستعيشها مع فصول الرواية، لتسأل نفسك كما وجهت أسئلتي للكاتب:

‏ من كان يبحث عن من؟

‏ مهنّا؟

‏ عبّاس الأعور؟

‏ السيد علي؟

‏ قاسم؟

‏ كواكب؟ زمن؟ لولو؟

‏ فالح أبو الحمامات؟

‏ بائعات الهوى..

‏ عفاف، سلوان؟

‏ جميعهم كانوا خطوطاً في يده، حتى انمحوا جميعًا. كمن يتخلى عن كل شيء ليحصل على لا شيء، وفجأة يجد نفسه قد فقد إيمانه، فلم يعد حالمًا بالأمل أو متذوقًا لنشوة الحمّامات البغدادية!

‏ ترى ماذا تركت الحلو في داخلي؟

‏ " وجه لا يغيب " يعترف الكاتب أنه طلب العون من روحه أثناء كتابته النص بأن تحافظ على طهارتها. وقد طلب مني ألا أحمل هم تلك السطور!

‏ حسنًا . لقد كتب وشطب وحوَّر واختزل وحفر في أعماق الشخصيات. أما بالنسبة لي فمنذ الآن سأعتبره صاحب حرفة تدعى " السحر"!

‏ مثلما يخرج الساحر الأرنب من قبعته فأصدقه وأصفق له!

‏ غير أنه أدخلني إلى هذه القبعة. فصادقت الأرانب والوحوش في غابته السرّيّة.

‏ الحلو الهارب إلى مصيره:

‏ حيوات لبشر لم نرعهم بالاً، لولا أن وحيد غانم لفت أنظارنا إليهم!

‏ • الحلو الهارب إلى مصيره. رواية للكاتب العراقي/ وحيد غانم

‏ • من إصدارات منشورات الجمل 2016

 

 بلقيس الملحم/ شاعرة وقاصة من السعودية

 

 

في المثقف اليوم