قراءات نقدية

المعركة النقدية حول المتنبي في طريقته وشخصيته

شادي مجلي سكرالمقدمة: موضوع هذا البحث هو (المعركة النقدية حول المتنبي في طريقته وشخصيته) وهو موضوع يستهدف ما كتبه النقاد في القديم والحديث حول المتنبي في شخصيته وكتاباته الأدبية وتناول البحث مجموعة من الفصول أولا: المتنبي وحياته، ثانيا: الظواهر اللغوية والنحوية في شعر المتنبي، ثالثا: موقف القدماء وآراء المحدثين من شعره، رابعا: النقد الجمالي بأقسامه (المعاني والألفاظ وبناء القصيدة)، خامسا: النقد البلاغي والعروضي، وسادسا المتنبي والسرقات الأدبية.

ويخضع هذا البحث للمنهج التاريخي التحليلي الذي يربط الفكرة بأختها ويخرج من ذلك إلى تحليل الأثر الأدبي وإبراز عناصره ومن أهم المراجع التي عادت الدارسة اليها: المتنبي في الدراسات الأدبية الحديثة في مصر بجزأيه الأول والثاني والاتجاهات النقدية عند شراح ديوان المتنبي.

المتنبي: حياته، شخصيته، وأهم أعماله

هو أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي وزاد بعضهم الحسين بن عبد الصمد وحذف بعضهم الحسن الكوفي الكندي الجعفي الملقب بأبي الطيب .

ولد بالكوفة سنة 133 بمحلة تسمى كندة فنسب إليها وهو جعفي القبيلة، وقد اختلف

المؤرخون بنسبه اختلافات متعددة، وتباينت آراؤهم حول أسرته ونشأته، وازداد الخلاف تباينا في العصر الحديث، حيث ظهرت بعض الدراسات الحديثة تنكرأصله العربي وتوضح أسباب الغموض حوله وتردها إلى أمور شتى ودراسات أخرى ترد أصله إلى العرب بجنوب الجزيرة العربية، وتستند إلى بعض الروايات القديمة حول نسبه ودراسات أخرى ترد أصله إلى العلويين، وأول ما ظهر الشك في نسب المتنبي في دراسات المستشرقين عنه، فقد ألف المستشرق الفرنسي بلاشير كتابا ضخما حاول فيه الانتقاص من المتنبي بكل ما أوتي من قوة.

يقول عنه وقد شك في نسبه: " وليس لدينا عن أنساب المتنبي لأبيه معلومات تصعد أبعد من أبيه الحسين، وكان هذا يقول إن أصله من جنوبي الجزيرة العربية، مدعيا الانتساب الى جعفي وهي بطن من سعد العشيرة "(1)

ومنهم أيضا طه حسين الذي ألمح في كتابه (مع المتنبي) أنه لقيط يقول: " هو لا ينسب نفسه إلى رجل، لأنه لا يحفل ولا يريد أن يحفل بالانتساب الى الرجال وانما ينتسب الى الآباء والجدود من غلبه المفاخرون وقهره المنافرون وقطعوا عليه السبل"(2)

وهو بعد هذا يمضي في حديثه عن المتنبي فلا يرى المؤرخين يذكرون من أمر والده شيئا عنه ويقول:" وجائز أن يكون المتنبي عربيا وجائز أن يكون من عرب الجنوب جعفي الأب همداني الأم"(3)

والأهم من ذلك أن المتنبي لم يرث والديه لأنه فقدهما معا في صغره وقد اشتهر المتنبي بالذكاء والكبرياء والشجاعة والطموح ومحب للمغامرات وكان في شعره يعتز بعروبته ويفتخر بنفسه وأفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك اذ جاء بصياغة قوية محكمة وكان شاعرا مبدعا عملاقا غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية فظل باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة واتصل بسيف الدولة الحمداني وظل يمدحه وأصبح من شعراء بلاطه وعاش مكرما مميزا عن غيره،أما عن مقتله فقد هاجم ضبة بن يزيد الأسدي بقصيدة، وفيما كان المتنبي عائدا مع ولده محمد الى الكوفة لقيه فاتك خال ضبة، فتقاتل الفريقان ومات المتنبي بالقرب من بغداد.

الظواهر اللغوية والنحوية في شعر المتنبي وموقف القدماء وآراء المحدثين

لقد بدا أثر البادية في لغة المتنبي وشعره، وما يتبع ذلك عادة من حس وشعور وذوق وملاحظة، حيث يتجلى في كثير من شعره من سمات البادية في ألفاظه ومعانيه وقد كانت نشأته الحضرية بعد رحلته الى البادية، ولذلك جعل بعض الباحثين العجمة أو شبهها، من التكلف في القول، والصناعة في اللفظ، والالتجاء الى الالتواء في الدلاة حدا أدنى لعباراته.

ولقد بقي أثر البادية عميقا في حياته مطبوعا في ذهنه وخياله فكان شعره لا يخلو من هذا الأثر حتى بعد انتقاله الى الحضر .

ويرى النقاد أن في شعر المتنبي طريقة في تقطيع الشعر أي أنه يجيء في البيت بعدة كلمات من وزن واحد:

في شأنه ولسانه وبنانه                 وجنانه عجب لمن يتفقد (4)

أو يقطع شطرة البيت قسمين غير متساويين ويفهم هذا التقطيع عند الانشاد الصحيح ومن ذلك:

مهلا فإن العذل من أسقامه           وترفقا فالسمع من أعضائه (5)

وقد تجلت القوة في متانة الجمل وصلابة الألفاظ وتوخى الحروف الضخمة التي يقتضي لفظها جهدا والتي تقرع الآذان وتستلفت الانتباه وقد جمع المتنبي هذه الصفات السابقة وتمثلت في أدبه ونتاجه على شتى مراحل حياته بالإضافة الى موسيقى الاوزان وكلماته الى جانب استعمالها للدلاة على الفكر فهي تستعمل كذلك للدلاة على الإحساس، اذن فقد تميز المتنبي بالثراء اللغوي وقوة اللفظ وظاهرة شدة السبك في صياغة عباراته وأسلوبه الواضح وجماله وقوته وطرافة أفكاره وصدقها وبحسن التصوير الخيالي وملاءمته وبصدق العاطفة وقوتها.

ويرى الدكتور عبد العزيز الدسوقي أن أبا الطيب المتنبي من أقدر الشعراء العرب قديما وحديثا في عملية التشكيل اللغوي وأن تكون الكلمة مصورة بجرس حروفها للمعنى الذي تدل عليه.

وقد فطن طه حسين في وقت مبكر إلى العلاقة بين موسيقى الشعر والتجربة الفنية وأشار الى قدرة المتنبي على استغلال هذه العلاقة وقدرته على استخدام الحروف والكلمات واستخراج خصائص صوتية وإيحاءات وظلال.

هذا بالإضافة لاستخدامه أسلوب التصغير والذي لا يفيد التحقير والتعظيم والتلميح فحسب بل يفيد ألوانا لا حصر لها من العواطف، وكذلك استعمال الكلمات الغريبة والتي تحتاج الى فهم عميق وترو بالغ اذ ان نفسه تميل لذلك مثل:

إيما لإبقاء على فضله             إيما لتسليم إلى ربه

ويرى ابن رشيق القيرواني "أن المتنبي كان يلجأ الى ذلك عامدا ليدل على كلمة باللغة والبراعة فيها" (6)

واذا كانت اللفظة خشنة مستغربة لا يعلمها العالم المبرز والأعرابي الفتح فتلك وحشية.

وكذلك استعماله لكلمات غير شعرية، ان الحديث عن ظاهرة الغريب يقود أيضا الى الحديث عما يمكن الاصطلاح عليه بالألفاظ غير الشعرية عنده، اذ ان اللغة ليست هي المعاني الواردة في المعاجم وانما جميع ما يحتشد لها من روابط ونغمات مستمدة من جميع أنواع المفهومات والتصورات وقد اتضح أن هذا النوع ينقسم الى قسمين:

1ـ ألفاظ لها قبح في الاستعمال

2ـ ألفاظ لها حسن في الاستعمال

ومن ذلك أيضا عدم الدقة في اختيار الكلمات ومثال ذلك:

أغار من الزجاجة وهي تجري         على شفة الأمير أبي الحسين

وهذه الغيرة انما تكون بين المحب ومحبوبه لا بين الشاعر وممدوحه.

وكذلك استخدام المتنبي لألفاظ المتصوفة وشاراتهم كألفاظ المتكلمين والمتفلسفة وأصحاب المنطق وأهل الجدل في الملل والنحل وغير ذلك.

وقد درس النقاد شعر أبي الطيب المتنبي من ناحية مفرداته وتراكيبه اللغوية ووقفوا عند بعض المآخذ اللغوية التي اعتقدوا أنه أخطأ فيها ومن ذلك ما لاحظوه على المفردات الاتية:

فلقين كل ردينية                 ومصبوحة لبن الشائل

ويقول الحاتمي في ذلك أن الشائل هي الناقة التي شال لبنها وارتفع فكيف خصصها بلبن الشائل مع قلته وارتفاعه وكان الأولى أن يجعلها غزيرة.

ومما أخذه التقاد عليه كلمة (ترنج) في قوله:

شديد البعد من شرب الشمول         ترنج الهند أو طلع النخيل

وكذلك خطّأ النقاد المتنبي في استخدامه كلمة القنوع في قوله:

ليس التعلل بالآمال من أرسى     ولا القنوع بضنك العيش من شيمي

والقنوع خطأ وانما هي القناعة.

وخطّأ النقاد اللغويين المتنبي في استخدامه كلمة (هتن) و(زهت) و(الجائد) و(فاضة) و(ركباتها) .

أما عن الجانب النحوي لا شك في أن دراسة الظواهر النحوية في شعر المتنبي تمثل عنصرا مهما في تركيب شعره وبالتالي بلحظة الابداع عنده.

فمن الظواهر النحوية عند المتنبي استخدام اسم الإشارة بشكل يلفت النظر خاصة (ذا) و(ذي) وقد عاب عليه بعض النقاد هذا .

وكذلك استخدام صيغة التفضيل في شعره خاصة في مطالع القصائد كثرة لا يضاهيه فيه شاعر آخر واستخدامه لأسلوب القصر وأطهر الخصائص في تراكيبه الاكثار من استخدام هذا الأسلوب.

أما المآخذ النحوية وموقف النقاد وآراء المحدثين فكان منها:

1ـ النصب بأن المحذوفة: فقد ورد عن المتنبي أبيات منصوبة بأن المحذوفة دون علة تجيز إضمارها أو توجيه وقد حصرها شراح ديوانه بمجموعة من الأبيات.

2ـ منع المنصرف ضرورة: وقد مضى المتنبي على مذهب الكوفيين في منع صرف المنصرف ضرورة .

3ـ إعمال لا العاملة عمل ليس في المعارف ويمضي أبو الطيب في اتباعه لمذهب الكوفيين أيضا في إعمال (لا) عمل ليس في المعارف.

4ـ حذف حرف النداء.

5ـ حذف نون تكن.

6ـ العطف على ضمير الرفع المتصل.

7ـ نداء ما فيه أل.

8ـ وأخذ النقاد على أبي الطيب المتنبي أنه لا يقال أسود من كذا لأن الألوان لا يبنى منها أفعل التفضيل .

النقد الجمالي في شعره (المعاني ـ الألفاظ ـ بناء القصيدة)

1ـ اهتم بعض شراح ديوان المتنبي القدماء يقضيه العلاقة بين الشعر من جهة والأخلاق والدين من جهة أخرى فقد عدّ ابن جني الجمال الفني فوق الاعتبارات الدينية والأخلاقية مؤيدا ضرورة الفصل بين الشعر والدين وآخرون رأوا أن ذلك من باب المبالغة التي وصلت حد الغلو والإفراط، وهذا مما عرف شعر المتنبي.

ويقول سعيد الأفغاني: "وقد ذكروا له أخلاقا يحمده عليها الدين وهي نعمة المذهب والصدق، وقد كان كما ذكروا لم يؤثر عنه فسوق قط"(7)

وكذلك قضية الزندقة التي تحدث عنها الجرجاني بإيجاز وقد أُّستغرب ممن ينقص أبا الطيب ويغض من شعره لوقوعه على أبيات تدل على فساد العقيدة.

2ـ التعقيد والغموض في الألفاظ: تحدث النقاد عن ظاهرة الغموض والتعقيد في الشعر وقد بينوا أن الغموض قد يكون بسبب تقديم أو تأخير أو حذف أو بسبب غموض في معنى لفظة أو في عدم وضوح دلالات الألفاظ أو قد يكون في المعاني نفسها.

وانقسم النقاد إلى طائفتين (8)

الأولى: رفضت التعقيد في الألفاظ والمعاني من مثل استخدام ألفاظ وحشية غريبة .

الثانية: التي استحسنت الغموض والتعقيد في الشعر الى حد معين فأبو الهلال العسكري رفض من الشعر ما كان سهلا ومعناه مكشوفا ويمده من جملة الرديء أما عن المتنبي فالأبيات الغامضة كما يرى النقاد قد حققت له الشهرة والحضور الدائم له ويرى الثعالبي أن الغموض أحد مراكب المتنبي الخشنة وكذلك رأي الواحدي والخفاجي في ذلك.

3ـ بناء القصيدة: يؤيد النقاد القدامى الوحدة في بناء القصيدة ومنهم الجرجاني والعسكري ودليل ذلك أننا قد نعجب بأبيات من قصائد المتنبي، اذن فشراح ديوان المتنبي القدامى لم يكونوا بعيدين عن الاتجاهات والمقاييس النقدية التي كانت موجودة في تلك الفترة ومنها وحدة البيت بل استوعبوها ولاحظنا تأييدا كاملا لوحدة البيت عندهم نظرية وتطبيقا.

النقد البلاغي والعروضي

وقف شراح ديوان المتنبي القدماء عند الاستعارة في شعره ولم يخرجوا في حديثهم عنها عن القواعد التي وضعها أهل البلاغة والنقد في تلك الفترة ولم يختلف الشراح منذ ابن جني حتى صاحب التبيان في النظرة الى الاستعارة وبالتالي قصروا عما جاء به المتنبي وعدوا الاستعارة مجرد استبدال للكلمات ولم يتعدوا في تعاملهم مع أبيات المتنبي تحديد الاستعارة في البيت الواحد هو ما أراد المتنبي أن يقف عنده؟

لو دققنا في النماذج الكثيرة التي أشار اليها الشراح نجد أنهم وقفوا عند حد الايجاز والبيان للمعنى الجزئي ولم يربطوا هذا الجزء بنفسية الشاعر.

وقد ورد عن المتنبي كما ذكر الشراح الى التشبيه المعكوس للوصول الى أبعد غاية في التصوير ويعني أن يجعل المشبه مشبها به والمشبه به مشبها وسماه ابن جني (غلبة الفروع على الأصول).

وقد وردت الكناية أيضا في شعر المتنبي وكان الشراح يكتفون بالإشارة الى الكنايات دون أن يحاولوا أن يربطوها بالمعنى العام للنص الشعري.

وأشار بعض شراح ديوان المتنبي الى الإشارة في شعره وهي قريبة جدامن معنى الكناية كما ذكر ابن رشيق وأغراض أخرى مثل الالتفات والتتميم والتصدير والتقسيم والتورية والحشو والطباق والجناس وغيرها.

أما النقد العروضي فقد ذكر ابن جني أن المتنبي وقف على الباء في كلمة (رب) وهي في موضع النصب لأجل القافية وكان من حقه أن يقول (ربا) لأن المنصوب المنون أذا وقف عليه أبدل التنوين ألفا ولكنه أجراه مجرى المرفوع والمجرور في إسقاط التنوين في الوقف وخفف الباء أيضا وأرى أن المتنبي في تقييده لهذا البيت لم يخرج عن أصول علم العروض وقواعده والوقوف على القافية جائز عند علماء هذا الفن.

وغيرها من الأمثلة التي وردت في قصائد المتنبي ولاقت نقدا من شراح ديوانه القدامى والمحدثين.

المتنبي والسرقات الأدبية

اعتنى النقاد العرب عناية خاصة بالسرقات الأدبية وتوسعوا فيها، ووصلوا في نهاية هذا الاهتمام الى مقاييس اعتمدوا عليها في الوقوف على شعر الشاعر حتى عد بعض النقاد معرفة السرقة ومصطلحاتها من أهم مقومات النقد والناقد.(9)

ومن أصول السرقات عند القدماء أن الآخذ للمعنى متى ما أجاده بالاختصار ان كان طويلا، أو بالتبسط ان كان صعبا أو بالتوضيح ان كان غامضا فالآخذ أولى ممن ابتدعه أول مرة فإن قصر كان ذلك دليلا على عجزه وتقصيره وسوء طبعه وهو ما أسماه أحمد بدوي بالتوليد وليس بالاختراع.

وأشار القدماء الى السرقة المعيبة وهي عندهم أخذ اللفظ والمعنى فمن أخذ اللفظ والمعنى كليهما أو أخذ بعض المعنى فشوهه أو أخذ المعنى ولم يتفوق على مبتكره بل جاء به دون من سبقه فهو سارق.

ولا ننسى أن نشير الى ما سماه القدماء توارد الخواطر في المعاني فقد تتشابه بين شاعر وآخر فيظن المتلقي أن اللاحق أخذ من السابق فيسرع الى اتهامه بالسرقة وحقيقة الامر انه لم يكن اطلع عليه او سمع به ومن ذلك قول العسكري " وقد يقع للمتأخر معنى سبق اليه المتقدم من غير أن يلم به ولكن كما وقع للأول وقع للآخر"

وقال الأصبهاني أنه قيل للمتنبي: معنى بيتك أخذته من قول الطائي، فأجاب المتنبي: الشعر جادة وربما وقع الحاضر على الحاضر .

وقد أكد ابن رشيق ظاهرة التوارد في الشعر بقوله عن المعنى "حين يسمع الشاعر لغيره فيدور في رأسه ويأتي عليه الزمان الطويل فينسى أنه سمعه قديما "وينفي الجرجاني السرقة في توارد الخواطر ويقول: " أن الشاعر المحدث اذا وافق شعره بعض ما قيل او اجتاز منه بأبعد طرف قيل سُرق بيت فلان وأغار على قول فلان"

لكن مظفر العلوي يخالف من سبقه فهو يعد التوارد سرقة ويرفض ذلك، واني أرى أننا لا نستطيع اتهام المتنبي بالسرقة لأن المعاني مطروحة بالطرقات كما يقول الجاحظ، يستوحيها الشاعر من بيئته التي يشاركه الآخرون فيها والألفاظ ملك للقاص والداني واستطاع المتنبي أن يستوعب المعاني وأن يسخر ثقافته اللغوية لخدمتها فقدم لنا تشكيلا رائعا تسانده في ذلك ثقافة حياتية وتاريخية ودينية وأدبية وقدمها لنا بتشكيل شعري جديد ليدحض كل اتهام له بالسرقة، فكيف للمتنبي أن يسرق؟

الخاتمة

بعدما تناولت هذه الدراسة المتنبي وحياته وأهم الظواهر النحوية واللغوية في شعره

وآراء القدامى والمحدثين ونقدهم لشعره والنقد بأنواعه البلاغي والجمالي والعروض

ووقوف القدامى عند السرقات الأدبية فقد خلصت الدراسة لمجموعة من النتائج:

ـ أن المتنبي ظاهرة لغوية وشعرية بحد ذاتها.

ـ تتجلى القوة والرصانة في ألفاظه وجمالية معانيه الشعرية الساحرة .

ـ لجوء المتنبي للألفاظ الغريبة والتشبيه المعاكس والظواهر البلاغية غير المعتاد عليها ليكون بذلك أعجوبة شعرية فريدة من نوعها.

ـ محاولة البعض اتهام المتنبي بالسرقات الأدبية من خلال مقارنة معاني شعره بمن سبقوه كالطائي وغيره.

ولكن المتنبي بقوة شعره وجماليته دحض في الماضي ويدحض الآن بما خلد من موروث تلك الاتهامات في القديم والحديث .

 

د: شادي مجلي سكر

...........................

قائمة المصادر والمراجع

1ـ الاتجاهات النقدية عند شراح ديوان المتنبي، عدنان عبيدات، ط1، عمان، وزارة الثقافة،2002م

2ـ شرح ديوان المتنبي، الواحدي، ط1، برلين، 1891م

3ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق، ت محمد محي الدين، ط1، دار الجيل، 1981م

4ـ الفن ومذاهبه في الشعر العربي، شوقي ضيف، دار الكتب العلمية – بيروت، 2008 م .

5ـ المتنبي في الدراسات الأدبية الحديثة في مصر، ضيف هلال العتيبي، ج1 ـ ج2، ط1، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر، 2007م

6ـ الوساطة بين المتنبي وخصومه، القاضي الجرجاني

هوامش

1- العتيبي، ضيف هلال، المتنبي في الدراسات الأدبية الحديثة في مصر ج 1 ، ط1 ، ص9 ـ ص14 ، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر، 2007 م .

2- المصدر السابق

3 - المصدر الستبق

4 - ديوان المتنبي

5 - المصدر السابق

6 - ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ت محمد محي الدين، بيروت، ط1، دار الجيل، 1972

7 - عبيدات، عدنان: الاتجاهات النقدية عند شراح ديوان المتنبي.

8 - شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، دار الكتب العلمية – بيروت، 2008 م .

9 - الفن ومذاهبه في الشعر العربي، شوقي ضيف، دار الكتب العلمية – بيروت، 2008 م .

 

في المثقف اليوم