قراءات نقدية

قراءة في ديوان بعد الحلم بلحظة للشاعرة أمل حسن.. شغف الكتابة عبر تراشق الدهشة

سمر محفوض"بعد الحلم بلحظة" للشاعرة الاردنية من أصل فلسطيني أمل حسن- بفارق لحظة بعد الحلم وبغفلة من دهشة العبور بين إجفاله الصحو الناقد ورهافة الحد المسنون للحرف ترشقنا أمل الحسن بالمزيد من حيواتها المضيئة، حسب رولان بارت على النص "يكون متصلاً بالدهشة،وهذا يعني تواصل المتعة الإبداعية بدون انقطاع.. وهو بذلك يدخل ضمن النسق الاجتماعي للذائقة الجمالية، فالدهشة لاتغادر النص من حيث أنها مولد جمالي إبداعي - ضمن هذا تقول الشاعرة في نص خسرتك.. ولكن \ (أحبك)؟!\ بيقين النهر أحبك حين يناغي الحصى\ بتواطؤ الضفاف\ وحين كانت\ وداعة روحك ترتهن صداي.. !\ متعب الصهيل أنت.. أعرف\ كهلة روحك فر فرح مرتجل\ –لكن حسب بارت أيضا "نظرية النص يمكن أن تقترن فقط بممارسة ما للكتابة". وهذا يشير تبعا لبارت أن الكتابة شكل من أشكال التدمير لأنها تقوم بتحويل النص إلى مجموعة رموز تبحث عن اصولها عبر مخيلة المتلقي \ تشظيت.. \ كأنثى حرون.. \ يقدحني هسيس عطش.. \ تضمخ.. \ بنسغ رهاف الجئور.\ في انهمار لهيب يشع التياعا\ عند التصاق الجسد.. \ ص 31 أمل حسن لم تمارس التدمير بل استخدمت، تقنية الاستناد إلى الشغف، في كتابة ثنائيات الشتات بين الأنا الفردية والانا الوطن الهم العام لتبدو أكثر عمقا ودلالة في تفاعلها مع القارئ \ في فزع ماعاد يكتبنا\ يرشفنا.. بحرقة الوجع فينا\ أتلك خرافة تاريخ للحمأ.. ؟\ نرتمي فيه\ كصك غفران\ أم شتات تبعثر من وطن؟!\ فيه نغمس أسى الخليقة\ ص 35 فنفهم من معادلة الاختيار إنه قوي موجع يأتي من القلق كما \ في فزع ماعاد يكتبنا\ مثل الغرق فهو معادل للزمن الذي \ فيه نغمس أسى الخليقة\ حيث وفي هذه الحالة يمكن للنص أيضا أن ينفتح على تشكيلات جديدة من التعبير معيدا بذلك توزيع اللغة عبر الخطوط والتشكيلات ’التمسك بتأكيد الهوية من خلال الحديث عن الروح المرتبطة بذاكرة الوقت -\ أنا نور فاتحة بصدر يسوع.. \ على مسرى دمي رتلت معراجي\ بآيات الغض.!!\ شيدت بروجي لوعد سيأتي\ أقسمت.. \ بحق الشمس.. بحق صوت الرعد\ أنا الفجر والبلد،والجرح المقدس\ حين يثور الحجر\ بوعد يتنامى بحكمة القدر\ ص38 من نص بعنوان قال الفلسطيني – تحاول الشاعرة هنا رسم سيميولوجية الشخصية وبناء الدلالة وذلك باعتمادها على تصورين اثنين:النموذج العملي المباشر \ على مسرى دمي رتلت معراجي\ و اعتبار الشخصية الفلسطينية المصرة على استعادة حقها علامة يجري عليها ما يجري على العلامة\ أنا الفجر والبلد،والجرح المقدس\ اعتماداً على مفردات وسياقات سردية حددت فيها معالم كل عنصر على حدة:\ نهار على كفي يمعن\ بالفتح.. بالزلزلة\ أنا حي يرزق\

1206 قبل الحلم بلحظة امل حسنمن أجل التأكيد والنفي في آنٍ معاً تضيف أمل مفردة الفجر والبلد التي تشي بالولادة ومفردة الجرح المقدس حيث تحيلنا إلى الضحية الإلهية التي حملت خطايا البشر \ صلب المسيح -وبالتالي يمكن الحديث عن مسألة مهمة هنا يمكن استنباطها وهي الخلود \ وأنا النبيل\ أنا الشهيد\ تنتقل آمل في فضاء حيوات شعرية وبمزيد من الأسئلة المعلقة التي تنطوي عليها المجموعة \ ذات صباح\ شهق المطر\ أنجب غواية للذكرى\ حيث المد والجذر يتناوبان في عزلتهما على ايقاع الحب والانتظار \ يعتاش عليها الحرف\ عند غروب الزهر\ وكسوف المحبرة!\ ص 45 من نص غروب

في حركة متأنية لمن تملكه الذهول بعد الحلم بلحظة

تتهادى الشاعرة مثقلة بمكنونات حلمها الذي لايشبه الأحلام\ تفيأ مهجة رسمي.. واسمي\ ليشهد لحظك\ أخر الطوفان\ ص46من نص شفاعة الظل- عالما يتشكل من أثر انعكاس اضطرابات صحو لم يكن له أن يدوم سوى لحظة، بعد الخروج من زهو التخيل\ بشهقة واحدة لأنوء بك\ بسدرة للمنتهى.\ ص 47- ولعل مجموعة (بعد الحلم بلحظة) محاولة إعادة خلق الأمل ضمن المشهدية اليائسة لعالم مشغول بكوابيسه الأخطبوطية مذكرة إيانا بالفرح و الغموض الذي يتأتى يهدوء يرافق القلب العاشق \ كفاك تزنر تنويني\ وصهيل القبل برعد يرويني\ ص 51-وهو ليس حدثا بقدر ما هو تشظي لفراغ الحدث \ تغريدة توشم ذاتي.. \ بتراتيل أوراد الوجد\ اكتمال هديل في دمي أغنية\ اشتعال شواطئ التسبيح\ مذ صرت’أيهذا الحب، ولي أمرنا\ ص 52تسعى امل حسن من خلال رصد لحظة التماهي الكلي بالتفاصيل من خلال العبور للجسد كرمز وفعل \ بسؤال الرجفة\ فالنهر يمضي.. \ وبباب خاصرة يعاند المسافة\ ص 64- تفتش شاعرتنا ’عن زمنها الخاص للتعبير وهذا هو المجال الحيوي للسردية التفصيلة الشعرية في ديوان "بعد الحلم بلحظة" في سياق البحث عن الحقيقة العميقة / علام تغتسل ياشجري؟ / ولم ترتكب ذنبا أو خطيئة!! ص 69 -تغدو للكلمات مختلف الإيحاءات والإيماءات الحسية والعاطفية المتجاوبة مع معانيها لفظة.. لفظة وإيقاعا بعد إيقاع.. سياقاً ومعنى \ بحفيف الذكريات الملم رسمك.. \ واجول.. \ بتعويذة اسمك\ سهد الموال يهدهدني\ ص 72-لم تنتسب أمل إلى حدث أو نمط وإنما تنتمي للترقب\ أقتفي مدادك في لحظ الصور \ ناسكة بتنهيدة الستائر وروح الأثر\ ص 78- بين جمل مكثفة وأخرى تفصيلية، ببساطة،لان المقاربة بين وضع ونقيضه يحتاج التفصيل\ محفوفا بأناقة الحيلة،في تبنى الطيبة\ لتقضم من البحر مايروض الغنيمة لك!!\ ص 93-

لافتة لان الحب في هذا العصر الملتبس تجربة فريدة تبحث عن توق يؤرخ سيرته الشخصية \ كان ممكنا.. أن تهديني ورقة بيضاء\ لأملأها بهواجسنا المتعبة!!\ ص 88

وإذا كان إلحاح التأملات عند أمل وخلافا للأحلام والتي يؤسس لها العنوان لم تترك لنا الشاعرة متسعا لترقب السياقات الشعرية بحرية الحركة التي يمتلكها الحلم والخروج عن المسارات والوقائع كما يفترض به كحلم بل أخذتنا الى الصحو الملتبس بعد الحلم بلحظة بحيث تشير ان لا انفلات للحدث في اضطراب المكان او الزمن الشعري\ وكل هذا الموت –الذي نعيش-\ أصله\ بندقية صياد!!\ ص 89-قد يعيدنا الموقف إلى العلاقة بين ماحدث وما لم يحدث بعد \ \ بشراهة تحف جوف المبتدأ\ تعتصر غروب الضلوع،مناجاة لك\ ليحصد يباب الشوق منجل الوقت!!\ فضحكة الهلال مؤجلة للآخر الشهر\ ص 90- ليس إسرافا بالمجاز لكنه الانحياز الى بناء العلاقات اللغوية والنزوع الأليف نحو دلالات الكتابة \ لآية الفطرة والريبة المعشبة.. \ بمبتدأ انعتاقي.. وبحظوة تعاويذي\ يا لدلال التوبة عن التوبة\ في عصف سلوتي.. \ ص 97-في نصوص أمل حسن ترسيخ لأنوثة اللفظ تخط مدارا لدهشة لا اختبار واعي لها فقط،بل مصر أيضا على وعيه \ كمترف بالخطايا.. \ تمارس حياتك المحزونة\ عن طيب خاطر وإصرار\ ص 197- ان التعامل مع صورة شعرية محددة أو مجموع صورفي مجموعة"بعد الحلم بلحظة" يأخذك إلى شيء مختلف تماما عن اليقظة والحلم بل إلى الانعتاق وهنا مركز الحساسية والدقة فنحن لا يمكن أن نكون يقينا ثابتا ولا نجد أنفسنا أمام نص مألوف ومتوقع وليس على ملامح النص المجازي بل اعتمدت أمل التداعي الحر للرؤى حيث تتدفق الصور بسلاسة الوعي الإبداعي بغير ما اقسار أو انحياز أو تضاد ومغالاة في تحميل النص أكثر مما يحتمل ودون اللجوء إلى تأويلات إضافية\ ضحكتك.. \ ضحكتك حواري التراتيل!!\ ص 115

يتجلى النص النثري عند الصديقة الشاعرة أمل حسن بكثير من البناء الضمني المتصالح مع أنماطه لان هدف المفردة هو رسم الجمال و"الجمال هو التجلي الحسي للفكر" حسب مفهوم هيغل والإبداع عموما هو ترجمة لناموس الأشياء بجعل المعنى عاشقا لكشف أستار الغفلة ليبدو التجلي في أعلى حالاته لأنه يعيد تشكيل فهم وجوده المطمئن وإعادة ترتيب عناصره في لحظة التحول التي لا تتوقف ولا تستقر بل تقدم روحها ببساطة وبدون تزيين \ أتيك.. \ بدفء التمني\ أنا المضمخة بالبرد!\ ص 119 في الديوان موضوع القراءة مجموعة احتمالات أتت في صور قابلة لتحقيق في تعرية الدلالة اللفظية وإلحاحها للخروج من القالب إلى حرية الأبعاد وقد أطلقتها في داخلك لحظة الملامسة الأولى للكتابة بمنطقة الضوء من مشاهدتنا البصرية\ أراقصك.. بتحنان\ ذوبانا كقطعة سكر\ أناديك.. \ بملء كل ذؤابة فيك\ فهلم.. \ ص 135-.

يبق ان اقول ومن من منطلق القراءة بعين الناقد أن المجموعة اعتمدت على التأويلات المكررة وهذا مرده لأنها التجربة الأولى بالنشر وهي تحمل إرهاصات الانكشاف المقلق كنت أتمنى لو تركت مخيلتها تجول بحرية أكثر لتطابق فضاءتها الواسعة لكن من المؤكد أن ساحة التعبير الداخلية في ديوان "بعد الحلم بلحظة" تتسم بالشساعة والتي تعتبر تلخيصاً لخصوبة تجربه مصرة على أن تكون منصة انطلاق نحو تجربة أعمق وأكثر تكثيفا ...

 

بقع الديوان في 165 صفحة من القطع المتوسط

ويحتوي على 68 نصا،

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر-بيروت.

 

سمر محفوض - سورية

 

 

في المثقف اليوم